قليلٌ من يعرف الدكتور عبدالرحمن السميط، وأقلُّ منهم من يعرف ما قدم هذا الرجل للأمة الإسلامية، بل لو مرّ يوماً في الشارع وحيداً يطلبُ مساعدةً لمسجدٍ أو مدرسةٍ أو بئر معطلةٍ قد لا يجد من يساعده، لأنهم يجهلون قيمة هذا الفرد في هذه الأمة، الذي يعدّ أمة جمعت في فرد!! ولا تثريب على من لم يعرفه، ولا عيب فيمن لم يعرف أعمال هذا الرجل العالمية السامية، ولا ينقص السميط ألا يعرفه هؤلاء فقد عرفته ملايين القلوب التي دخلت الإسلام على يديه، والذي كان سبباً في هدايتها أو مساعدتها على مصائب الحياة أو على إرجاعها إلى الصراط المستقيم، بعد أنْ زاغت عنه بسبب بريق الذهب ولمعان الفضة التي يأتي بها المبشرون من كل مكان، لا ضير عليك يا دكتورنا الغالي فقد وفيت الوعد وذللت الصعب وأنت وحدك في هذا كله..

تشرفت بمعرفتي للدكتور السميط في دبي، لأنه إذا وجد فرصة قدم إلى الإمارات للسلام على معارفه ولقاء أصحاب الإحسان منهم، وقد التقيته عدة مرات وفي كل مرة يحدثني عن إنجاز جديد له في مجال الإغاثة والعمل الدعوي، وكنت أستغرب من بعض القصص التي أسمعها منه، وأقول في نفسي إنّ هذا الرجل يكاد يقتل من شدة الأهوال التي يقاسيها في عمله، ولا أظن أن من العقل هذا العمل، وإنه لمجازفة كبرى وشيء من هذه الخواطر التي تنتابني عندما أستمع إليه، ولكن يأتيني الرد سريعاً، فمن رأى الإنجازات هانت عليه الأخطار.

قال لي: إني مهاجر أنا وزوجتي إلى مدغشقر فقلت له: وما تريد بالهجرة إلى هذا المكان غير الآمن، وتستطيع الذهاب والعودة مائة مرة، وابق أنت وأهلك في الكويت؟ فردّ علي قائلاً وهو يبتسم: ومتى عشت في الكويت أنا طول حياتي في أفريقيا، وقد كبرت سني ولا أستطيع الأسفار الكثيرة!! فتركته مودعاً وأنا أحدث نفسي ماذا قدمت يا جمالُ للإنسانية ولا حتى العفو من عمل هذا الداعية الكريم..

 

والناس ألفٌ منهمُ كواحدٍ

                         وواحدٌ كالألف إنْ أمرٌ عنا

 

ثم بعد مرور سنوات التقيته مرة أخرى فسألته عن حاله وحال مدغشقر؟ فقال: لقد طردت منها، لقد دخل في الإسلام منهم أعداد هائلة ولم ترض الحكومة ولا منظمات التبشير بالوضع، وقد تم إلغاء إقامتي فجأةً وطلب مني وأهلي الرحيل فوراً، فقلت: ثبت الأجر ورحلت أنت عن مدغشقر وبقيت أعمالك الصالحة تكمل مسيرتك، وسوف تعود إليها عندما تتغير الحكومة إن شاء الله.

لقد واجه الدكتور عبدالرحمن السميط مخاطر العمل في أهوال أفريقيا، ونجا منها سالماً، فقد أصيب بالملاريا وتعرض لانتكاسات صحية كثيرة ونجاه الله منها ليكمل مسيرته الإنسانية والدعوية، ولكنه لم ينج من ألسنة بعض منْ لا عمل له إلا الهجوم على المجتهدين المخلصين ووصفهم بأسوأ الصفات وترويج الإشاعات عنهم بغير حقًّ، وهم في بيوتهم آمنون ولم يعرفوا معنى أن تعيش معظم حياتك في مجاهل أفريقيا. هذا الأمر لم يضر السميط، بل تابع عمله ولم يتوقف، فما ضرّ السماء أصوات العصافير، وكلما رمت هذه الأقلام رماحها إلى صدر السميط كثرت التبرعات لأعماله، ترجمة لقول الله تعالى : (إن الله يدافع عن الذين آمنوا إنّ الله لا يحب كل خوان كفور). طبت حياً وميتاً أبا صهيب.

 

 

 

twitter:@jamalbnhuwaireb