لم يتوقع أحد حدوث هذا الخطأ الجسيم من لاعب بقدر الأرجنتيني دوندا، لاعب وسط الوصل، الذي نجح في اكتساب ثقة النادي وجماهيره والكثير من عشاق كرة القدم في الإمارات، من خلال ما قدمه من أداء فني وأخلاقي طوال مشواره الماضي مع الوصل، والغريب أن تصدر هذه الحركة المشينة من لاعب دولي محترف كبير في وقت غير مناسب خاصة وهي غير مجدية، حيث كانت المباراة أمام الشباب تلفظ أنفاسها الأخيرة وتقطع الوقت المحتسب بدل الضائع وفريقه متقدم بهدف يمنحه أول ثلاث نقاط في مسابقة كأس المحترفين، لهذا عندما يقال في ساحة الرياضة «غلطة الشاطر بفورة»، أي بخسارة، فإن غلطة دوندا بحق جاءت مؤلمة، ليس له وحده وإنما لنا جميعاً مشاهدين وحكاماً وجماهير ونادياً، وقبلنا جميعاً اللاعب نفسه.

أشكر حكمنا يعقوب الحمادي على رد فعله الهادئ مع حركة دوندا واكتفائه بطرده من المباراة، لأنه لو أوقفها وطلب من أحد رجال الأمن في الملعب تسجيل حالة اتهام اللاعب له بالرشوة وتدوينها في محضر رسمي بقسم الشرطة ما لامه أحد، بل ولصفقنا له جميعاً على تصرفه القانوني الصحيح والحكيم، فمثل هذه الأخطاء والأفعال لا يجب أن تمر مرور الكرام، ولابد من وأدها في مهدها حتى لا تتكرر من آخرين، وخاصة عندما تأتي من لاعب بهذا الحجم يفترض أن يكون قدوة لباقي زملائه، ويعلم أن هناك صغاراً كثيرين ينظرون إليه بإعجاب ويقلدونه في كل شيء.

وأرى أن حالة الغضب والاستياء والرفض من جماهير الوصل أنفسهم تجاه الحركة خير عقاب للاعب، فمن المؤكد أنها ستؤثر في شعبيته، وهو أمر قاسٍ على أي لاعب، وأطالب إدارة شركة كرة القدم بنادي الوصل بضرورة أن يكون لها موقف من هذا التصرف وأن تسارع بمعاقبة اللاعب وتحميله تبعات العقوبة المتوقعة عليه من قبل لجنة الانضباط، بمعنى أنه لابد وأن تعاقبه مالياً وتحمله تكاليف غيابه عن الفريق في المباريات التي سيتم إيقافه فيها، فالنادي يدفع له راتباً شهرياً ومبالغ مالية كبيرة مقابل اللعب له في جميع المباريات، وإذا غاب عن أي مباراة لخطأ منه عليه أن يحمل المقابل المالي لذلك حتى لا يكرره مرة أخرى، وإلا سيكون النادي هو المتضرر الوحيد من العقوبة، ودوندا هو المستفيد الأول بحصوله على راتب دون عمل.

صحيح أن الواقعة مؤلمة والمشهد كان مسيئاً، لكن يمكن اعتبار حدوثه في افتتاح الموسم أمراً مفيداً، وخاصة مع ردة فعل لجنة الحكام باتحاد كرة القدم والتي ننشرها اليوم، حيث سارعت بمخاطبة جميع الأندية تنديداً بالواقعة وتهديداً بعدم تقاعسها عن إنزال أشد العقوبات على كل من يقترف مثلها أو ما يوازيها في التأثير والمعنى، وكذلك تأكيدها أن دوندا سينال العقاب المستحق من قبل لجنة الانضباط التي رفعت إليها صورة من تقرير الحكم عن كامل الواقعة وآثارها.

وبالتالي فإننا نضمن بذلك، أو على الأقل نأمل، أن نتابع موسماً خالياً من الأفعال والأحداث المؤذية للعين والنفس، وأن تتجسد على أرض الملعب القيمة الحقيقية للرياضة المتمثلة في المنافسة الشريفة، والتي أوجزها السابقون في جملة من كلمتين (الرياضة أخلاق) لكن فعل دوندا ذبحها في ملعب الجوارح.