«قطر ليست تلك الدولة الصغيرة المزدهرة التي تحتضن جامعات أجنبية، وتملك مباني جديدة، وفريق باريس سان جيرمان، وإنما هناك الجانب المظلم الذي لا ترونه». بهذه العبارات خاطب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أعضاء البرلمان الأوروبي في بروكسل، ليضع النقاط على الحروف في ما يتعلق بطبيعة كيان الحمدين الداعم للإرهاب والمهدد للأمنين الإقليمي والدولي، وليدفع بالرأي العام الأوروبي إلى البحث في ما وراء قرار المقاطعة العربية لنظام اختار لنفسه أن يكون عدوا لأشقائه وجيرانه، معادياً لتطلعات أمته، متلاعبا بالحقائق، ومتحالفاً مع قوى الشر.

لقد قدمت قطر نفسها للغرب على أنها بؤرة حرية التعبير من خلال إعلامها الموجّه، وفي مقدمته قناة «الجزيرة» التي برزت في نسختين: عربية تدعم الإرهاب وإنجليزية تتبرأ منه.

وقدمت نفسها على أنها عرّابة الإسلام المعتدل، فإذا بالاعتدال بالنسبة لها هو بناء تحالف استراتيجي بين الإخوان و«القاعدة» و«داعش» وكل طرف يمكن أن يهدد أمن واستقرار الدول والشعوب في المنطقة.

وقدمت نفسها على أنها تساند التحولات الديمقراطية ضمن ما سمي بالربيع العربي، فإذا بها تبادر بتصفية حساباتها القديمة مع الأنظمة، وبتمويل وتسليح الجماعات المتشددة لتدفع بها لاحقا إلى الحكم، ما تسبب آلياً في سفك دماء مئات الآلاف من الأبرياء وتشريد الملايين، وتبديد مئات مليارات الدولارات من ثروات العرب.

وفوق كل ذلك، اختارت قطر أن تعقد صفقات مع الغرب بعشرات مليارات الدولارات لشراء صمت حكوماته على دورها التخريبي في الدول التي يفترض أنها شقيقة لها، ولفتح نوافذ أمام حلفائها من قوى الإسلام السياسي في عواصم القرار الدولي كواشنطن ولندن وباريس.

واتجهت قطر لعقد تحالفات مع إسرائيل وتركيا وإيران ضد كل ما هو عربي، وتقدمي، وكل ما يمثّل السيادة والريادة والسلم الأهلي في الدول العربية.

وأطلقت أبواقها لبث الفتنة والتحريض عليها، وأقنعت تابعيها من الإخوان والانقلابيين و«الثوار» الراديكاليين بأنها تستطيع أن تضحك على الجميع، وأن تبيع الشعارات للغرب، وتشتري الصمت أو الحياد، إلى أن تنتهي من تنفيذ مشروعها في المنطقة العربية، وهو دور وإن بدأ من تونس ومصر، ثم ليبيا واليمن وسوريا، إلا أنه كان يستهدف أقرب الدول إليها وهي دول الخليج العربي لتجعل منها «الجائزة الكبرى» لنفسها ولحلفائها.

قطر ليست الصورة التي تقدمها عن نفسها، ولا التي تسعى لشرائها بالمال وصفقات السلاح، ولكنها الصورة التي كشفها الجبير، ويعرفها كل من سار على جمر المؤامرات التي حاكها ولا يزال يحيكها تنظيم الحمدين الإرهابي.