وقع في مسقط في الأول من مايو 1999 اتفاقية لتحديد وترسيم الحدود في القطاع الحدودي المشترك بين كل من السلطنة ودولة الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية , ووقعها السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان وصاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات, وفي الثاني من مايو تم توقيع ــ في ولاية صحار العمانية ــ ملاحق الاتفاقية بشأن تحديد وتنظيم الاجراءات التنفيذية لتطبيق الاتفاقية فيما يتعلق بالسلطات المخولة لكل جانب والمنشآت الخاصة بكل طرف على امتداد القطاع الحدودي الممتد من نقطة أم الزمول الى شرق العقيدات في المنطقة المشتركة مع السعودية. وهو ما يمثل خطوة على طريق استكمال ترسيم وتحديد الحدود بين الدولتين في بقية القطاعات والذي يمثل انجازا تاريخيا بكل المقاييس وخطوة لتعميق العلاقات بين البلدين الشقيقين. وتشكل النزاعات الحدودية في منطقة الخليج مصدر خطر وقلقا دائما حتى وان تمكنت دول مجلس التعاون من الفصل بين تعاونها السياسي والاقتصادي والاجتماعي وبين الخلافات الحدودية القديمة والمدفونة تحت الرمال. ولم تشهد أي قضية حدودية حلا داخل أروقة المجلس أو خلال القمم الدورية التي يعقدها قادته, وبقيت المفاوضات الثنائية والوساطات هي الوسيلة المفضلة للتوصل الى الاتفاقيات الحدودية بينما اختارت قطر اللجوء في حل صراعها الحدودي مع البحرين الى محكمة العدل الدولية. والاتفاقية الحدودية التي وقعت بين الامارات وعمان واحدة من سلسلة اتفاقيات أبرمتها الامارات مع شقيقاتها من دول مجلس التعاون. ويؤكد الخبراء ان الامارات حرصت دوما على ان يكون التفاهم سبيلها لحل النزاعات داخل دول المجلس بالطرق السلمية وتمثل هذه الاتفاقية استكمالا للاتفاقيات السابقة بين الدولتين. ويشير البيان الصادر عن الاتفاقية بوضوح الى وجود قطاعات اخرى تحتاج الى تحديد وتخطيط بين اقليمي الدولتين, كما تؤكد اتفاقية (صحار) ان الامارات وسلطنة عمان عازمتان على التوصل الى اتفاقيات حدودية بهدوء تفاديا لأية أبعاد سياسية وأمنية خاصة وان سلطنة عمان ترتبط بحدود مشتركة مع معظم الامارات السبع المكونة لاتحاد الامارات. وتشهد منطقة الخليج والجزيرة العربية سبعة نزاعات حدودية بين دولها من بين عدة نزاعات في المنطقة العربية بأسرها. كما توجد خلافات حدودية بين الدول الخليجية وايران, وأشهر هذه النزاعات هو المتعلق بجزر الامارات الثلاث المحتلة, طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى التي تحتلها ايران منذ عام 1971. ولا يمكن النظر الى قضايا الحدود في منطقة الخليج في اطارها الجغرافي فحسب, بل انها تتصاعد احيانا حول شرعية الوجود والصراع على الموارد وشكل العلاقة مع الدول المجاورة. والملفت للنظر في الاتفاقية هو الاعلان مباشرة عن بدء التنفيذ فور التوقيع, وبدء مباحثات الاتفاق على المراحل الاخرى لتحديد الحدود بين السلطنة وباقي امارات دولة الامارات. ويمثل الجزء الذي تم التوقيع على اتفاقه 330 كلم من أصل حوالي ألف كيلومتر على طول الحدود بين الدولتين. كما ان الاتفاقية الموقعة بين رئيس الدولة وسلطان عمان تعتبر اتفاقية اطارية تنطبق على المناطق الاخرى من الحدود. وأكد مسؤول عماني انه تم الاتفاق على ان يكون القطاع الحدودي 50 مترا يمكن تقليصه الى خمسة أمتار اذا كان الأمر يضر بمصالح المواطنين. كما أكد ان الاتفاق يشمل ايضا التعاون بين الامارات وسلطنة عمان في مكافحة التسلل وتهريب المخدرات, مؤكدا ان التعاون بين الجانبين في هذا المجال قائم منذ فترة وهو تعاون مثمر وله نتائج ايجابية, وأضاف: ان الارقام المتوفرة تؤكد ان الجهود الخاصة لمكافحة التسلل وتهريب المخدرات أعطت ثمارها وحدّت من هذه الظاهرة. وتشكل عمليات تهريب المخدرات وتسلل العمالة الوافدة الى الامارات باتباع الطرق الجبلية الوعرة التي تربطها بسلطنة عمان أحد الهواجس الامنية للامارات. وذكرت مصادر عمانية ان تنفيذ الاتفاق سيركز على اعادة تحديث نقاط الحدود وعلاماتها والبالغ عددها 1080 نقطة وعلامة حاليا, وأكدت ان الاتفاق وتنفيذه لن يلحق اضرارا بمصالح المواطنين على طرفي الحدود في البلدين. ان النزاعات الحدودية اضافة لكونها من بقايا الاستعمار, الا انها تأتي نتيجة الطبيعة القبلية والتركيبة الاجتماعية في منطقة من أكثر مناطق العالم أهمية بالنظر الى ثرواتها النفطية. ومن أشهر النزاعات الحدودية في منطقة الخليج والجزيرة العربية وأكثرها قابلة للانفجار, النزاع الحدودي المحتدم بين اليمن والسعودية, وبين قطر والبحرين, والنزاع الكائن بين السعودية وقطر. ونظرا للمساحة الشاسعة للمملكة العربية السعودية, فإنها تبقى قاسما مشتركا في كل حديث أو اتفاق لترسيم الحدود بين دول المنطقة. ويؤكد الخبراء السياسيون في منطقة الخليج ان التسويات الثنائية لقضايا الحدود هي الاكثر فاعلية لأنها تتم بالتراضي ومن دون ضغوط وتساهم في تحقيق الانسجام بين دول المنطقة هي في غنى عن صراعات وصدامات جديدة. ويؤكد ذلك السياسة العربية التي تنتهجها دولة الامارات في ظل رئيسها صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان راعي القضايا العربية والداعي لمواجهتها بكل اصرار وتحد وبدءا من قضية العراق والتعاون العربي وقضايا الشرق الأوسط كافة والذي لا يدخر جهدا ومساعدة لكافة قضايا التنمية العربية. واستكمالا لسياسة الدول الداعمة للعمل العربي, وصل الوفد القطري الى أبوظبي في الثالث من مايو الى اجتماع اللجنة المشتركة الاماراتية القطرية برئاسة وزراء خارجية البلدين في تطلع البلدين الى شراكة متميزة, حيث تضم اللجنة في عضويتها وزراء شؤون الدفاع والداخلية والمال والصناعة والاقتصاد والتجارة والمواصلات والنفط والثروة المعدنية والاعلام والثقافة, والمقرر ايضا انشاء لجان وزارية منبثقة من اللجنة العليا في كل من مجالات التعاون. وعلى المستوى الخليجي تأتي مشاركة الدولة في اقرار التعرفة الجمركية الموحدة في الخليج العربي والمقرر تنفيذها العام الحالي 1999. متمنين من قادة العرب نهج السياسة الحكيمة لدولة الامارات الحريصة كل الحرص على التضامن والمصالح العربية والتي أيدتها كافة الأوساط العربية فرادى وعلى مستوى جامعة الدول العربية التي رحبت بذلك ودعت الى حل كافة المشاكل الحدودية داخل الوطن العربي ومع دول الجوار العربية بالطرق السلمية بما في ذلك اللجوء الى التحكيم الدولي.