منذ خرجت «داعش» لتجتاح «الموصل» بالصورة المشبوهة التي تم بها الاجتياح، ومنذ أن كان رد الفعل في القيادة الأميركية هو أن تحرير «الموصل» سيحتاج لثلاث سنوات.. منذ ذلك الوقت أصبح واضحاً أن هناك «أجندة» يتم فيها استخدام «داعش» ..
وأمثاله من الجماعات الإرهابية ضمن عملية إعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة بعد هزيمة المخطط الأميركي في مصر، ومع الاتفاق مع طهران حول الملف النووي. في التطورات على الأرض كان هناك التقدم السريع لقوات المقاومة اليمنية المدعومة بقوات التحالف العربي، وكان التراجع السريع لقوات صالح والحوثيين رغم الدعم الأجنبي. وحسم المعركة أصبح قضية وقت لا أكثر.
وعلى الأرض أيضاً كانت هناك انتفاضة الشعب العراقي على الأوضاع المزرية التي أوصلها إليهم - بعد الاحتلال الأميركي وما فعله- الحكم الطائفي والفساد الرهيب. وعلى الأرض أيضاً يأتي تحرك الشعب اللبناني الذي بدأ بالاحتجاج ضد النفايات، وامتد للسياسة وضرب الفساد والطائفية السياسية التي تركته بلا رئيس، وبحكومة مشلولة.
أما في سوريا فلم يكن هناك جديد على الأرض إلا المزيد من الدمار، ثم القرار التركي بالتدخل العسكري الذي قيل إنه ضد «داعش» الذي دخل عشرات الآلاف من أعضائه إلى الأراضي السورية تحت سمع وبصر السلطات التركية!
في دهاليز السياسة والدبلوماسية بدا أن واشنطن تنفض يدها من الكارثة، وأن إدارة أوباما تركز جهودها لتمرير الاتفاق النووي مع طهران. وأخيرا، كانت أطراف عربية ثلاثة تزور موسكو في وقت واحد، حيث التقى هناك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مع العاهل الأردني، مع الرئيس المصري.
وأجرى الرئيس الروسي بوتين مباحثات منفردة مع كل منهم، ولا شك أن القضية السورية كانت حاضرة باعتبارها مفتاح حل العديد من مشكلات المنطقة. وسط كل هذه التطورات تنفجر القضية النازحين السوريين إلى أوروبا. أما لماذا حدث ذلك الآن؟! فلأن تركيا سمحت للاجئين السوريين بالعبور إلى أوروبا أو شجعت عليه ربما لتخفف العبء عنها، وربما لتسليط الأضواء على القضية السورية.
وما ينبغي الالتفات إليه جيداً هو أن أوروبا إذا فتحت أبوابها مضطرة للاجئين السوريين، فإن ذلك سيكون بحدود ولا يمكن أن يستمر، وأغلب الظن أننا أمام مرحلة التمهيد لسيناريو يتم فيه فرض حل لإنهاء الحرب في سوريا. وليس من قبيل المصادفة أن يطرح - في هذا الوقت من المبعوث الدولي لسوريا ستيفان دي ميستورا- خطة للحل السياسي على ثلاث مراحل لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في بيان جنيف.
وتقضي باتفاق مرحلي لوقف إطلاق النار وتعاون الفصائل المدنية المتقاتلة ضد الفصائل الإرهابية، ثم تشكيل سلطة انتقالية يتم فيها إنشاء هيئة حاكمة بسلطة مطلقة تشرف على المجلس العسكري المشترك.
مع الاتفاق على قائمة من 120 مسؤولاً لن يكون لهم أي دور في المرحلة الانتقالية. وأخيراً تأتي المرحلة الثالثة مع انتخابات رئاسية وبرلمانية تحت إشراف الأمم المتحدة. ولم تشر الوثيقة إلى بشار الأسد، وإن كانت قد وضعت السلطة كلها في يد الهيئة الحاكمة الانتقالية المشتركة.
ولعل الصورة تتضح أكثر بعد زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لأميركا ومباحثاته مع الرئيس الأميركي أوباما وأركان إدارته. ولعل موقفاً عربياً يتبلور بعد لقاء العاهل السعودي والرئيس المصري بعد ذلك، الذي ربما يجمع أطرافاً عربية أخرى.
وعلى الذين ما زالوا قادرين على تحمل استمرار الدمار في أقطار عربية عزيزة، والعمل بقاعدة أن «الصبر مفتاح الفرج» أن يدركوا أن أوروبا والعالم لن يتحملوا انتقال مآسي اللاجئين السوريين إلى عواصمهم كثيراً.. فلنجد الحل قبل أن يفرض علينا!