عبدالقادر له من اسمه حظ، عبدالقادر تجاوز السبعين وربما الثمانين، يصلي على كرسي ولكنه صلب ومتماسك وقوي وضد كل عوارض الشيب، يعشق الرياضة بل يتنفسها، لابد أن تراه يومياً في الممشى، يمشي من بيته إلى الممشى، وفي الممشى يهرول ويتمشى ولا يتوقف، هرولة ومشي ومشي وهرولة، يلقي التحية على هذا ويتبادل أطراف الحديث مع ذلك.

ويبتسم لهذا ويشجع ذلك، هو رئة الممشى والممشى رئته، لا يرغب أن يغيب بل لا يغيب ولا يمكن أن يغيب، الممشى بالنسبة له مثل البحر بالنسبة للسمكة، عندما تغيبت أنا عن الممشى لعدة أيام بسبب السفر، بادرني عند عودتي بلهجة الأب، بل بلهجة المدرب، أين أنت ؟ قلت: في إجازة، قال: الرياضة ليس لها إجازة، وبدا لي وكأنه مدمن، ولكن في الواقع هو إدمان حميد، وعبدالقادر يعتقد أنه قادر على الاستمرار، وأعتقد أن إعتقاده هذا هو سر قوته وسر نجاحه، الرياضة تحتاج إلى إرادة وإدارة وأعتقد أنه مثال يقتدى به في هذا المجال، الرياضة بالإدارة الذاتية.

وفي الواقع أن الرياضة هي مفتاح السعادة، بل هي المفتاح السري لكل ما هو مفيد وإيجابي، الرياضة هي لغة الجسد وهي طاقة القلب وهي منبع الفكر، والعقل السليم في الجسم السليم، علاقة واضحة وقوية، وغالباً لا يوجد رياضي كسول أو محبط أو حزين، والعكس صحيح، غالباً الرياضي نشيط ومتحمس وسعيد، وأهمية الرياضة للجسد لا تقل عن أهمية الغذاء، بل إن الرياضة هي التي تساهم في تحويل الغذاء إلى طاقة إيجابية.

وللرياضة علاقة متوافقة ومباشرة مع متطلبات التنافسية، ومع كل مؤشرات الحياة الاجتماعية الإيجابية، الرياضة مصدر السعادة، الرياضة مصدر الأخلاق، الرياضة مصدر اللياقة، الرياضة مصدر الصحة، الرياضة مصدر القوة، الرياضة مصدر المثابرة، الرياضة مصدر المرونة، الرياضة مصدر الإلهام والفكرة، الرياضة مصدر الإبداع والابتكار، وباختصار الرياضة هي الحياة، الرياضة حركة والحياة حركة، وفي الحركة بركة.

وقد أطلقت حكومة دولة الإمارات مبادرة اليوم الرياضي الوطني والموافق للخامس والعشرين من شهر نوفمبر من كل عام، ويتصادف هذا اليوم لهذا العام مع أسبوع الابتكارات في الإمارات، وهو في الواقع توافق وليس تصادف، والجميع على ثقة بأن هذا البوم سيشهد العديد من الفعاليات الرياضية الإبداعية التي ستجعل من هذا اليوم يوماً رياضياً استثنائياً، سيساهم بصورة مباشرة في تأسيس جيل رياضي متحفز ومميز بروح وطنية تتوافق مع روح الاتحاد وترتبط باليوم الوطني وتفتخر بيوم الشهداء.

ولكن ماذا علينا في هذه المناسبة ؟ وماذا على الوالدين أساساً؟ هنا المسؤولية أساسية، بل هي مسؤولية جسيمة، بداية الرياضة هي مع بداية الحركة، وبداية حركة الطفل عندما يبلغ عاماً واحداً، هنا تبدأ التربية الرياضية مع التربية الوطنية وغيرها من مجالات التربية والتأسيس، والنقش في الصغر كالنقش على الحجر، والنتيجة ليست فقط أننا سنكون أسعد شعب، بل سنكون أفضل شعب وأقوى شعب.

واليوم الرياضي هو مجرد بداية، والرياضة مثل الجودة لا نهاية لها، هي أسلوب حياة، بل هي حياة في حياة، وكما يقول عبدالقادر، ليس للرياضة إجازة، وبالتالي هي ليست فقط يوماً واحداً، الرياضة مدى الحياة.