في قضية الحدث الإماراتي، الذي كان يواجه تهمة السعي إلى الانضمام إلى تنظيم »داعش« الإرهابي، أعلنت المحكمة أول من أمس، كلمتها وقضت ببراءته مما أسند إليه.

والقضية باختصار شديد أنه منذ اختفاء من الصبي من بيت ذويه، وبعد إبلاغ السلطات، تبيّن سفره إلى الأردن من دون أن يبلغ أهله بأمر سفره. وخلال أيام لم تتجاوز الأيام الخمسة أعيد إلى البلاد.

بغض النظر عن القضية برمتها، وما جاء في الأوراق، التي انتهت لصالح هذا الحدث، أقول وأجزم أن هذا كان أمل جميع الزملاء والزميلات، الذين كانوا يتابعون هذا الحدث، وهو أن تنتهي قضيته بسلام، وأن يعود إلى أحضان والديه وأسرته، وأن يصبح ما مر به كأنه كابوس ومضى.

لكن ليس عند هذا الحد ينتهي الأمر، بل يجب على أسرة هذا الصغير وغيرها من الأسر أن تقف ملياً عند حد رعايتها لأبنائها، فلم يعد الحال كما كان آمناً مستقراً، لا تخشى الأسر على فلذات كبدها شيئاً، بل كل شيء أصبح مخيفاً من حولنا، حتى وإن كان الواحد منهم جالساً بين أسرته، يكفيه كثيراً ما يحمله هاتفه إليه، وينقل إلى رأسه من أفكار متطرفة لا تدخل رأس عاقل، لكن ربما تأثروا بها، وأثرت عليهم، وجعلتهم ضاربين بكل القيم، وبكل ما تربوا ونشأوا عليه عرض الحائط.

هذه الأفكار مثل المخدرات، تبدأ بتجربة الاستماع إلى قائلها، ثم لا يلبث الشخص أن يجد نفسه منقاداً خلفها، ومتى ما تمكنت منه وأدمنها يصعب الخروج من دائرتها، ويصبح أسير كل ما يسرد عليه وما يلقن، يردد ما لقنوه ضد وطنه وأهله، ليصبح معول هدم في مجتمع آمن مستقر، لا ينقص الإنسان فيه شيء، ويخرج عن سربه الجميل، لينعق مع الغربان، ويحمل الأسفار.

براءة هذا الحدث من السعي إلى الانضمام إلى تنظيم الكفر والسواد والإرهاب، هي بمثابة شهادة ميلاد جديدة، ليحيا حراً في وطن يحفظ للإنسان كرامته، من دون الحاجة للانزلاق وراء جماعات إرهابية.

قد يكون للآخرين أهداف ودوافع، لأن يعجبوا بما تقوله جماعات ضالة، فلا حاضر ولا مستقبل ولا عيش كريم يهنأون بها، ولكن ما حجج ومبررات الإنسان هنا لأن يلحق بها، ويتحمس للتطرف، وترويع الآمنين، وتشريد الناس من بيوتهم وأوطانهم.