يستعد قادة الجيش الأميركي في العراق للطلب من الرئيس الأميركي باراك أوباما الشيء الوحيد الذي يقاوم الخضوع له أكثر من أي شيء آخر، في الأشهر الأخيرة المتبقية له في الحكم، وهو نشر المئات من الجنود الأميركيين الإضافيين.
ويستعد القادة العسكريون الذين يوجهون العمليات ضد الإرهاب لطلب المزيد من الجنود والمعدات، التي يشعرون بالحاجة إليها لتعزيز وتسريع تقدمهم باتجاه إلحاق الهزيمة بتنظيم «داعش».
لم يجر التقدم بهذه المقترحات إلى البيت الأبيض بشكل رسمي بعد للموافقة عليها، حيث سيتم فحصها من جانب قادة البنتاغون أولاً.
واستنادا إلى العديد من كبار قادة الجيش والمسؤولين في الكونغرس والإدارة، فإن قادة الجيش على الأرض، بما في ذلك قائد قوات التحالف في العراق الجنرال شين ماكفارلاند، يشعرون بالإحباط، جراء ما رأوه من سقف تعسفي تم وضعه من قبل البيت الأبيض على أعداد الجنود، والمسار المثبط للعزائم الذي يعترض الطلب بشكل مباشر لما يحتاجون إليه.
قطع الطريق
يقول الجنرال المتقاعد جاك كين، النائب السابق لرئيس هيئة أركان الجيش، إن ماكفرلاند وغيره من الجنرالات على الأرض بحاجة إلى المزيد من التحكم الجوي التكتيكي والمستشارين المنخرطين في وحدات أقرب من القتال، لكنهم لم يطلبوا رسميا مئات إضافية من الجنود بسبب الضغوط التي يمارسها رؤساؤهم، مضيفاً:
«يعلمون بما ينبغي عدم المطالبة به لأنه لن يحصل، ويجري قطع الطريق أمامهم لأن البيت الأبيض لن يوافق عليه. ومستوى الإحباط بسبب ذلك كان فوق الطبيعي».
وقد قام البيت الأبيض تدريجياً برفع السقف على عدد القوات الأميركية في العراق منذ بدء الحرب على تنظيم «داعش». ورسمياً، ثمة أقل من 4100 جندي أميركي منتشرين هناك. لكن قادة عسكريين ومسؤولين في الكونغرس قالوا إن 900 جندي أميركي إضافي في العراق لا يجري احتسابهم ضمن الأرقام الرسمية لأنهم قوات عمليات خاصة لا يعترف بهم غالباً، ويجري نشرهم بناء على تعريف للمهمة كواجب مؤقت، كطريقة للمراوغة في الإحصاءات.
وقال نائب رئيس أركان الجيش الأميركي الجنرال دانيال بي الين إن السقف الموضوع من قبل البيت الأبيض على أعداد الجنود في العراق أجبر الجيش على تفكيك الوحدات وإلحاق القوات المنتشرة هناك بمتعاقدين، الأمر الذي من شأنه أن يضر بعمليات الجيش ويزيد التكاليف. وعدد المتعاقدين الأميركيين الذين يدعمون الجيش في العراق غير معروف، لكنه يقدر بالألوف.
ويقول الين إن الجنرالات يقومون الآن بإعداد طلبات مفصلة لما يعتقدون أنه ضروري في حال تطلب التقدم العسكري في العراق من الولايات المتحدة مساعدة القوات العراقية لحصار الموصل واستعادتها في النهاية.
وكان قادة الجيش المعنيون بالمهمة يقولون أيضا للمشرعين وأعضاء الكونغرس وراء أبواب مغلقة إنهم بحاجة إلى المزيد من القوات عاجلاً وليس آجلاً، أخذاً في الاعتبار الفارق الزمني بين تقديم الطلب ومتى يصبح بإمكان تلك القوات المساهمة في القتال.
جس النبض
يسأل رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب: «هل يستطيع جنرالات الجيش طلب زيادة في مستوى أعداد القوات؟ فيجيب بـ»نعم، لكن قبل ذلك يعود جس النبض إلى لجنة الأمن القومي للكشف عما سيكون عليه رد الفعل. وهم واعون لواقع أن البيت الأبيض يريد إبقاء الأعداد في حدودها الدنيا«.
يقول ديريك تشولت، المسؤول السابق في إدارة أوباما وفي البنتاغون:»المزيد من كل شيء لا يعتبر استراتيجية، ففي كل حملة عسكرية في التاريخ، أراد العسكر المزيد دوماً«.
ويقول الجنرال المتقاعد جيمس دوبك الذي أشرف على تدريب القوات العراقية خلال الفترة 2007 و2008 إنه حتى لو حصل الجيش على القوات الإضافية التي يريدها، فإن»داعش«لن يهزم أبدا إلى أن تلتزم الولايات المتحدة بانخراط دبلوماسي وسياسي أكبر، لدعم الدولة العراقية وتأمين استقرار طويل الأمد.
ويضيف:»إخراج داعش من العراق لن يهزم التنظيم، وسوف يعود«.
بالنسبة لمنتقدي السياسة العراقية لإدارة أوباما، يشكل تردد البيت الأبيض في الموافقة على زيادة القوات والموارد لقتال»داعش«مثالاً آخر لعزم الرئيس بناء إرثه على إنهائه حربين بدأهما سلفه، وإخراج الولايات المتحدة من الصراعات الدموية للشرق الأوسط.
فإذا قرر أوباما عدم تلبية رغبة الجنرالات بزيادة الموارد في العراق، فإنه قد يحافظ على إرثه الشخصي بإبقاء مستوى أعداد القوات منخفض، لكن ذلك سيأتي على حساب العراقيين وأمن الولايات المتحدة، ويكون بذلك قد مرر تلك القرارات الصعبة إلى خلفه.
مخاطر
يقال إن وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر ورئيس هيئة أركان الجيوش المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد جونيور كانا متعاطفين مع طلب مزيد من الموارد في العراق، لكنهما كانا حذرين أيضا في الضغط على البيت الأبيض لدرجة تتجاوز ما يعتبر مريحاً بالنسبة له.
ويقول أحد مسؤولي الإدارة الكبار إن الشعور بالإلحاح لمواصلة الحرب يأتي مباشرة من الرئيس، لكن زيادة كبيرة في عدد القوات الأميركية في العراق تحمل في طياتها مخاطر سياسية للحكومة العراقية.