مرت سنوات على رحيل المغفور له الشيخ زايد طيب الله ثراه، ومازالت روحه تنبض بيننا وعقولنا تستحضر مواقفه الإنسانية النبيلة، زايد الذي ارتبط اسمه بالأعمال الخيرية ووصل خيره إلى كل بقاع العالم، كان بمثابة الأب الذي يرعى أسرته ويتعهد بحماية أولاده ويأخذ بيدهم حتى يتجاوزوا الصعاب ويشقوا طريقهم في الحياة بنجاح، كرس حياته لخدمة شعبه وتوحيد صفوفه وتوفير سبل التقدم والأمن والطمأنينة والاستقرار.
فقد كان قائداً ملهماً مبدعاً، قلما تجد له نظيراً في العالم، نجح في بناء الإنسان وتكوين نهضة حضارية في وقت وجيز.
لم يكن الشيخ زايد مجرد حاكم عربي فقط بل كان قدوة ومثلاً أعلى للحكام العرب جميعاً، نظراً لمواقفه الثابتة تجاه العروبة وقضاياها وأزماتها.
فالشيخ زايد رحمه الله له مكانة خاصة عند العرب، واسمه مرتبط بالمصاعب التي مرت بها الشعوب العربية إذ كان يطلق عليه رجل المصاعب والقادر على مواجهتها، فلطالما كان يتقدم الصفوف لحل الأزمات العربية.
كان حكيماً وقيمة عربية تؤمن بمبدأ الأخوة والعروبة وضرورة توطيد العلاقات بين الأشقاء العرب وكان رحمة الله عليه يتمتع برصيد من الحب الشعبي في قلوب العرب كافة توارثته الأجيال، وهذا الحب ظهر على أبنائه شيوخنا وحكام الإمارات حفظهم الله، فقد كان رحمه الله يحرص على أن يغرس في نفوس أفراد أسرته القيم الإسلامية والعربية الأصيلة ويحثهم على بذل الجهد من أجل رفعة الوطن وازدهاره، كما أنه كان يعتبر أفراد شعبه كأفراد أسرة واحدة كبيرة لذلك لا تختلف علاقته بهم باختلاف أماكنهم يكن لهم جميعاً نفس الحب ونفس الاهتمام، وكان حريصاً على أن يتحلى الجيل الجديد بالقيم الأصيلة والانتماء لتراب الوطن والارتباط بتراثه وتاريخه وبمبادئه الإنسانية السامية.
منح الإمارات السمعة الطيبة التي يتحدث عنها العالم كله، وعرفت الدولة بكرمها وجودها وأصبحت دولة الإمارات في عهده مظلة تحمي كل من اشتدت عليه الحياة بالمتاعب والأزمات، وهذه هي المبادئ النبيلة التي غرسها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله في كل من حوله.
يصعب الإحصاء والإحاطة بكل ما قدمه المغفور له الشيخ زايد للوطن والمواطنين، وقد سطر التاريخ بأحرف من ذهب صفحات من المنجزات الوطنية العظيمة على مدى نحو ٦٦ عاماً متواصلة من العطاء في العمل الوطني والقومي، وذلك منذ تعيينه حاكماً لمدينة العين في عام ١٩٤٦إلى توليه مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي في أغسطس ١٩٦٦وحتى انتخابه رئيساً للبلاد بعد إعلان اتحاد دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر ١٩٧١.
لقد وهب الشيخ زايد رحمه الله نفسه لبناء وطنه وخدمة مواطنيه وتحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم في الحياة الكريمة، وقاد مسيرة البناء من مرحلة الصفر بإقامة المدارس ونشر التعليم، وتوفير أرقى الخدمات الصحية، وببناء أحدث المستشفيات والعيادات في كل أرجاء الوطن، وإنشاء العديد من مشاريع البنية التحتية والمجمعات السكنية التي شكلت منظومة من المدن العصرية، والتي حققت استقراراً للمواطنين. لقد كرس حياته وأعطى بكل سخاء لعزة وطنه وسعادة شعبه.
إنجازات وبناء وتنمية …. هي كلمات تلخص مسيرة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان لإقامة دولة اتحادية متطورة ومتقدمة بكل المقاييس، وجعلها في مقدمة الدول الأكثر تقدماً في العالم.
الشيخ زايد طيب الله ثراه هو راعي النهضة التي نعيش في كنفها الآن، وما نشهده اليوم من تقدم كبير وانتشار الرفاهية والسعادة بين أفراد مجتمعنا وما نتمتع به من أمن واستقرار هو دليل حنكته وحكمته ونجاح سياسته الوطنية وهذا ما يعكس بكل صدق عمق الولاء والوفاء والحب الذي نكنه نحن كشعب إماراتي للشيخ زايد رحمه الله، فمكانته في وجداننا وذاكرتنا ساكن في قلوبنا ونفوسنا.
زايد الخير والمحبة والعطاء كلها صفات اقترنت باسمه رحمه الله، اسمه الذي حفر وسيظل محفوراً في قلب كل مواطن ومقيم على أرض الإمارات، وتخليد ذكرى رحيل الوالد والمؤسس هي محطة لنا لتجديد الولاء وعقد العزم على التفاني في خدمة الوطن تحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ،حفظه الله.
*كاتب وإعلامي