قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إن بني إسرائيل تفرقت على اثنين وسبعين فرقة، وتفرقت أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي، وصدّق الزمن نبوءة الرسول الكريم، فقد غدا المسلمون شيعاً وفرقاً وطوائف، يطلبون الشهادة في قتل أنفسهم، جعلوا الدين الذي يدعو إلى«السلام والمودة والحياة، ديناً يحرض على «القتال والتمييز والحقد والكراهية والموت»، صار الإسلام تحت راياتهم ديناً دموياً عنيفاً، لا يعرف رحمة ولا ليناً.

أصحاب الأديان السماوية والوضعية يعيشون في هدوء وطمأنينة، إلا المسلمين الذين فرقوا دينهم وصاروا شيعاً، فذهبوا يستحلون دماء من لا يروق لهم، من بني دينهم، تحت دعاوى التكفير والخروج من الملة، وابتليت الأمة الإسلامية بجماعات جهادية دموية كـ«التكفير والهجرة»، و«إخوان الشيطان»، و«أنصار بيت المقدس» و«أجناد مصر» و«بوكو حرام»، وصولاً إلى«داعش» حليفتهم زعيمة الإرهاب العالمي، التي صارت صداعاً في رؤوس العديد من دول العالم العربية والأجنبية، وأشاعت تلك الفرق: القتل والتدمير والتفجير والتكفير، تحت راية «لا إله إلا الله، محمد رسول الله»، التي جعلت من ذكر الله جل جلاله وعظم قدره، راية خفاقة مرفرفة دالة على انتصارها وعظم جبروتها عند قطع رؤوس الأبرياء من ضحاياها، متحدية كل أنواع المشاعر الإنسانية الأخلاقية، التي بالفطرة و«بقدرة قادر» تنبض في جسد أي مخلوق بشري من كان!

غير آبهة أو مفرقة في ذبحها وجرائمها البشعة بين من هم يستحقون بالفعل جرائمها، وبين من هم كان لزاماً وواجباً على خلق الله رحمتهم. والإحسان إليهم كشيخ كبير لوهنه وضعفه، أو طفل صغير لبراءته وعدم قدرته على حماية نفسه، إن الخلافة «كما يفهمونها ويريدونها ويطالبون بها»، ويقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق من أجلها، ويكفرون من يقول «لا إله إلا الله محمد رسول الله» هم أدرى من غيرهم، أنها لا يمكن أن تتحقق في عصر مختلف وظروف مغايرة للعهد العثماني وسياساته، ولكنهم خدعوا العامة بشعار إرجاع الخلافة، كونها واجهة لطموحاتهم المزعومة لدولة الخلافة كما شاهد العالم ما حدث في مصر إبان حكم الجاسوس مرسي.. عندما كانوا يهتفون «إخوان الشياطين» يوم الجمعة في الميادين «إسلامية.. إسلامية» وها هي «داعش» زعيمة الإرهاب العالمي تكمل مسيرة الإخوان الإرهابية، تبايعهم وتعاهدهم أنها ماضية على خط سيرهم من أجل تأسيس دولة الإرهاب، التي كفروا العالم من أجل إقامتها، رغم أن المستشرقين والمتأثرين بهم، يزعمون أن الخوارج كانوا يمثلون الجناح الديمقراطي في الإسلام، باعتبار أنهم يرون الخلافة من حق كل مسلم، ما دام كفؤاً لذلك!

إلا أن هذا في الحقيقة استجهال للتاريخ وتجاوز للأحداث؛ من وجهة نظر العلماء والساسة المختصين أصحاب العقل والحكمة والدراية الصائبة، لأنهم يرون أن الديمقراطية ترفض الاستبداد وفرض الأفكار بالحديد والنار، ومجرد مطالبة الخوارج بأحقية الخلافة لكل مسلم، لا يزيل الصورة البشعة عن انتهاكاتهم، ولا يمسح وصمة العار من على جباههم!

إن دولة الإمارات العربية المتحدة، وبشهادات إقليمية وعالمية، دولة يسودها «نظام أمني قوي»، وهي لذلك مدركة من منطلق التزاماتها وتعهداتها الدولية نحو مكافحة «الإرهاب والتطرف والتمييز» أنه لا بد من التصدي بكل قوة للإرهاب والتطرف والقضاء على كل أشكاله الدولية، وما يؤسس لنبته ورعرعته وهو «التمييز والكراهية والتحريض على الفتن بازدراء الأديان» في مجتمع آمن يتعايش على أرضه أكثر من 200 جنسية مختلفة في الدين والعقيدة، ومتوافقة ومتجانسة في التعايش الأخوي السلمي، وذلك لما تحظى به كل الجنسيات بأطيافها المختلفة بمعاملة إنسانية أخلاقية سامية، من قبل مواطني الدولة أنفسهم والحكومة الإماراتية سواء بسواء، في ظل قوانينها المنطلقة من دستور يؤسس للمحبة ومقاربة الشعوب في إخاء وود واحترام، لا يفرق أو يميز بين مذهب وعرق ودين، نعم إنها دولة المحبة والود والتلاحم والوئام بين شعبها الكريم المعطاء، وباقي شعوب العالم المتعايشة معها على أرض الخير والإنسانية،

لذلك، ارتأت قيادتنا الرشيدة أنه لا بد من إصدار قانون رادع، يتصدى بكل قوة وحزم لكل من تسول له نفسه العبث بأمن الوطن أو المساس بسيادته واستقراره، والتطاول على رموزه، والتحريض على« الكراهية والتمييز وازدراء الأديان».

إن دولة الإمارات دولة ذات سيادة، وجزء لا يتجزأ من المجتمع الدولي، وهي ليست بمعزل عن التحديات وتطورات الأحداث الإقليمية والدولية، والظروف الحرجة الراهنة التي تمر بها منطقتنا العربية. إن تنامي ظاهرة «الإرهاب والتطرف، والكراهية والتمييز» وتطورها بمرور الزمان، أصبحت ظاهرة دولية تهدد كيان المجتمع الدولي بأسره، وهو ما دعا حكومتنا الرشيدة إلى ضرورة تشديد العقوبات في قانون التمييز والكراهية، بما يتلاءم مع المستجدات الدولية والداخلية وبكل قوة وحزم من دون هوان، من أجل أن ينعم الجميع برغد الطمأنينة والحياة الآمنة المستقرة في واحة إمارات المحبة المعطاءة، وقد حظي القانون بإشادة وترحيب واسع من قبل كل أطياف الشعب الإماراتي من مواطنين ومقيمين، وأشادت به العديد من دول العالم دون استثناء!