يبدو أن أنصار هيلاري كلينتون السياسيين، وأفضل وصفهم بـ »الدمى الآدمية« قلقون من الجمهوري السوقي دونالد ترامب، ولا يفعلون شيئاً حيال ذلك.

إذ إنهم مستاؤون من الأمور الفظة التي يذكرها عن النساء، والأسوأ من ذلك استيائهم من تبدد الغضب الأميركي. إذ يكمن ما يزعجهم في أن الغضب الموجه ضد ترامب ليس منتشراً على نطاق واسع، على غرار حملة هيلاري كلينتون. وأثار رئيس الحزب الجمهوري الأميركي رينس بريباس حفيظتهم بشكل أكبر، عبر الإشارة إلى أن القضايا المتعلقة بشخصية ترامب ليست، جميعها، مسائل كبيرة لكي يتم التعامل معها.

وقد عمل ذلك على إثارة غضب دمى كلينتون للدرجة التي يمكن للمرء سماع صرير أسنانهم. لذلك يتضح أنهم بحاجة لعلاج، وسأصف لهم دواءً. ولكن أولاً، ما الذي جعلهم يشعرون بذلك؟ كان ذلك المقال الذي كتب في صحيفة »نيويورك تايمز« بشأن إساءة معاملة دونالد ترامب للنساء. لقد ألقى المقال بتأثيرات سلبية عليهم عقب التظلم البارز الذي قدمته العارضة روان بروير لين، قائلة:

: »لقد أداروا المسألة بحيث تبدو سلبية، ولم يسبق وأن خضت تجربة سلبية مع دونالد ترامب، ولا أوافق أن يجعلوا المسألة تبدو كما لو أني قلت إنها تجربة سلبية، لأنها لم تكن كذلك«.

لست مهووساً سواء بترامب أو كلينتون. وحقيقة أن أحدهما قد يصبح رئيساً تجعلني تواقاً للبحث عن خيمة في العراء. فهناك يمكنني قراءة الدستور بسلام، مثل بعض النساك غير الواعين، دون أن يعتريني القلق بشأن ما يمكن للرئيس المقبل فعله لأجله.

وباستثناء الجهلة، يجب على معظم الأميركيين الإدراك منذ الآن أن ترامب هو المرشح عن الحزب الجمهوري للرئاسة، لأن مؤسسة الحزب الجمهوري كذبت على القاعدة وتلاعبت بها لمدة طويلة للغاية، بحيث توقف الناخبون عن تصديق أي شيء تقوله.

وتعتبر كلينتون مرشحة الديمقراطيين، لأنها لا تزال تعرف طريقة كسب الديمقراطيين القدامى.

كلينتون مدعومة من قبل الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما. ولقد عمدت إلى ضم القدامى في الحزب الديمقراطي إلى فريق كبار المندوبين، ممن يرغبون بأن تمنحهم حصصاً كبيرة من المكاسب كرمز لولائهم.

ومع ذلك وحتى الآن فإن دمى كلينتون ليسوا قلقين فيما يتعلق بمنح الملكة هيلاري كلينتون تلك الحصص الكبيرة لمأجوري الحزب. وعوضاً عن ذلك، هم قلقون من عدم الغضب من ترامب. لذلك هم ينتحبون متسائلين: كيف تمادى ترامب مع فكرة معاملة النساء بتلك الطريقة؟ لماذا لا تعتبر أميركا غاضبة بقدرنا؟ هل أصبحت الشخصية هامة في سياسة أميركا بعد اليوم؟

إذا كنت مندهشاً من ترامب وتبدد الغضب منه، فإن ما يمكنك أن تفعله هو الآتي، ابحث عن غرفة مظلمة مع مرآة. أحضر معك شمعة مشتعلة. قف أمام المرآة، وابق ثلاث دقائق في صمت كامل، متسائلاً عن تبدد الغضب، ثم كرر ورائي: »بيل كلينتون. بيل كلينتون. بيل كلينتون«.

وفي حال لم يجدِ ذلك نفعاً، جرب أحد هذه الأمور: »الموضوع يتعلق بالجنس فقط« أو أن »الجميع يفعل ذلك« أو »إنه مسألة خاصة«.

كرر حتى تخسر الكلمات معانيها، وتصبح مجرد أصوات غير مفهومة، بحيث تنقلك إلى مساحتك الآمنة للتأمل.

وإذا لم يكن ذلك مجدياً، فهناك أمر آخر. كرر الآتي: »إذا وضعت مئة دولار في مقطورة بإحدى الحدائق، فإنك لن تعرف أبداً ما الذي يمكن أن تحصل عليه«.

تعود تلك الكلمات الخالدة لجيمس كارفيل، ناشط في الحزب الديمقراطي، الذي مهد، مع ارتقاء هيلاري كلينتون، كيف سيعامل بيل وهيلاري كلينتون النساء اللواتي تجرأن واتهمن الرئيس السابق، بيل كلينتون، بالتحرش الجنسي.

وتمثلت المرأة التي أشار إليها جيمس كارفيل »بولا جونز«، حيث لم تكن غنية أو ذات منصب، بل امرأة عاملة تعرضت للتحرش الجنسي من قبل بيل كلينتون حينما كان حاكم ولاية أركنساس. ولكن تم تشويه سمعتها، من قبل كبار مستشاري كلينتون، كشخص يشوه سمعة بيل للحصول على المال. لكنها كانت تقول الحقيقية، إذ كانت بولا حالة واضحة تماماً في قضية تحرش جنسي.

ولو كان بيل كلينتون، رئيساً تنفيذياً في القطاع الخاص، لكان قد تعرض للطرد. إلا أن هيلاري وبيل قاتلا مجدداً للوصول إلى الهدف المنشود للإساءة إلى جونز وآخرين، بمن فيهم جوانيتا برودريك، وكاثلين ويلي، ومونيكا لوينسكي. وكجزء من هذا فإن بيل كلينتون، كذب تحت القسم، وأدلى بشهادة زور، وذلك حينما كان رئيساً للبلاد..

لم يتم الدفاع فقط عن بيل كلينتون، بل جرى رد اعتباره السياسي من قبل العديد من الجهات الفاعلة ذاتها، من قبل النسويات والعاملين في الحزب الديمقراطي. وبالتالي حل الضرر. وقتها، لقد أخبرنا كل من هيلاري وبيل كلينتون، والموالون لهم، أن الشخصية لم تكن مهمة. وأن الأمر كله عبارة عن مسألة خاصة. وفي جوهر المسألة، ساهم أولئك في ولادة دونالد ترامب. قد تقول إن هيلاري، التي تحمي بيل لتحقيق طموحاتها، كانت القابلة التي ساعدت في ولادة حملة ترامب..

وبالتالي، إذا أظهرت هيلاري كلينتون والدمى الخاصة بها أي استغراب بشأن ما حدث للشخصية السياسية والغضب السياسي فإن كل ما عليهم فعله يتمثل بـ »النظر في المرآة«.