لا يريد النظام في قطر أن يتعلم من أخطائه، أو أن يتوب عن سياساته التي أودت به إلى العزلة ووضعته على شفا الانهيار. ما زال حكام الدوحة يتصورون أن اللجوء لأعداء الخليج والعرب يمكن أن يمثل لهم طوق نجاة، وما زالوا يتوهمون أن خبرتهم في إثارة الفتنة يمكن أن تعطيهم مساحة من المناورة، وأن تاريخهم في إثارة الخلافات العربية يمكن أن يفيدهم في المحاولات الخائبة لإيجاد ثغرة ينفذون منها في الجدار الصلب للرباعية العربية المكافحة للإرهاب والمقاطعة لقطر.

وفي الوقت الذي كانت الرباعية تؤكد في اجتماع وزراء خارجيتها الأخير التضامن الكامل فيما بينها، والتمسك بالمطالب المشروعة التي طرحتها كشروط لإقامة علاقات طبيعية مع قطر.. كان وزير خارجية النظام القطري يكرر الأكاذيب المعهودة عن نظام الدوحة أمام مؤتمر «دافوس»، مستهدفاً مصر مردداً أن النظام القطري يسعى لسد الفجوة بين قطر ومصر (!!) وأنه يعتقد أن الخلافات مع مصر ليست أساسية (!!).

يتناسى الرجل تاريخاً من التآمر القطري على مصر والعداء لشعبها. ويتناسى الدور القطري المشبوه في دعم استيلاء تنظيم الإخوان على السلطة في مصر، ثم الدور الإجرامي في الوقوف ضد إرادة شعب مصر التي تجلت في ثورة 30 يونيو التي أسقطت الحكم الفاشي، وحمت الدولة من الانهيار، وأنقذت بقية الوطن العربي من الوقوع في قبضة رجال الدين الذين تحولوا إلى أدوات في يد أعداء الأمة ووسيلة لنشر الخراب والدمار في أنحاء الوطن العربي.

ويتناسى الرجل صبر مصر الطويل «ومعها باقي الدول الشقيقة أعضاء الرباعية العربية»، على خطايا النظام القطري وجرائمه. ويتناسى الوعود التي قطعها حكام الدوحة على أنفسهم ثم حنثوا بها، ويتناسى أن كل ما فعلته دول الرباعية «مصر والإمارات والسعودية والبحرين»، هو أنها قررت أن تحمي أمنها، وأن تقول لمن يتآمر عليها إنه لن يكون شريكاً لها حتى يوقف تآمره.

ويتحدث المسؤول القطري عن سعي بلاده الدائم لسد الفجوة مع مصر! ويبدو أن المفاهيم قد اختلطت تماماً في أذهان المسؤولين القطريين. فالتحريض ضد مصر لمدة 24 ساعة في اليوم من القنوات التلفزيونية القطرية هو «فعل خير» يقودها حتماً إلى «سد الفجوة» التي يتحدث عنها وزير الخارجية القطري، وماكينة الأكاذيب التي لا تتوقف قطر عن تشغيلها ضد مصر وباقي دول الرباعية العربية هو جزء من سعي قطر إلى «سد الفجوة»، وفق ما تعلمه النظام القطري من فقه الإجرام واحتراف الأكاذيب عند جماعة الإخوان المسيطرة على الدوحة!

ولا شك أن «المساعي المشكورة» وفقاً لفقه سد الفجوة على الطريقة القطرية والإخوانية، يتضمن دعم جماعات الإرهاب وتحويل «الدوحة» إلى مقر يحتضن زعاماتها وينسق نشاطاتها، وتسخير أموال الشعب القطري لمساندة كل ما ينشر الدمار في بلاد عربية شقيقة.

وفي «فقه سد الفجوة» على الطريقة القطرية.. فإن نقل «الدواعش» إلى ليبيا بعد انتهاء مهمتهم القذرة في سوريا والعراق، هو من أعمال البر والإحسان (!!) وليس عملاً مخططاً يستهدف أن تكون ليبيا المدمرة قاعدة أساسية لإرهاب الدواعش والإخوان والقاعدة، تمد خطرها إلى دول الجوار وفي المقدمة مصر التي تخوض بالفعل حرباً مستمرة على حدودها الغربية ضد الإرهاب الذي تم زرعه في سيناء أثناء حكم الإخوان والذي لا ينقطع العون له لإبقائه على قيد الحياة، رغم الضربات القاصمة التي يتلقاها من الجيش المصري، لأنه يمثل جزءاً مهماً من جهود استنزاف قوة مصر، كما يمثل التهديد المستمر لأمنها، والذي يزداد خطره مع ازدياد الحديث عن جهود تصفية القضية الفلسطينية.. على حساب العرب، كما يخطط الصهاينة وحلفاؤهم في المنطقة وخارجها!

وبالطبع، فإن «فقه سد الفجوة على الطريقة القطرية» ينص في أحد بنوده على أن دعم جماعات الإرهاب على الحدود الغربية في ليبيا وعلى الحدود الشرقية داخل سيناء لا يكفي. ومن هنا تأتي «المساعي المشكورة!!» من حكام قطر لاستكمال حلقات الخطر بالمحاولات الدؤوبة لإثارة الخلافات بين مصر وأشقائها في السودان، ثم بدعم عملية تحويل «سواكن» إلى قاعدة عسكرية تركية تهدد الأمن العربي في البحر الأحمر وباب المندب!!

ويطول الحديث بنا، ولو حاولنا حصر المساعي التي تقوم بها قطر من أجل سد الفجوة مع مصر، كما يقول المسؤول القطري بلا خجل وهو يتحدث أمام منتدى «دافوس» العالمي.. فالمساعي القطرية لم تقصر ـ والشهادة لله ـ في بذل كل جهد من أجل دعم الإرهاب، والتحريض على التخريب والتدمير، ونشر الأكاذيب وامتهان الحقيقة، ثم.. الجري وراء وهم شق الصف بين الدول العربية الأربع التي اجتمعت على مكافحة الإرهاب فقررت مقاطعة قطر.

.. وتبقى النصيحة «لوجه الله ولمصلحة قطر وشعبها الشقيق قبل كل شيء» بأن يتوقف النظام القطري عن القراءة في «فقه سد الفجوة» على الطريقة القطرية ـ الإخوانية، وأن يدرك أنه يسير في الطريق الخطأ وأنه لا بديل أمامه إلا بإدراك أن الاستجابة لمطالب الرباعية العربية ليست عيباً، وأن العودة عن الخطأ ليست جريمة.. وإنما الجريمة أن يستمر النظام في سياساته، وأن يواصل التآمر ضد الأشقاء والتعاون مع الأعداء ودعم جماعات الإرهاب.. متوهماً أن دول الرباعية العربية يمكن أن تتراجع أو تختلف في مواجهة الخطر الذي يهددها ويهدد كل الوطن العربي.

مشكلة حكام قطر أنهم يبحثون عن الحل في كتب من خارج المقرر، ويبحثون عن الخلاص بوسائل لن تقودهم إلا إلى الهاوية!!