لم تكن الأسر قديماً ترضى بدخول شخص غريب إلى بيوتهم لتشغيله أو استقدام مساعدات لهم في أمور البيت وأشغاله، بل كانت كل التدابير والأشغال المنزلية تقع على عاتق ربة البيت، مع تعدد المهام المرهقة، اضافة الى تربية الأبناء والسهر على راحة الجميع، دون ان تشتكي او تطلب المساعدة من احد.

لكن اليوم وبتغير الظروف المعيشية وتحسن الدخل الأسري اصبح استقدام الخادمات من الخارج أمرا لابد منه، فالمرأة اليوم أصبحت تشغل مناصب مثلها مثل الرجل، ومع تعدد مهامها باتت لا تقوى على تدبير كل الأمور لوحدها فكان لابد من استقطاب مساعدة تؤمنها على بيتها وأبنائها وتقوم بأشغال البيت في غياب المرأة عن بيتها لأكثر من ست ساعات يوميا.

لكن الطامة الكبرى انه في أغلب الأوقات تكون المرأة ربة بيت، كما كانت امهاتنا من قبل، ومع ذلك تصر على استقدام الخادمة لمجرد ان صديقتها فعلت ذلك او لتعطي انطباعا للغير انها تعيش حياة رفاهية وترف، وهي لا تعلم انها قد ادخلت لبيتها السم القاتل الذي يهدد كل افراده.

فالخادمة مهما كانت تبقى مجرد شخص غريب عن العائلة. فلقد أوضحت البحوث التي اجريت ان للخادمة تأثيرا سلبيا على الاسرة والطفل في مجالات متعددة منها: القيم الدينية والثقافية، فهذه الخادمة الأجنبية قد تكون في اغلب الأوقات غير مسلمة..

ومن الطبيعي ان تكون لها معتقدات وسلوكيات مغايرة تماما عن ديننا الإسلامي، فمشاركتها في تربية الأطفال وتلبية حاجياتهم وقضاء وقت طويل معهم في غياب الآباء سيؤثر حتما على تربيتهم الدينية والثقافية، فيصبح الأمر بمثابة غزو ثقافي لعقول الأطفال يبعدهم عن المبادئ والأخلاق الإسلامية العربية.

كما يؤثر وجود خادمة اجنبية في حياة الطفل على نموه اللغوي والاجتماعي بحيث نجد بعض الأطفال يميلون الى تقليد لغة الخادمة وتصبح لغتهم ركيكة، الشيء الذي يؤدي الى تأخير النطق لدى البعض منهم.

اما فيما يخص النمو الاجتماعي او ما يسمى بتشكيل شخصية الطفل بما تتضمنه من معتقدات وسلوكيات وقيم يكتسبها من المجتمع، فبوجود الخادمة تظهر على الطفل سلوك اجتماعية سلبية كالاعتماد عليها في كل شيء، فنرى الطفل يعاني من الكسل وضعف الشخصية والانطوائية، كما ان قضاء الطفل وقتا طويلا مع الخادمة يضعف علاقته بوالديه.

وقد تكون ملازمة الخادمة للأطفال سبباً في انحرافهم واكتسابهم سلوكيات خاطئة، فالخادمة تأتي من بلاد بعيدة تحمل معها افكارا وعادات دخيلة على المجتمع، فيتأثر الأبناء بها بسبب الساعات الطويلة التي يقضونها معها، فالخادمة لا يمكن ان تحل مكان الأم وهي غير مؤهلة لتربية الاطفال والاهتمام بهم.

وأظهرت الدراسات أن هناك العديد من الاضرار الاجتماعية الناجمة عن تواجد الخدم والمربيات في الأسرة مثل التأثير سلبا على عادات وتقاليد المجتمع، والاطلاع على اسرار الأسرة والسرقة وانتشار الجريمة، هذا بالإضافة إلى القضايا والمشاكل التي قد تتسبب فيها الخادمة في المنزل مثل العدوانية تجاه الطفل وتعنيفه، كما انها قد تلجأ إلى طرق كثيرة لجذب انتباه رب الأسرة وإثارة غيرة الزوجة..

كما ان الزوج قد يشعر بنقص مسؤوليات الزوجة تجاهه والاعتماد الكلي على الخادمة، الشيء الذي يساهم في إهمال بعض الزوجات لأزواجهن ويقلل من تفاعل الأزواج فيما بينهم. فإخلال الزوجة بواجباتها لا ينعكس اثره السلبي على زوجها فقط بل يمتد الى كل أفراد الاسرة، وقد تكون النهاية صادمة احيانا بحيث يتزوج الرجل من الخادمة بحكم انها هي من تقوم بأموره كلها..

وهنا لا مجال لندم الزوجة غير انها تكتفي بطلب الطلاق تاركة أبناءها للخادمة، ناهيك عن هروب الخدم من المنزل ومن الكفيل، فقد اثبتت الدراسات أن هناك نسبة كبيرة من العائلات تعرضوا لهروب الخدم من منازلهم، الشيء الذي يفتح أبواب الجريمة أمام الخادمة، فتصبح فريسة للإغراءات التي تدفعها للانحراف، كما انها تصبح مؤهلة لارتكاب الجرائم.

لكل هذه الأسباب لا يسعنا إلا القول بأن هذه الظاهرة (الخدم) أصبحت آفة خطيرة تهدد مستقبل ابنائنا وأسرنا، لذا وجب الوقوف وقفة صارمة ضد اي تأثيرات سلبية على ثقافة وعقيدة وقيم ابنائنا، فالطفل والأسرة بصفة عامة كنز ثمين ونعمة من الله لا تعوض بثمن، علينا الحفاظ عليها بكل ما أوتينا من جهد، وأن نترك وراءنا تلك المظاهر الخداعة التي تفرض علينا أعباء نحن في غنى عنها.