العريان ما العريان شخصٌ وضع نفسه في مكانٍ أكبر من حجمه بكثير فصار صغيراً جداً في أعين الناس حتى احتقروه، فلمّا رأى ذلك وكبُر عليه احتقارهم له لم يجد بدّاً من الجَلَبةِ والصُّراخ والضوضاء لعلّه أن يلفت نظرهم إليه ليشاهدوه من ضآلة عقله وضحالة علمه وسوء منطقه وسفاهة حلمه، حتى إذا لم يجد من يستمع إليه لأنّ صوته كجرمه هزيلٌ لا يُمكن أن يسمعه أحدٌ وقد اقترب الوعد الموعود في يوم (30)، انتفخ سَحَره خوفاً، وبدأت قرون الاستشعار من بُعدٍ تنذره بأنّ خطراً عظيماً قادمٌ إليه ولذوي قرابته قريباً وسيقتلعهم جميعاً من جذورهم وهو يعلم بأنّ المصريين ليسوا لعبةً في يد أحدٍ، بل هم جميعاً من رجالٍ ونساءٍ لا يعرفون إلا الحريّة والعدالة التي لا يقدر أن يفهمها حزبه حزب "الحريّة والعدالة " (زعموا)!.

في كل عصرٍ يخرج دجّالون يدلّسون على النّاس ويلبسون ثياب الدين والصدق والأمانة ويُظهرون لهم اهتمامهم بأمورهم وبمصيرهم وينادون بالإصلاح والرجوع إلى الدين وينظّمون التنظيمات السريّة والعلنية ليصلوا إلى أهدافهم، وهي وإن أخذت أشكالا مختلفة حسب المكان والزمان وتوافر الأموال والمناصرين، ولكنّها تتفق بأنّ لها غاية واحدة وهي تطويع إرادة أتباعهم وأتباع أتباعهم لغاياتهم الشيطانية وآمالهم الحاقدة على أهل السلطة وأعيان تلك البلاد التي يعيشون فيها وينعمون بخيراتها، فيسحرون قلوب الخلق بحلاوة ألسنتهم وتصنّعهم الذي يعرفه من جرّب الأمور واختبر معادن الرجال ولكنها تنطلي على الساذجين الطيبين وهم أكثر أهل الإسلام الذين جُبلوا على حُسْن النيّة ولا يعرفون ماذا يُراد بهم، فإذا تمكّن هؤلاء الدجّالون الأشرار من أمر الناس أو حكموهم أذاقوهم ويلات العذاب وأصناف المذلّة، ولم يسلم منهم إلا من تبعهم ولم يخالفهم في شيء ولو كان مخالفاً لهدي رسولنا الهادي صلى الله عليه وسلم.

وإذا أردتم نموذجاً على هذا الصنف من البشر فعليكم بدراسة حركة "الإخوان" وكيف نشأت إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه هذه الأيام، وماذا قال عنها علماء الإسلام حينئذ وبعد ذلك ثم خذوا ما قاله زعماء العرب عنهم منذ الزعيم "جمال عبدالناصر" حتى مقولة والدنا الخالد الشيخ "زايد" رحمهما الله وأدخلهما فسيح جناته، وما هي هذه الحركة التي يتم تأسيسها من قِبَل فتى صغيرٍ لم يتجاوز 24 سنة ويتم إحاطتها بكثيرٍ من الكتمان والسرية وإلزام أتباعها ببيعةٍ غير شرعيةٍ مخالفةٍ للشرع الحنيف وللدساتير الدولية وللأعراف السياسة، وقد فُرض عليهم السمع والطاعة من غير مجادلةٍ ولا ترددٍ ولا حرجٍ؟!، هذه لا بدّ أن تكون حركةٌ شاذّة ستخرج كثيراً من المنحرفين فكرياً والحاقدين على المجتمعات المدنية والضالين عن الصراط المستقيم، ولو لبسوا الجبّة الأزهرية وظهرت على جباهم زبيبة السجود التي تكثر بينهم وتقلّ عند غيرهم من العلماء والصالحين، ومن هؤلاء بل من كبارهم "عصام العريان" الذي أراقب كل ما يقوله منذ أن خرج علينا في 2005 م وصرّح بتصريحاته المشهورة عن "محرقة اليهود" وأيّدها وبدا لي بأنّه يغازلهم، ثم صرّح مرّةً أخرى وفي تاريخٍ قريبٍ من تلك التصريحات بأنّ جماعته ستفي بكل العقود والعهود لدولة إسرائيل ولن تنقض معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية إذا حكمت "مصر"، فقلتُ آنذاك بأنّ هذا الرجل يهرف بأمورٍ سمعها من "مرشده" ولكن لا يمكنه منع لسانه فيكتم أسرار جماعته، وتمنّيت أن تكون الأجهزة الأمنية المصرية في ذلك الوقت على درايةٍ به ولكنّ الأمر قد قضي والبيت الأبيض الأميركي قد استقبلهم ووعدهم، وسأقوم بمناقشة تأثير الثقافة اليهودية الجديدة على جماعة الإخوان في مقالات أخرى بإذن الله.

أيها الأعزاء: إنّ ما صرّح به العريان ولاكه لسانه عن دولة الإمارات العربية المتحدة -روحي فداؤها- ليس بسبب ارتفاع مؤشر الضغط والسكر حتى أثّرا على عقله فأفقده صوابه أو بسبب حقدٍ دفينٍ عليها فحسب، ولكنّه دليلٌ واضحٌ على داءٍ جديدٍ قد تمكّن منه فأصابه وأصاب جميع ذويه من أصحاب الفكر المشؤوم فخلع أفئدتهم من أماكنها ألا وهو يوم "ثلاثين" من هذا الشهر، الذي وقع فيه إجماع المصريين فيه على التخلّص من هذه الآفات التي بدأت تقطّع أوصال الجمهورية المصرية وتفرّق شملها وقد آن أوان الخلاص منهم وسيفعلون بإذن الله..

وللمقالة بقيّة.