أغلب الظن أن استخدام فيروس الفدية الذي ضرب أنظمة الكمبيوتر الخاصة وفي مؤسسات وهيئات عدة في حوالي مائة وعشرين دولة أو أكثر يندرج ضمن وصف السطو المسلح.
فالإرهاب الإلكتروني قد تكون له سمات ومواصفات وممارسات مختلفة، من بينها مثلاً ما حدث في هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 بنيويورك وواشنطن وكذلك توظيف الشبكة العنكبوتية في أحداث مماثلة لحساب تنظيمات إرهابية دون أن تتمكن جهات رقابية دولية أو محلية من فك رموزها أو تعقب مصادرها، ولكن ممارسات القراصنة لها نهج مختلف.
إذا ما أردنا قراءة أخرى لحجم ما حدث ووضعه في مكانه الطبيعي من حيث درجة التطور والخطورة معاً، فقد نلجأ إلى بعض الأفكار أو التشبيهات البدائية.
ولا غضاضة في ذلك، فجهاز الكمبيوتر، تحول إلى ظاهرة فريدة من نوعها، ليس لأن الإنسان والمجتمعات والدول لم تعد باستطاعتها الاستغناء عنه فحسب، ورغم أنه صنيعة الإنسان نفسه إلا أنه أصبح مهيمناً ومتحكماً في مناحي الحياة بأشكال ومهام تتجاوز حدود القدرات البشرية.
تأثيرات هذا الجهاز تشمل كل القطاعات، من التعليم والصحة والإعلام والاتصالات والصحافة والتراسل والأعمال الإدارية والمالية والتحليل المعملي والجنائي والتجارة بكل أشكالها بيعاً وشراءً وسمسرة وصفقات ومزادات وأسواق، وصولاً إلى الحملات الانتخابية والسياسية وغير ذلك من قطاعات.
هذه سطوة ضخمة جداً لم يعد في مقدور أحد أن ينكرها على أي مستوى من المستويات، ومن الطبيعي أن ممارسات مجتمعية بهذا الحجم يمكن أن تصبح مصحوبة بأشكال عدة من الممارسات والتصرفات غير القانونية وغير المشروعة بداية من سرقة الحسابات الشخصية والاحتيال ببطاقات الائتمان أو بأشكال أخرى متعددة ومتنوعة وحتى إشعال حروب الجيل الرابع وإثارة الكثير من المشكلات الداخلية والمجتمعية للدول أو بين الدول وبعضها.
وأصبح تعبير «الكتائب الإلكترونية» من المسلمات المعترف بها أو الشائعة في استخدامات الكمبيوتر، وصولاً إلى فيروس الفدية وعمليات السطو المسلح التي حدثت قبل أيام وتمثل بالفعل التطور الأهم في هذا المجال والذي يفتح الباب أمام ممارسات غير قانونية أو جرائم أخرى يصعب تصورها.
أن يتمكن قرصان أو تنظيم أو جماعة أو جهاز مخابرات من شل حركة مؤسسات أو هيئات أو دولة عبر مصادرة ملفاتها وقواعد معلوماتها وتشفيرها طلباً لفدية مالية لتحريرها هي بالفعل عملية سطو مسلح لا تختلف كثيراً عن عمليات اختطاف البشر طلباً للفدية المالية، وهو تطور مذهل في عالم الجريمة الإلكترونية، والجريمة الإنسانية بشكل عام، والأخطر أنه يفتح الباب أمام مواجهات أشد خطورة وفتكاً في مجالات أخرى.
علينا فقط أن نتذكر أن ما يحدث الآن من ممارسات، مشروعة وغير مشروعة، عبر شاشات الكمبيوتر، لو كان طرح من باب الخيال على البشر في عقود القرن التاسع عشر أو بدايات القرن العشرين لاتهم أصحابها على الفور بالجنون بكل تأكيد، ولكنها اليوم حقائق على أرض الواقع.
وأغلب الظن أن التطورات المقبلة كذلك ستكون فوق مستوى تخيلنا حالياً، ما جعل خبراء الجريمة الإلكترونية يطلقون تحذيرات من هجمات جديدة واسعة النطاق وعمليات خطرة للتخريب الرقمي ربما تؤدي إلى نشر الفوضى والاضطرابات في مناطق واسعة على خارطة العالم في الأسابيع المقبلة.
تلك التطورات هي مبرر منطقي لما أعلنته دول عدة من حالات استنفار في مواجهة تلك الحملة الشرسة لأن بالفعل النتائج المتوقعة لهجمات السطو المسلح الإلكترونية تلك ستكون كارثية بعدما أكدت مجموعات من القراصنة نيتها بيع رموز يمكن استغلالها للتسلل إلى أكثر أجهزة الكمبيوتر والبرامج والهواتف استخداماً في العالم، مع طرح برمجيات لكل من يرغب في الشراء من أجل الوصول إلى بعض أهم الأسرار التجارية في عالم التكنولوجيا.
وكذلك بيع نقاط ضعف لم يتم الكشف عنها من قبل وتعرف باسم «الأيام الصفرية» يمكن استخدامها لمهاجمة أحدث برامج شركة مايكروسوفت، وهددت كذلك ببيع بيانات ضخمة من بنوك تستخدم شبكة دولية للتحويلات النقدية وبيانات عن البرامج النووية والصاروخية لروسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية.