يكاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يكون هو الرئيس الوحيد، الذي يساند قطر بمنتهى القوة في موقفها الراهن، منتقداً المملكة السعودية، والدولة المصرية بدعوى أنهما يرفضان أن يكون لقطر هويتها الذاتية دفاعاً عن الكرامة العربية!

وإذا صح أن البرلمان التركي وافق على مشروع قرار قدمه الرئيس أردوغان بإرسال قوات عسكرية تركية إلى قطر لدعم مواقفها السياسية، فأغلب الظن أن مساحة الخلافات بين قطر والدول الخليجية والعربية عموماً سوف تزداد اتساعاً وعمقاً، خاصة أن بعض الدول العربية تطالب الجامعة العربية بقرارات حاسمة تزيد من عزلة قطر وتعاقبها على أفعالها وتصرفاتها غير المقبولة.

والحقيقة أنه بسقوط قطر افتضح أمرها ودورها باعتبارها «الراعي التاريخي» لمنظمات الإرهاب، التي تمول وتدرب وتسلح تنظيمات القاعدة وداعش وجبهة النصرة كي تعيث فساداً في ليبيا وسوريا وفلسطين، وتمنح جماعة الإخوان ملاذاً آمناً، ومنصة لأعمالها، حيث تستضيف قياداتها الهاربة من العدالة وتمكنها من أن تواصل تآمرها على مصر والسعودية والإمارات، الدول العربية الثلاث التي تعتبر جماعة الإخوان جماعة إرهابية بعد أن ضبطت متلبسة بالعديد من جرائم القتل والتفجير، وتنظيم الخلايا السرية.

بسقوط قطر وافتضاح دورها المخرب على امتداد عقدين من الزمان، من حكم حمد الأب إلى حكم تميم الابن، تؤول «المهمة القذرة» إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شريك قطر الأساسي في التآمر على مصر، والعبث في سوريا وليبيا الذي يعتبر حصار قطر مخالفاً لقيم الإسلام رغم دورها التخريبي الواضح ويمارس هو شخصياً مهام قطر نفسها في «رعاية الإرهاب»، يفتح أبواب بلاده لجماعة الإخوان، يؤوي قياداتها الهاربة.

ويستضيف أجهزة إعلامها، ويوفر لها التسهيلات اللوجستية والفنية والمالية التي تمكنها من مواصلة دورها التخريبي وبث سمومها الفكرية ولهجتها التحريضية، امتداداً لدور تركيا قبل عقد واحد من الزمان، عندما فتحت حدودها لأنصار داعش يأتون من كل بقاع العالم كي يحاربوا في صفوف داعش في العراق وسوريا، إلى أن تمكن تنظيم داعش من السيطرة على هذه المساحات الشاسعة من البلدين، وإعلان قيام دولة الخلافة الداعشية من الجامع الكبير في الموصل بزعامة «أمير المؤمنين» المزعوم أبو بكر البغدادي، واحتلال مدينة الرقة السورية قبل أربعة أعوام لتصبح عاصمة الخلافة.

المؤسف أن المجتمع الدولي يعرف تفاصيل الدور القذر الذي لعبه أردوغان في مساندة داعش ودعمها وتمددها على هذا النحو الخطر، كما يعرف علاقات الانتماء العقائدي التي تربطه بجماعة الإخوان، وتنظيمها الدولي الذي يتخذ من تركيا مقراً لاجتماعاته وخططه ضد الدول العربية الرافضة لوجودها وسياساتها وأدوارها، ومع ذلك يلتزم الجميع الصمت حيال دور أردوغان في تشجيع الإرهاب وإعطائه ملاذاً آمناً.

والأكثر مدعاة للدهشة أن يسعى أردوغان شريك قطر الأساسي في كل أعمالها القذرة لأن يكون وسيطاً للمصالحة مع قطر، يطالب الدول العربية الأربع، السعودية ومصر والإمارات والبحرين برفع الحظر عنها دون شرط أو قيد، ويدعى زوراً أن مقاطعة قطر تخرج عن القيم الصحيحة للإسلام، أما عملياتها في القتل والتفجير وتدمير مصائر الشعوب فيدخل في صميم الإسلام كما يراه أردوغان!

ولأن استقرار الشرق الأوسط لا يزال تحفه مخاطر عديدة بسبب استمرار تركيا في دورها التخريبي اتصالاً مع الدور القطري، فربما يكون أهم واجبات المرحلة الراهنة تسليط الضوء على الدور التخريبي الذي يلعبه رجب طيب أردوغان، ومطالبة المجتمع الدولي بإلزام تركيا الكف عن أن تكون ملاذاً لقيادات جماعة الإخوان الهاربة، وفضحها داخل الأمم المتحدة.

وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى تصريحات الوزير قرقاش، التي تحدث فيها عن طبيعة الازدواجية للدور التركي وسعي أنقرة للجمع بين توجهاتها الأيديولوجية ومصالحها في الآن ذاته، والواضح أن تركيا تعاملت فعلاً مع الموقف بمنتهى الانتهازية حيث بدأت مناورات عسكرية مشتركة مع الدوحة تنفيذاً لما أسمته «اتفاقية الدفاع المشترك»، بل وذهبت إلى أبعد من ذلك بعرضها إقامة قواعد عسكرية تركية على الأراضي السعودية!

الآن- ولمواجهة ذلك- ينبغي أن تكون البداية من الدول الأربع مصر والسعودية والإمارات والبحرين استمراراً لدورها التاريخي المهم في الحرب على الإرهاب وصولاً إلى موقف جماعي عربي يكشف حقيقة التآمر بمساعدة أطراف إقليمية.