يلجأ إليه المهاجرون بدلاً من الطريق البحري لأنّه أرخص

الطريق البلغاري.. الداخل مفقود والخارج مولود

■ لاجئون من سوريا والعراق وأفغانستان يصلون إلى مركز تسجيل على الحدود البلغارية الصربية | إي.بي.إيه

ت + ت - الحجم الطبيعي

كانت الساعة تجاوزت منتصف الليل بقليل عند وصولهم إلى مركز التسجيل في ديميتروفغراد على حدود صربيا الشرقية مع بلغاريا.

يشعر الرجال الأفغان الـ 17 بإرهاق شديد بعد المشي لمدة سبع ساعات فوق الجبل، الذي يشكل الحدود بين بلغاريا وصربيا. وتغطي الخدوش وجوههم وأيديهم وسواعدهم، وقد احمرت عيونهم من شدة الإرهاق.

واختار جميع المهاجرين واللاجئين الوافدين إلى ديميتروفغراد الطريق البري عبر تركيا وبلغاريا، بدلاً من الطريق البحري الأكثر تكلفة إلى اليونان. ومن المرجح أن يُستخدم هذا الطريق بشكل متزايد لأنه يُحظر على المهاجرين من غير السوريين والأفغان والعراقيين دخول مقدونيا من اليونان. ولكن مع فرض المزيد من الضوابط من قبل شرطة الحدود التركية والبلغارية، توجد العديد من التقارير التي تتحدث عن وحشية الشرطة. إنه خيار تصاحبه المخاطر الخاصة به.

«لا توجد سوى طرق خطرة للوصول إلى هنا»، كما يقول شفيع الله مظفر، وهو مهندس كهربائي يبلغ من العمر 23 عاماً من ولاية وردك الأفغانية، بالقرب من كابول.

ودفع للمهربين ثمانية آلاف دولار مقابل نقله من أفغانستان إلى صربيا، بعد أن بدأت حركة طالبان تهدد عائلته بسبب عمله لدى شركة أجنبية. ولكن الشرطة البلغارية ألقت القبض عليه هو وجماعته وقضى ما يقرب من أسبوع قيد الاحتجاز قبل نقله إلى مركز استقبال اللاجئين في صوفيا، عاصمة بلغاريا.

محاولة ومحاولة

لم يتمكن حمزة ستانيكزاي البالغ من العمر 19 عاماً، وهو أيضاً من أفغانستان، من دخول بلغاريا إلا في محاولته الثالثة. في أول مرتين، اعتقلته شرطة الحدود البلغارية وأعادته إلى تركيا. ويقول إن الشرطة البلغارية أطلقت طلقات تحذيرية وأرسلت بعض الكلاب لمطاردته هو وجماعته. وبعد القبض عليهم، تعرضوا للضرب بفروع الأشجار، ثم أُمروا بخلع ستراتهم وأحزمتهم وسراويلهم. ويبين ستانيكزاي كيف قطعوا درز سترته للعثور على المال الذي كان يخبئه بداخلها. «أخذوا 300 يورو، وهو كل المال الذي تبقى معي، وهاتفي الخلوي»، كما أفاد.

ضرب وابتزاز

وذكرت منظمات حقوقية عدة، من بينها منظمة العفو الدولية ومركز بلغراد لحقوق الإنسان، أن المهاجرين واللاجئين أدلوا بشهادات في الآونة الأخيرة عن الضرب والابتزاز والاعتقال التعسفي الذي تعرضوا له على أيدي الشرطة البلغارية. ويقول علي رازغي، وهو متطوع يعمل داخل مركز التسجيل في ديميتروفغراد، أنه سمع أيضاً العديد من القصص المماثلة لقصة ستانيكزاي.

تأخذ الشرطة الصربية بصمات المهاجرين وصورهم وبياناتهم الشخصية، ومن ثم تعطيهم وثيقة تمنحهم الحق في البقاء في صربيا لمدة 72 ساعة قبل طلب اللجوء. ولكن لا يخطط أي منهم للبقاء هناك. إنهم جميعاً يقولون إنهم سيتوجهون إلى حدود صربيا مع كرواتيا، ومن ثم سيواصلون رحلتهم شمالاً إلى النمسا أو ألمانيا أو السويد. ولا يميز الحدود سوى صخرة بيضاء هرمية الشكل. مكتوب على أحد جانبيها «RB» أي جمهورية بلغاريا، وعلى الجانب الآخر «RS» أي جمهورية صربيا.

أجرة كبيرة لرحلة قصيرة

امرأة سورية تصل في سيارة أجرة مع لاجئين سوريين آخرين إلى مركز التسجيل في ديميتروفغراد. في كثير من الأحيان، يلتقط سائقو سيارات الأجرة المهاجرين الذين يصلون على مشارف البلدة أو إلى القرى المجاورة، ويتقاضون منهم مبالغ باهظة مقابل رحلة قصيرة، وفقاً للناشطين الموجودين على الأرض. إذ يتقاضى سائقو سيارات الأجرة 500 يورو لنقل حمولة سيارة من اللاجئين من القرى القريبة من الحدود البلغارية إلى بلغراد أو الحدود الكرواتية. أما أولئك الذين لا يستطيعون دفع هذا السعر، فلديهم الحافلات التي تغادر من مركز التسجيل وتتقاضى 30 يورو مقابل الرحلة إلى بلغراد. ولا يزال هذا يمثل ضعف سعر تذكرة الحافلات والقطارات المنتظمة إلى العاصمة. وتصدر تعليمات إلى السائقين بالانتظار حتى تمتلئ الحافلات قبل المغادرة. ونتيجة لذلك، لا يزال الرجال الأفغان الذين وصلوا إلى مركز التسجيل بعد منتصف الليل ينتظرون مغادرة الحافلة بعد مرور 14 ساعة.

أوجاع وإصابات

في حاوية تُستخدم كعيادة طبية من قبل التحالف الدولي للصحة والمرأة (WAHA)، يقول الممارس العام ميسا تاسكوف أنه يعالج الكدمات وعضات الكلاب، ولكنه لا يستطيع تأكيد هوية المسؤول عن هذه الإصابات. وفي معظم الحالات، يعالج اللاجئون من الإصابات التي لحقت بهم نتيجة المشي لمسافات طويلة عبر الغابات، مثل التواء الكاحل والجروح، وكذلك نزلات البرد والحمى والإسهال.

ينشر في «البيان» بترتيب خاص مع وكالة الأنباء الإنسانية (إيرين)

Email