يبدو أن العديد من الناس، سواء من الذكور أو الإناث، وربما الشباب وكبار السن، ينسون بصورة عفوية أو متعمدة، عيد الحب، وهو تقليد غربي قديم،..

حيث إن العرب والمسلمين من أكثر شعوب الأرض المصابة بمرض الحب، والعشق يسري في عروقهم كالدم الأحمر، هل الحياة اليومية التي تمر علينا جعلت أغلب الناس أو ربما معظمهم يعيش الدمار الشامل في بعض من الدول، مما مسح قلوبهم بمسحة السواد، فنسوا الحب، ونسوا حلمهم القديم الذي أصبح كالضباب، وربما السراب الذي لا يمكن الإمساك به.

إن الوردة الحمراء بكل جمالها ورونقها تعاني الجفاف، وهي في كل ساعة من ساعات اليوم تزداد ذبولاً، ربما تتساقط أوراقها واحدة بعد أخرى، وذلك إذا لم تُرْوَ بالماء ويُعتنَ بها وبالمناخ المحيط بها، كذلك قلوب البشر يصيبها الاكتئاب والسواد والكراهية إذا ابتعدت عن الحب.

كانت العادة لدى الجيل القديم تقديس الزوجة التي هي رفيقة العمر والدرب، وكانت هي الزوجة والأم والصديقة الصدوقة التي لا يفيض الزوج بأسراره وهمومه إلا لها، ولا يشعر بالراحة إلا بالقرب منها وفي المنزل، وحتى إن أراد الخروج أو التغيير يصطحب معه أفراد عائلته سواء في البر أو قريباً من شواطئ البحر.

كما كانت أيام الجمعة للذهاب إلى البر والتمتع بالصحراء بعيداً عن هموم المدينة، وبعيداً عن التلفاز.

لقد كانت مصادر السعادة وبعث الأمل كثيرة، أكثر مما هي عليه الآن، فقد كان الاستقرار والهدوء ووسائل المعيشة البسيطة والبعيدة عن التعقيدات الحديثة، وفي هذا المناخ كان الحب ينمو بسهولة ويسود البيوت والشوارع والمجتمعات.

هل من الممكن التمتع بيوم الحب، على حين أن القتل والتدمير والسواد هو السائد، إلا في الدول التي تحترم حقوق الإنسان وتوفر له كل مسببات السعادة والاستقرار، والتي تعتبر دولة الإمارات نموذجاً حياً لها، فما الذي استفاده الناس من تلك الأحزاب ذات التوجه الديني ظاهرياً، وهي أبعد الناس عن روح الدين المتسامح الذي لا يفرق بين المذاهب والديانات.

هل اليمن سعيد كما كان يقال؟! وهل لبنان، وهو الأم للجميع، يعيش بسلام، أم سوريا التي سادها الإرهاب والقمع، فما بالك بالعراق وليبيا والجزائر.. إلخ

هل نحتاج إلى دعاة الحب والسلام في المجتمعات العربية من جديد؟!

ومن حسن الصدف أن الشهر الهجري في هذه الأيام هو ربيع الآخر من عام 1437هـ، أليس الربيع هو الذي تتفتح فيه الأزهار والورود، ويهب فيه النسيم البارد المنعش، وهذا ينعش روح الإنسان المحتاجة إلى الراحة، وتسمع البلابل تنشد بصوتها الجميل وتغرد بعضها لبعض.

كفانا مشاهدة مسلسلات القتل بدم بارد، والأفلام التي تجعل الإنسان في حالة خوف حتى من السير وحيداً على شاطئ البحر، أو ربما بين كثبان الصحراء الجميلة، خوفاً ممن لا يحبون الحياة.

كلمة أخيرة، أهلاً بالتسامح والحب والحنان، وليقف الجميع ضد الظلام، وأولئك الحاملون مناجل القتل في القرن الحادي والعشرين، إن العودة إلى الوحدة الوطنية داخل الشعوب هي الحائط ضد كل من يقتل حلم الإنسان بالسلام والاستقرار والوحدة الوطنية، لعن الله الطائفية وروادها مهما كانوا.