يبدو أن أول 100 يوم لتولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم تسركما يشتهي الرجل حيث كثير من تعهداته لم تجد طريقها بعد،بداية من إقالة مستشار الأمن القومي بسبب علاقاته مع روسيا خلال الأسبوع الأول من حكمه.

ومن ثم قراره التنفيذي بمنع دخول مواطني سبع دول النسخة الأولى والثانية، إلى فشله حتى في طرح قانون التأمين الصحي للتصويت.

والذي يعتبر حجر الأساس لمشروعه في إصلاح وتحسين النظام الضريبي.مع ذلك فإن اكبر انجازات ترامب نجاحه في إخماد لهيب الاحتجاجات ضده، ومع انتهاء المائة يوم أعلن عن طرح مشروع قانون لإصلاح النظام الضريبي في البلاد، الذي يقلص الضرائب المفروضة على الشركات العابرة للقارات والكبيرة والمتوسطة ما بين 15-35 في المئة، وهو ما يعتبره ترامب محفزاً للاقتصاد الأميركي، و خطوة مهمة لإعادة الاستثمارات الخارجية إلى داخل البلاد.

التناقض

روبرت داليك المؤرخ الرئاسي يقول، إنه قد لايكون مفهوم المئة يوم ذي مغزى ولكن الرئيس دونالد ترامب استثمر الكثير في الحصول على تقييم إيجابي لأدائه خلال المئة يوم الأولى. «كما هو الحال مع الكثير من الأمور الأخرى فإن الثابت الوحيد خلال 100 يوم، هو عدم الاستمرارية والتناقض.

ففي لحظة يقول ترامب إن ما حصل خلال 100 يوم هي الأفضل في تاريخ أميركا، وفي لحظة أخرى يرفض فكرة قياس أداء الرئيس خلال 100 يوم» . صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أوضحت أن ترامب لم يكن على نفس المستوى لسابقيه، حيث إن حصيلة إنجازاته كانت أقل بالمقارنة مع إنجازات رؤساء البلاد السابقين في الفترة نفسها.

وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب يبدو فخوراً ومولعاً بأول 100 يوم له في سدة الحكم، وأنه يرى أنه لم يسبقه أي رئيس أميركي من حيث الإنجازات في هذه الفترة القصيرة. لكنها قالت إن تصريحات الرئيس ترامب بهذا الشأن تعتبر غير دقيقة، وإن تاريخ بعض الرؤساء الأميركيين السابقين -من أمثال فرانكلين روزفلت أو ليندون جونسون- تشير إلى إنجازات كبيرة مع بداية فترة الرئاسة.

وأشارت الصحيفة إلى أن روزفلت تسلم زمام الأمور في فترة كانت فيها أزمة الكساد الاقتصادي الكبير على أشدها، لكنه تمكن من إنقاذ النظام المصرفي عبر اعتماده مشروع قانون في أول مئة يوم من الرئاسة عام 1933.

وأضافت الصحيفة أن الرئيس روزفلت تمكن -من خلال إنجازاته المتعلقة بإصلاح الاقتصاد وتنظيمه- من توظيف آلاف الشباب، وأن المشاريع المختلفة استوعبت ثلاثة ملايين أميركي في نهاية المطاف.

جزء من قصة

جوناثان التر مؤلف كتاب «لحظة التحديد:مئة يوم وانتصار الأمل» وهو يرصد أول ظهور لمفهوم 100 يوم خلال عهد الرئيس روزفلت، يقول إن ترامب لم يقترب ولو قليلا من انجازات أي رئيس منذ روزفلت، وأن المئة يوم الأولى ليست سوى جزء من القصة. و

أضاف التر «لا أعتقد أن 100 يوم الأولى مهمة بحد ذاتها، فالسنة الأولى في غاية الأهمية، وأول 100 يوم تحدد مسار العام الأول في الحكم» . الناطق باسم البيت الأبيض شون سبيسر قال «إننا نشعر بالفخر لما تمكنا من تحقيقه والوفاء بالوعود التي قطعها الرئيس خلال حملته الانتخابية،» .

وأضاف سبيسر «أعتقد أنه يجب أن نبقى في السياق، السياق هو هل 100 يوم هي المقياس، وانت مازال أمامك أربع سنوات في ولايتك الأولى وثماني سنوات في ولايتين» .

ديفيد هورسي الصحافي في صحيفة "لوس انجليس تايمز" يقول، ربما من أكبر إنجازات ترامب في 100 يوم له، هو قدرته على جذب الاهتمام الدائم داخل وخارج الولايات المتحدة.

تحديد الهدف

في السياسة الخارجية يقول آرون ديفيد ميلر الدبلوماسي السابق والباحث البارز في معهد وودرو ويلسون الدولي للباحثين، خلال100 يوم شعرنا فيها أن الإدارة الحالية تبدو غيرقادرة على تحديد هدفها.

غياب التنسيق

ويؤكد ميلر أن تدخل الرئيس في كل تفاصيل صنع القرار، والذي يتم أساساً بدون تنسيق. إضافة إلى الساعات التي يقضيها في مجاله الإلكتروني، الأمر الذي يجعل الأصدقاء والحلفاء يشعرون بنوع من الارتباك بشأن السياسات والنوايا الأميركية. وهذا يضر بالمصداقية والقيادة والتأثير الأميركي.

ثانيا، هناك أصوات عالية تجاه قضايا معينة، وأحيانا أخرى لاتسمع صوتاً. ولاسيما السياسة الأميركية تجاه سوريا، السلام الفلسطيني-الإسرائيلي، كوريا الشمالية. الرئيس وفريق سياسته الخارجية لديهم تباين في مواقفهم تجاه قضايا متعددة. مثلا الموضوع السوري، تقول سفيرة أميركا لدى الأمم المتحدة إنه لايمكن تحقيق السلام في ظل وجود الرئيس السوري بشار الأسد.

وفي نفس اليوم يقول وزير الخارجية ريك تيلرسون إن مصير الأسد يقرره الشعب السوري. هذا الخطاب الملتبس يزيد الشكوك حول من يمثل السياسة الخارجية الأميركية.كما أن فشل وزير الخارجية تيلرسون في توضيح الخطوط العامة للسياسة الخارجية، مشكلة رئيسية، لأنه على الدول الأخرى أن تخمن ما هي الخطط والنوايا الأميركية.

ثالثا، التنسيق الفعال للسياسات وتنفيذها كان مفقوداً إلى حد كبير، ويرجع ذلك إلى عدم ملء الشواغر المهمة في وزارتي الخارجية والدفاع، الوزراء بدون مساعدين ووكلاء وزارة، وهؤلاء لديهم دور مهم في تقديم الأفكار وتصور التوجهات الاستراتيجية والسياسية للإدارة.

رابعاً، جميع الإدارات ترغب في مركزية القرار والسيطرة على قضايا السياسة الخارجية الحساسة، وإبقائها داخل جدران البيت الأبيض.

ولكن هذا يحدث عادة ضمن عملية منظمة لصنع القرارداخل دوائر وهيئات الإدارة، من خلال الاجتماعات واللقاءات والأوراق المقدمة. خلال ١٠٠ يوم لم نشهد حصول مثل هذا، بدلا من ذلك هناك نوع من الارتجالية للكثير من قرارات إدارة ترامب.

إضافة إلى العديد من القضايا الرئيسية في السياسة الخارجية تتركز في يد رجل واحد، هو صهر الرئيس جاريد كوشنر، وهذا عبء لا يمكن أن يقوده شخص يفتقر إلى الخبرة في العمل السياسي.

وينهي ميلر نقده للسياسة الخارجية بالقول، «مع مرور الوقت قد يتحسن الوضع عندما يبدأ الرئيس باستيعاب أهمية الأفراد، العمل السياسي، والخبرة في أداء سياسي فعال. بدون هؤلاء سيكون هناك المزيد من العقبات لأن ترامب، سيبقى ترامب المتسرع ».

إنجازات داخلية

داخلياً، يمكن القول إن إنجاز ترامب هو تعيين قاضي المحكمة الدستورية العليا، والذي تم باستخدام «الخيار النووي» والذي يعد سابقة في تعيين قاض لأعلى محكمة دستورية في البلاد.

ولكنه فشل مثلا في توفير الميزانية الكافية لبناء الجدار مع المكسيك. وربما لسوء حظ ترامب فإن اليوم المائة يتوافق مع اليوم الذي يجب أن يصوت فيه الكونغرس من أجل تمرير الميزانية، وإلا فإن الحكومة الفيدرالية ستتوقف عن العمل.

ولعل أهم ما أنجزه ترامب بعيدا عن إنجازات حكومته، هو توقف الأصوات المنادية بعزل الرجل، بسبب التدخل الروسي وعلاقات بعض من أعضاء حملته مع الروس. بالرغم من استمرار الإعلام والطبقة السياسية في طرح التدخل الروسي، وزاد الحديث مؤخراً احتمال تقديم مستشاره المقال مايكل فلين للمحاكمة بسبب عدم الإفصاح عن تلقيه أموالاً من جهات أجنبية.

26

وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ توليه الرئاسة وقع على ٢٦ قراراً تنفيذياً وهو بذلك تفوق على الرؤساء الذين سبقوه في عدد القرارات التنفيذية وهوأيضا وقع على ما مجموعه ٢٨ قانوناً بمرسوم رئاسي متفوقاً على أي رئيس خلال السبعين عاماً الماضية. ولعل المتتبع لهذه القوانين يدرك أن الهدف من هذه القوانين الرئاسية هو إلغاء كل القوانين التي أقرها الرئيس السابق باراك أوباما.