تعودت سماع صوته

ت + ت - الحجم الطبيعي

عجزت، وحاولت، ماذا يمكن أن يكتب الواحد منا بحق الأخ والزميل المرحوم علاء إسماعيل، الذي انتقل إلى جوار ربه، قبل يومين في القاهرة، بعد صراع مع مرض لازمه منذ فترة ليست بقصيرة، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمده بالرحمة والمغفرة، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

ولا شك أن رحيله ترك فراغاً كبيراً لي، فقد تعودت على سماع صوته، لكنها مشيئة الله! ولا راد لقضائه، وسيبقى «بوعمرو»، دائماً في القلب، بمواقفه ونبل أخلاقياته ونظافة قلمه في بلاط صاحبة الجلالة، لقد فقدت الصحافة الرياضية العربية زميلاً عزيزاً علينا جميعاً، أعطى من عمره الكثير.

لقد كان، رحمه الله، أميناً في كلمته في كل المواقع، خلال فترة عمله بالإمارات لسنوات طويلة جداً، وكانت له بصمات واضحة على خريطة الصحافة المحلية، فمن ينساه، فقد كان علاء محبوباً من كل الرياضيين والإعلاميين، وكان يؤمن إيماناً مطلقاً بأن الإنسان سيتوقف دوره في مرحلة معينة، ولا بد أن يترك المجال للآخرين، فقد عمل هنا لمدة عشرين سنة، اكتفى بها.

رغم إصرارنا على استمراره، إلا أنه كان مقتنعاً بأن تتوقف محطته الخارجية، والعودة إلى أحضان بلاده مصر «أم الدنيا»، وبعد استقراره هناك، لم ينقطع عنا، بل ظل يكتب ويمارس دوره، وكان سفيرنا الصحافي الرياضي، والقلب الحنون لكل من يزور قاهرة المعز، حيث تجد علاء في مقدم مستقبليه، هكذا كان طيب القلب، رحمه الله.

وكان الفقيد العزيز، داعماً رئيساً في إنشاء القسم الرياضي بـ «البيان»، وذلك خلال أبريل من عام 80، مع لحظة إطلاق العدد صفر، وكانت له إسهامات كبرى في تطور المهنة، ومنذ معرفتي به، أتذكر الأيام الجميلة، فلا تمل من الجلوس معه، حيث الابتسامة والحب الذي يكنه للجميع.

رغم أنه كان يحمل هموم المهنة، ولي معه حكايات لا أنساها خلال مشوارنا، في تغطية الأحداث الرياضية محلياً وخارجياً، لم يترك القلم يتوقف إلا مع مرضه ودخوله مستشفى فلسطين، وقبل أن ينتقل من هذه الدنيا، كان همه أيضاً فلسطين، حيث حرص على زيارتها، وكان أحد مناصريها، والمرحوم علاء عايش كل مراحل التطوير التي مرت بالبيان، منذ البداية، وقبل الصدور الأول في مايو 1980.

وزادت علاقتنا عند انضمامي للجريدة عام 90، وتعودت شخصياً على رؤيته وهو يجلس أمامي في مكتبه صباح كل يوم، لأداء دوره ورسالته، وحتى في أحيان كثيرة، كنت أطلب منه بعض المواضيع واللقاءات في أيام إجازته، فكان لا يتأخر إطلاقاً.

بل ينفذ المطلوب في أسرع فترة زمنية، وقد عرفته أول مرة خارج الإمارات، خلال تغطيتنا لبطولة العالم العسكرية في قطر عام 80، في الدوحة، وحاولت أن أثبت نفسي بين زملاء سبقوني خبرة، وكان هو أحرص الناس في العمل الصحافي على التميز.

ولا يقبل بغير ذلك، هكذا اكتسب سمعته الطيبة، فالعلاقة امتدت لـ 36 عاماً، وعلاء من الذين أخلصوا في خدمة المهنة والرياضة الإماراتية، وما هذا التفاعل على فراقه إلا دليل على صدق وكفاءة مثل هؤلاء من جيل القيم.

حيث أراد القدر أن يرحل عنا، وكانت مسيرته العملية في أخبار اليوم بمجلة آخر ساعة، في بداية السبعينيات، مع الإعلامي القدير أحمد علام، قبل أن يعود مجدداً إلى العمل في مصر في مجال الإعداد التليفزيوني للبرامج الرياضية، وقد برز اسمه قبل أن يأتينا للإمارات، وحين أتحدث عنه، أتحدث عن الإنسان، أتحدث عن جمال روحه، وخفة ظله..

وداعاً علاء رفيق الدرب.

Email