كتب المؤرخ الرئاسي دانييل فرانكلين، في مقال له، أخيراً، يقول إن الحقبة قد لا تشهد نظيراً لدونالد ترامب كرئيس تصحيحي من طراز الرؤساء الأميركيين السابقين أندرو جاكسون وفرانكلين روزفلت ورونالد ريغان.
لقد قلب ترامب على غرار كبار القادة السابقين الوضع القائم عن طريق إعادة تنظيم الدوائر الحزبية، والتخلي كلياً عن الإجماع السابق المهيمن، في تغيير قد يكون تقدمياً أو انكفائياً.
بعيداً عن فوزه الذي شكل صدمة بحد ذاتها، انبرى ترامب لإحداث تغيير في النظام سيثبت مكانته لفترة طويلة مقبلة.
يكتب فرانكلين معلقاً.. «هناك احتمال كبير بأن يحقق نجاحاً. ويصعب كثيراً محاربة رئيس تصحيحي، سيما أن الأميركيين بشكل عام يرغبون بوجود شخص يقودهم، وقد أشارت أبحاثي الخاصة في المجال إلى انحياز نكنّه للقيادة المقدامة، بغض النظر أين تأخذنا؛ أضف إلى ذلك وجود دلائل كثيرة تؤكد أن الحقائق تخضع للتصور البشري وليس العكس».
ويراقب العالم اليوم بحذر موجة الاعتداءات المتواصلة على ما يسميه ترامب «الإعلام المضلل» في تعبير يقترب كثيراً من نظيره الذي وصم العهد النازي بمقولة «كذب الإعلام».
ولا تزال الصدمة تسيطر على كثر خارج الولايات المتحدة جراء الحظر التام على تأشيرات السفر من عدد من الدول المسلمة، وقد قوبلت الخطوة بموجة احتجاجات وتظاهرات دعاوى قانونية. ورأى فيها مسؤولو الأمن السابقين هدية لمجندي الإرهابيين.
إلا أن الواقع الأكثر تهديداً من الحظر نفسه يكمن في موقف ترامب المستمر من هيئة القضاء المستقل الناظر في الدعاوى ذات العلاقة، والتقليل من شأن قانونيين محترمين لم يوافقوه الرأي بوصفهم بـ«من يدّعون أنهم قضاة»، وأنهم أقل كفاءة من «طلاب الثانويات الكسالى».
ويخيّل لبول غاودر بروز معقلين في المعركة الحالية، يقع أولهما تحت مسمى معقل السلطوية بقيادة ترامب نفسه، ومعقل «الدستورية» الذي يضم قاضي المحكمة العليا الجديد نيل غورستش، الذي وصف تعليقات ترامب بحق الجسم القضائي بـ«المحبطة» و«المعرقلة».
وإذا كُتب للرئيس التصحيحي النجاح، فأي قيم ستمثل أميركا في العالم، مع انتهاء مرحلة تغيير النظام؟
القوة الناعمة صعبة المنال لكن سهلة الخسارة، وإن إصرار المحاكم الأميركية على الاضطلاع بدورها التنفيذي يساهم في تعزيز صورة أميركا الإيجابية على الرغم من جهود الإدارة الجديدة.
وشهدت آناستازيا مانويلوفا عملية تفتت مطّرد مماثلة لحرية الإعلام واستقلال القضاء في روسيا بزعامة الرئيس فلاديمير بوتين، وكتبت من موسكو تستطلع آراء الذين احتجوا ضد بوتين عام 2011 طلباً لنصيحة يوجهونها للأميركيين.
فأشار الروس في أحد الاقتراحات بالقول: «تمسكوا بمحاسبة قادتكم ولا تتوقفوا عن الاحتجاج، فلا يضيع اعتراض سدى».
وأشار كل من بنجامين فون رووج وجيفري واسرستورم إلى أنه على الرغم من ظهور الرئيس الصيني شين جينبينغ بعباءة المدافع الشرس عن التعاون العالمي في دافوس، إلا أن ممارساته السلطوية أفقدت بلاده أهلية الاضطلاع بدور «القيادة الأخلاقية» في العالم الذي تنازلت عنه إدارة ترامب.
وتشكل حرية الإعلام اليوم إحدى القضايا الجوهرية في أميركا، ليس جراء موقف ترامب وحسب، بل بسبب التفشي السريع للـ«حقائق البديلة» وخطاب الكراهية والأخبار الملفقة عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ويشير فرانك باسكال إلى شعوره بالقلق إزاء تلاعب المتطرفين بمحرك بحث غوغل ونشر تحليلات مختلفة.
يقترح من أجل وضع عملاقة التكنولوجيا أمام مسؤولياتهم خمسة حلول، هي الحدّ من المحتوى المحجوب الضار والذي لا يهم الرأي العام، وتحديد ومراقبة وشرح نتائج البحث الموصومة بالكراهية، وحظر نشر بعض أنواع المحتوى إذا أمكن، والسماح بتعليقات خارجية محدودة للمنشورات التشهيرية، وتوظيف عدد أكبر من الأشخاص لإصدار الأحكام على الشكاوى المقدمة.
وتكشف أرييل كون من معهد مستقبل الحياة كيفية حماية الخصوصية في عصر البيانات الكبرى، وتقتبس عن مسؤول في شركة «آي بي إم» قوله: «إنه لمن الأهمية المطلقة بأن يملك الأفراد الحق بإدارة الوصول إلى المعلومات التي ينشئونها».
تواصل سوريا في ظل الجدال القائم، المسير في دوامة الانزلاق، حيث تحيي لينا الشامي من إدلب ذكريات السنوات الأخيرة المفجعة والمؤدية إلى دمار حلب، وقد أرفقت كتاباتها بصور وتسجيلات صوتية تروي سيرة الانعطافة التي اتخذتها حياتها منذ 2011، عام الثورة بوجه الرئيس السوري بشار الأسد، والحرب الأهلية اللاحقة.