نتواصل للعام السادس، ونتناول هذه المرة عملاً توثيقياً آخر محوره الصورة، فهي تعني الكثير، فلكل إنسان ذكرياته التي تبقى عالقة بالأذهان على مر السنين، في مواقع مختلفة، فالصورة هي الحكاية والرواية، لأنها تظل عالقة، تذكرنا بالأيام الحلوة والبسيطة التي نتمناها أن تعود.. «كانت أيام»، تتمثل في الصورة الفوتوغرافية القديمة كذكرى جميلة عاشتها الرياضة الإماراتية، فالصور مختلفة ومتنوعة، تحكي قصة رياضتنا على مدار خمسين سنة مضت، وننقل لكم عبر الصورة أهم الأحداث والمناسبات التي شهدتها الساحة.
وخلال الشهر المبارك، نحاول أن نلقي الضوء عبر حلقات توثيقية تحكي البدايات، فالصورة الرياضية لها قصص مثيرة، واليوم نبدأ بقصة وتاريخ الصورة الرياضية عبر الشخصيات والأحداث التي رافقت مسيرتنا.. فمن لا يحفظ ماضيه لن يحفظه مستقبله.
من منطلق هذه القاعدة تولّدت الحاجة إلى تدوين الأحداث وحفظ التواريخ والأسماء، وهذه المواضيع التوثيقية جعلتني على مدى السنوات العشر الأخيرة أبدأ المهمة رافعاً شعار «كي لا يضيع تاريخنا الرياضي». راجياً أن تنال رضاكم جميعاً.
لا يختلف اثنان على أن سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي وزير المالية، رياضي من الطراز الفريد، كيف لا، وقد عرفته الساحات الرياضية بمختلف أشكالها من خلال حضوره المستمر منذ عقود، مساهماً بفكره وآرائه الصائبة وأياديه البيضاء الناصعة، والتي رسمت أجمل معاني النجاح، فقد تولى سموه في فترة الستينات رئاسة نادي النصر، وحتى الآن يقف سموه على رأس قائمة الشخصيات التي صنعت أمجاد النصر، وسبق لسموه أن تولى الرئاسة الفخرية لاتحاد كرة القدم بدبي عام 69، حيث صدر قرار بذلك يوم 23 ديسمبر من نفس العام، فسموه أساس النصر والحركة الرياضية.
يفتخر نادي النصر منذ سنوات بداية الستينات برئاسة سموه، حيث قدم دعماً كبيراً لمسيرة النادي الطويلة خلال هذه السنوات، دعماً مادياً غير محدود، إضافة إلى عصارة تجاربه وخبرته الطويلة في المجال الرياضي.
ويعتبر سمو الشيخ حمدان بن راشد، أحد أهم الداعمين للرياضة الإماراتية، وإن قمنا بسرد تلك المبادرات فإن الصفحات لن تفي هذا الرجل الإنسان حقه، فقد قاد أكبر وأعرق القلاع الرياضية في الدولة نادي النصر عميد أندية الإمارات، وأسهم في النهضة الشاملة فيه حتى صار منبع الأبطال وعرين الرياضيين النجباء في مختلف الرياضات، وأصبح واحداً من أكثر الأندية احتضاناً للألعاب الرياضية، وليس هذا فحسب في مجال الأندية، فأيادي سموه البيضاء امتدت لكل الأندية في دبي، فهو مصدر الإشعاع، فالاهتمام يصل لكل الأندية من بينها نادي حتا الذي تأهل لأول مرة إلى دوري المحترفين في تحول نوعي كبير، والفضل يعود لبو راشد الذي يؤمن بالاهتمام بكل أبناء الوطن بل يؤكد ضرورة استمرار كل الرياضات المختلفة، فالرياضة على حد قوله ليست كرة فقط، بل طالب دائماً وفي كل مرة بأن يمارس أبناء الإمارات هواياتهم المحببة لقلوبهم.
ومن خلال السطور التالية نبحر باختصار في خضم النجاحات الكبيرة والمتواصلة لسمو الشيخ حمدان بن راشد، لنبين عصارة تجاربه وخبرته الطويلة في المجال الرياضي، والتي ترجمت إلى نجاحات كبيرة يشهد عليها الزمان، خصوصاً في عميد الأندية الإماراتية نادي النصر الذي انطلقت مسيرته المباركة عام 1945 على أرض مدرسة محمد علي زينل بالغبيبة.
طريق الإنجازات
وشهدت فترة الستينيات تولي سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، رئاسة النادي، وقيادة دفة العمل وفريق الإنجازات، حيث أصبح النادي صرحاً شامخاً مع فترة تأسيس اتحاد الإمارات لكرة القدم عام 1971 ليواكب تلك الفترة بقوة، خصوصاً وأن النادي هو عميد الأندية، وبدأت المرحلة الانتقالية لهذا الصرح وتحديداً عام 1978، حيث قام المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، بافتتاح استاد آل مكتوم، والذي يعد أحد الملاعب المتميزة في قلب لؤلؤة الخليج، حيث استضاف العديد من البطولات الدولية والعربية، وأيضاً أهم وأبرز الأحداث الرياضية الكبرى، منها مباريات كأس العالم لمنتخبات الشباب عام 2003، وكان مسرحاً على مدار سنوات طويلة لزيارة أهم الأندية العالمية مثل سانتوس ونجمه الأسطوري بيليه عام 1970، وساوباولو البرازيلي خلال زيارته لدبي عام 1973، وكذلك ليفربول الإنجليزي مرتين إحداهما عام 1978 وكان وقتها متوجاً بأبطال أوروبا، ثم أرسنال الإنجليزي شهر نوفمبر من عام 1976، ونوتينغهام فورست وأستون فيلا ومعسكر نادي أي سي ميلان الإيطالي برعاية (طيران الإمارات) وبايرن ميونيخ وهامبورغ وبروسيا مونشينغلادباخ.
وعلى الصعيد العربي نظم النادي البطولة العربية الثانية للأندية أبطال الكؤوس في ديسمبر عام 1991 بمشاركة عربية واسعة، حيث توج باللقب فريق الأولمبي المغربي، بعد تفوقه في النهائي على نادي المقاولون العرب المصري، واستضاف النادي الكثير من اللقاءات والمباريات العربية، منها لقاء كأس دبي الذهبية بين المريخ السوداني والزمالك المصري عام 1990. وبطولة التعاون لكرة القدم وغيرها من المناسبات الكروية، بل إنه يشجع كل النصراوية على الانضمام للمنتخبات الوطنية ويدعوهم للمشاركة في العمل الإداري للاتحادات الرياضية، كما حصل مع مروان بن غليطة، حيث شجعه سموه على أن يدخل معترك المنافسة على كرسي الرئاسة لاتحاد الكرة، وكان أول المهنئين لابن غليطة، وهذا دليل على أن سموه يدعم كل المجتهدين والمكافحين من أجل الرياضة الإماراتية.ومن بين مكارمه المتعددة، المقر الجميل لأكبر الاتحادات الرياضية والكائن بمنطقة الخوانيج، والذي أصبح بمثابة مدينة كروية رياضية مصغرة، بسبب وفرة الإمكانيات التي قدمتها الحكومة لدعم مسيرة الكرة الإماراتية، ويعود الفضل لسموه في توفير كل الاحتياجات الخاصة لمبنى اتحاد الكرة الذي يعد مفخرة على مستوى المباني الخاصة لأكبر هيئة رياضية كروية ليس فقط في الدولة وإنما على مستوى الوطن العربي.
المنشآت الحديثة
ظلت بلدية دبي تلعب الدور الرئيسي في مسيرة الحياة الرياضية سواء من خلال تقديمها للكفاءات الإدارية التي تعاقبت على المناصب الإدارية الكبرى أو بقية الأدوار التي قام بها العاملون في هذه المؤسسة، سواء كرؤساء للاتحادات الرياضية ولاعبين أو إداريين أو فنيين من مدربين وحكام، ونتناول هنا المنشآت الرياضية التي تسعى البلدية دائماً لبنائها وتسهيل مهمة شبابنا الرياضي، بتوجيهات من سموه «الأب الروحي للحركة الرياضية»، فقد أمر سموه ببناء مقر اتحاد الكرة بمنطقة الخوانيج الذي يعد مفخرة على مستوى العالم، وبه كل مقومات المعسكرات التدريبية وفق أعلى المواصفات، وأصبحنا نستضيف المنتخبات العربية الشقيقة، ومن هنا نوفر النفقات بدلاً من الصرف على استضافتها في الفنادق، كما كان يحدث سابقاً، ولسموه مواقف محددة في دعم أبناء الإمارات في كل المجالات، منها استقباله المدرب الوطني مهدي علي وتجديد الثقة فيه، وله آراء قوية في كل قضايانا الرياضية من خلال برلمانه البحري السنوي الشهير الذي ننتظره جميعاً.