لن نترك المملكة في أية معركة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمر ببالي مثلنا الشعبي: «فوق شينه قواة عينه» كلما تنقلت بين بكائيات بان كي مون وتهديدات ساسة طهران إثر حكم القصاص العادل الذي نفذه القضاء السعودي على مواطن سعودي ابن سعودي على أرض سعودية. أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون لم نر مشاعره الانسانية وقرابة النصف مليون سُني يبادون برصاص فيلق بدر والحشد الشعبي والميليشيات الطائفية في العراق الممولة والمدربة من إيران، والبقية تسحقهم دبابات بشار وبراميله المتفجرة وأسلحته الكيماوية بمساعدة الحرس الثوري الإيراني وحزب الشيطان اللبناني..

لكنه صحى من نومه «المتعمد» فجأة ليتباكى على إعدام نمر النمر الذي عاث في المملكة فساداً وصرح على منبره بضرورة ضم السعودية إلى ولاية الفقيه وهو ما يسمى (خيانة عظمى) إن نسي ذلك صاحب «أُعرِب عن قلقي» قبل أن يواصل النمر بشتم يومي لولي الأمر وينشئ خلايا مسلحة قامت باغتيال رجلي أمن ونشرت الرعب بين السكان الآمنين بالشرقية والذين لا تشكل طائفته سوى 20% منهم.

أما إيران فيكفي أن منظمة العفو الدولية صرّحت بأنها «أكبر جلاد رسمي في العالم» فخلال أسبوع واحد بأغسطس الماضي قامت بإعدام 32 شخصاً، لذا لم يكن مستغرباً أن يصف السناتور جوزف ليبرمان في مؤتمر مجلس الشيوخ الأميركي الشهر الماضي إيران بأنها «الدولة الفاشية الأولى في العالم» وبأن «نظام ملالي طهران هو أكبر خطر داهم على العالم»..

وتمر ببالي رسالة زعيم القاعدة أيمن الظواهري للزرقاوي المنشورة في 12 أكتوبر 2005 والتي ذكّره فيها بأن «إيران الشيعية تؤوي لديها قرابة مئة ألف من أعضاء تنظيم القاعدة» في فورة عمليات التصفية والملاحقة الأميركية لهم.

السعودية لم تُعدِم نمر النمر لوحده ولو فعلت فذاك من حقها، فسيادة الدول لا تُعارض، فالأحكام لم تكن طائفية كما تزعم إيران، فثلاثة فقط هم من الشيعة من 47 شخصاً تم إعدامهم لارتباطهم المباشر بالجماعات الإرهابية وتورطهم الموثق بجرائمها المروعة، والجميع يعلم بأن النمر لم يكن مرجعية دينية كما تحاول إيران تصويره، فهو فقهياً نكرة لا يُعرَف..

لكنه كان «منفذ» الأجندة الإيرانية التحريضية وسقوطه يعني نسف مؤامرة الملالي في شرق المملكة كما نسفت عاصفة الحزم مكيدتهم في جنوبها، لذلك كان سُعار التهديدات عالياً بالهجوم على سفارة المملكة بقنابل المولوتوف والرصاص الحي في بيانٍ على الافتقار إلى أبجديات العلاقات الدولية وحصانة المقار الدبلوماسية،..

وعندما رأوا استهجان كل دول العالم لصنيعهم الهمجي ادّعى كبار المسؤولين إمكانية تورط «جهات مدسوسة» في الهجوم على السفارة السعودية، رغم أن السفارة تواصلت مع وزارة الخارجية ليومين دون أي استجابة.

السعودية صبرت كثيراً، وحاولت بهدوئها الدبلوماسي المعتاد منح فرصة للحكومات الإيرانية المتعاقبة لفتح صفحة احترامٍ متبادل مع جيرانها دون جدوى فكان قطع العلاقات والذي تبعته جاراتها الخليجية بقطع أو تخفيض التمثيل الدبلوماسي، وكثيرون يذكرون أن «حزب الله ـ الحجاز» والذي قام بجريمة تفجير الخبر 1996 ..

والذي ذهب ضحيته 19 شخصاً بريئاً وأصيب أكثر من 500 آخرين كان صنيعة إيرانية وزعيمه أحمد المغسل كان يحمل جواز سفرها، وقُتِل وأُصيب أكثر من 1100 حاج في مكة المكرمة في موسم 1987 بعد إغلاق الحجاج الإيرانيين للممرات وإطلاق الغازات الخانقة، ليقتحم بعدها الحرس الثوري الإيراني سفارة المملكة بطهران ويردون دبلوماسياً سعودياً قتيلاً، ثم كان تفجير جسر قرب المسجد الحرام عام 1989 قبل أن تحبط السلطات محاولة تفجير نفق المعيصم المخصص للمشاة. الإيرانيون المتباكون على الإعدامات يظنون الناس لا يقرأون، فمن ينسى صادق خلخالي رئيس محكمة الثورة السوداء والـمُسَمّى «جزار الثورة»..

والذي أعدم ما يقارب ألفي شخص في محاكمات صورية بعضها لم يستغرق سوى بضع دقائق وعندما عوتب على ذلك التهور قال: «من كان بريئاً فسيحصل على غرف أفضل في الجنة وحوريات أجمل»، والإثباتات تؤكد قتل حكومة الملالي لـ120 ألفاً من أعضاء حركة مجاهدي خلق وحدها، وخلال صيف 1988 أصدر الخميني بعد هزيمته أمام عراق صدام فتوى بإعدام ما يقارب 30 ألف سجين سياسي..

وأشارت تقارير منظمات حقوقية دولية إلى أن إيران أعدمت خلال الشهور الستة الأولى من عام 2015، أكثر من 753 شخصاً بمعدل 3 أشخاص يومياً، وضمن أحكام الإعدام التي صدرت في العام 2014 الحكم بإعدام 27 داعية وشيخاً سنّياً لمجرد قيامهم بممارسة الشعائر الدينية وتعليم القرآن.

إيران التي تحوي أراضيها 158 مليار برميل نفط و1.2 تريليون قدم مكعب من الغاز جعلتها سياسة الملالي المشحونة بالكراهية والعدوان تفقد 160 مليار دولار كعائدات وارتفع التضخم 40% وفقد سوق العمل 42% من وظائفه وخلال الأعوام الأربعة الأخيرة افتقر الإيرانيون بنسبة 17% وتكاد تتوقف أغلب الصناعات، ويبدو أنّ هذا الفشل الداخلي الهائل سبب افتعال المشاكل لإشغال الشعب وتصوير أن ما يجري تآمرٌ عليهم من قوى «الاستكبار» العالمي.

إيران لن تتوقف عن غيها، ودول الخليج كشفت عن قدرتها على حماية مكتسباتها وحماية أراضيها والتعاون فيما بينها، فما جرى ليس معركة تخوضها المملكة وحدها بل هي معركتنا جميعاً، هي معركة حق ونضال عادل، ومن المهم أن نعي ما يدور فعلاً كشعوب لما تسوّقه إيران وآلتها الإعلامية التي لا تهدأ حتى لا نؤتى من باب الشفقة أو شعارات الإسلام التي لطالما ارتكبت باسمها الجرائم زوراً.

 

Email