نتفق تماماً مع هيئة تنمية المجتمع في دبي، في سعيها إلى إقرار قانون يحمي كبار السن، يحتوي على مواد تجرم الأبناء الجاحدين، الذين يتخلون عن والديهم، ويرفضون رعايتهم، بعدما انتهت من إعداد مسودة قانون في هذا الصدد، وعرضتها على المجلس التنفيذي لإمارة دبي.
والحق، فإن الهيئة لم تذهب إلى ذلك من باب الترف أو إضافة مواد لقانون كبار السن من باب التباهي بها، بل لظروف وحالات أوجدت الحاجة بإلحاح إلى ما يكبح جموح الجاحدين من الأبناء الناكرين لفضل وجميل والديهم عليهم، الضاربين بكل القيم عرض الحائط، الآتين سلوكاً يرفضه العقل والمنطق، وينكره مجتمع يعلي قيمة الكبار في السن، ويعتني بهم في كبرهم، ويحفظ لهم مكانتهم التي يستحقونها.
في المستشفيات وغيرها، توجد حالات يظهر فيها الجحود جلياً لأبناء شغلتهم الحياة عن رعاية كلا الوالدين أو أحدهما، وتناسى الجميع ذلك الكبير القابع في المستشفى من غير مرض يستدعي وجوده فيه، يستعطف، بل يستجدي حب الأبناء، ويتمنى الوجود بينهم وبين أحفاده في ما تبقى له من العمر.
في الأقسام الداخلية للمستشفيات، قصص وروايات عن أبناء لا يعلمون شيئاً عن آباء وأمهات يعانون الوحدة، ويقاسون فراق أبنائهم، ولولا كرم البلاد مع مواطنيها، ورعايتهم في الصغر والكبر، لرأينا العجب العجاب في حكايات جحود بعض الأبناء لوالديهم.
وإن كنا نحمد الله أن الأمر ليس ظاهرة عامة، فكم من أسر ترعى كبارها، وتعتني بهم، بل هناك من يرفض أن يعتني غيره بهما، وأخرى يتنافسون على استضافة والديهم عندهم، أبناء وزوجاتهم وبنات وأزواجهم، يرون في وجود الكبار في بيوتهم خيراً وبركة، لا يبدؤون نهارهم إلا بالجلوس إليهم وتقبيل رؤوسهم، ولا يخلدون إلى فراشهم، إلا بعد المرور عليهم وسماع دائهم، وبين هذه وتلك، فيض من الحب، وكثير من الاحترام، وعظيم الامتنان يبثونه، إلا أن الحزم مع الحالات، وإن كانت قليلة، واجب.
نعم، كل التقدير لهيئة تنمية المجتمع، وهي ترعى المجتمع في أهم فئاته، تدخل البيوت وتتعمق في هموم الأسرة، ثم تدعم كل من فيها بالحب والاهتمام والمادة والدراسات الميدانية، ثم القوانين التي تحتضن كل فرد، تحمي الفرد في صغره، وترعاه وتعتني به في مختلف مراحل حياته، ثم تعيد تقديم الحماية له في سن يصبح فيه عاجزاً عن حماية نفسه ورعايتها، بل وبعد أن كان يحمي 10 أبناء، يعجز الـ 10 عن رعاية شخص واحد.