عندما قام الاتحاد الألماني لكرة القدم بوضع خطته المستقبلية، وحدد لها الأهداف والطريقة التي يجب اتباعها للنهوض باللعبة، واحتلال المكانة التي تستحقها على الصعيد العالمي، انتهى إلى أنه من الضروري أن يعمل على تسويق الدوري الألماني في شتى أنحاء العالم، بما يحقق له الترويج المناسب ومن ثم التسويق الذي يضاعف من حجم الرعاة والمردود، ويعين الأندية على تحمل الأعباء والمتطلبات المالية، وكان من أهم القرارات بيع الدوري لقنوات غير مشفرة دون اكتراث بالمردود المالي، بما يحقق الهدف وهو اتساع دائرة الانتشار، وكانت تجربة الاتحاد الألماني مع قناة دبي الرياضية ناجحة بكل المقاييس وموضع إشادة دائمة من قبل الألمان، وخاصة أن دبي الرياضية خصصت قناة كاملة للدوري الألماني يمكن مشاهدتها في العديد من مناطق ودول العالم، الأمر الذي كان له مردوده الإيجابي على الاتحاد واللعبة سواء في ألمانيا أو خارجها، وساهم في الارتقاء بمستواها وبلوغ الصدارة عالمياً.
ولكن عندما تلقى الاتحاد الألماني عرضاً مغرياً جداً جداً من "بي إن"، لشراء الحقوق الحصرية للبوندسليغا، سال لعاب بعض المسؤولين فيه وتمكنوا تحت إغراء المال، من إثناء المعترضين على البيع والتشفير، وطارت الحقوق إلى "بي إن"، ولكن ماذا حدث بعد موسم واحد؟ انخفض مستوى العرض وحجمت المشاهدة! اعتراضات بالجملة سواء داخل الاتحاد الألماني أو خارجه، ورغبة شديدة من الطرفين لإنهاء التعاقد والعودة بالألمان من جديد إلى القنوات المفتوحة غير المشفرة.
أسوق هذه المقدمة الطويلة، لأوضح بالدليل العملي نموذجاً لما يجب أن يكون عليه دورينا، فبعد تجربة التشفير المحدود لبعض المباريات خلال المرحلة الماضية، والذي لم يحقق أي نجاح ولم يحل أياً من المشكلات التي كان يأمل بحلها كل من اتحاد اللعبة ولجنة دوري المحترفين، وبدلاً من العدول عن الخطوة فوجئنا بقرار تشفير كل المباريات وحرمنا المتابع لدورينا في الخارج من المتابعة، ذلك القرار الذي واجه الكثير من الاعتراضات طوال الفترة الماضية وأظهرت كل الآراء واستطلاعات الرأي الرفض الكامل له، وخاصة من جمهور المتابعين لمباريات الدوري، رغم قلتهم.
نعم فجمهور الملاعب في دولتنا قليل في ظل المغريات العديدة المتوفرة أمامه، والتي لن يتفوق عليها التشفير، وإنما نحن في حاجة إلى حلول مختلفة ووسائل تشجيع غير تقليدية، وعلينا الاستفادة من تجارب الآخرين وخاصة في أوروبا التي تستقطب ملاعبها الجماهير دون إجبار.. فالتشفير وسيلة إجبار وأثبتت التجارب العملية رفض المشجعين لها.
يا جماعة الخير.. تمعنوا في تجربة الاتحاد الألماني جيداً.. والدروس المستفادة منها، نحن في حاجة ملحة لتسويق دورينا وتوسيع قاعدة مشاهدته، وهذا هو الطريق الأمثل لجذب الجماهير إلى المدرجات وجذب الرعاة للفرق والأندية، عندما يصبح دورينا متابعاً من الجماهير في الخارج قبل الداخل ويجذب مختلف وسائل الإعلام لمتابعته، وتتحول مدرجات ملاعبنا إلى مواقع للاستمتاع وقضاء الوقت السعيد، هنا ستجذب المدرجات الجماهير وسيزداد خُطاب الفرق من الرعاة ويتوفر للأندية ما يعينها على الإنفاق، ولكي نصل إلى نتيجة إيجابية لابد لنا من تطبيق أبرز التجارب وأفضل الممارسات الناجحة في مجال التشفير.