كانت مناسبةً طيبةً في اللقاءِ الصحافي في دبي، أَول من أَمس، مع رئيس الائتلاف العالمي للأُمم المتحدة لتقنيةِ المعلومات والاتصالات، طلال أبو غزالة، أَنْ نستمعَ منه أَنه لولا العرب لما عرفَ العالم الكمبيوتر، لأَنَّهم في حقبةٍ تاريخيةٍ مضت اخترعوا الصفر، ولأَنَّهم في تلك الحقبة أَعطوا المعرفة الإِنسانية الكثير. ولم يقل الخبير الدولي هذا الكلام لإِطراب أَسماعنا به، بل للتأْشير إِلى وجوبِ أَن لا نكون خجولين في طموحِنا، وأَلا تستبدَّ بنا عقدةُ أَننا لا يمكن إِلا أَنْ نكون أَقلَّ من غيرنا. ولعلَّ هذا الشعور ما جعل «مجموعة طلال أَبو غزالة»، تذهب إِلى إِنتاج «أَول جهاز محمول بعلامةٍ تجاريةٍ عربيةٍ وتصميمٍ واستثمارٍ عربيٍّ بالكامل»، فيما هي ليست شركة إِنتاج أَجهزة كمبيوتر أَصلا، بل مؤسسة كبرى معنيةٌ أَساساً بالمعرفةِ والتعليم والتخطيط. والمهم أَنَّ تعريفَنا بهذا المنتج في الإمارات، في المؤتمر الصحافي، كانَ مناسبةً مهمةً، أَيضاً، لننصت إلى طلال أبو غزالة، وهو يقول إِنه ينبغي أَن لا يكون مرضياً لأَحدٍ، منّا نحن العرب، أَن يستخدم أَبناؤه وأَحفادُه جهاز كمبيوتر بمواصفاتٍ أَقلَّ من الذي يستخدمه أَنجال رئيس فرنسا ورئيس وزراء اليابان، سيّما وأَن أَعلى نسبةِ نمو في استعمال الإنترنت في العالم متحققةٌ في الوطن العربي، فقد زاد بنسبة 1000% في منطقتِنا بين العامين 2000 و2008، فيما زاد في بقية العالم بنسبة 300%.

لا يملّ أَبو غزالة من تشديدِه الدائم، وفي كل فرصةٍ تسنح له، على الأَهمية القُصوى لاقتصاد المعرفة في تطوير الاقتصادات العربية، حيث الاستثمارُ في عالم المعرفة أَنفعُ من غيره، بدليل أَن من أَغنى الأَغنياء في العالم من اخترعوا الأَفكار، وأَنَّ الثروةَ كبيرةٌ لدى من اخترع موقع فيسبوك، وأَن الشابين اللذين اخترعا نظام «ياهو» الذي يساوي ملياري دولار، كانا يفكران معاً في غرفتهما بشأْن طريقةٍ يحققان بها دخلاً فيما هما عاطلان عن العمل، ولم يكلفهما اختراعهما المهول سوى خمسة دولارات. يلحُّ رجل الأَعمال وعضو مجلس الأَعيان الأُردني والخبير الدولي في تقنيات المعلومات، على وجوبِ أَنْ نتطلعَ، نحن العرب، إِلى استثمار كلِّ الممكناتِ في تقديم الخدماتِ والمعرفة إِلكترونياً، في كل مناشطِ الحياة. وكان مفيداً منه تأْكيده على الانتقال من التعليم إِلى التعلم، ولعلَّ في هذا الأَمر، وفي غيرِه طبعا، تتبدّى الأَهميةُ الاستثنائية لمنتج مجموعة طلال أَبو غزالة، والذي يكادُ يكون حقيبةً مدرسيةً متكاملةً للطالب، في طموحٍ إِلى أَنْ يتم البدءُ بمبادراتٍ وطنيةٍ عربيةٍ لتحويلِ المناهج إِلى مناهجَ إِلكترونية، واعتماد التعليم التفاعلي، وتسهيل الدخول إِلى عالم المعرفة.

ونحنُ نسمعُ زائرَ الإمارات الدائم، طلال أَبو غزالة، يتحدَّثُ عن التطلعِ إِلى أَنْ يتخفَّفَ تلاميذُنا في مدارسنِا من حقائِبهم المدرسيةِ الثقيلة، جالَ في خواطر بعضِنا ما يعانيه أَبناؤنا في صباحاتهم من هذا الأَمر إِلى الآن. وإِذ أَبلغنا أَنَّ وزاراتٍ عربيةً للتربيةِ والتعليمِ رحبت بالمنتوج، وتدرس تعميمَه في مدارسها، فذلك ما قد يُمثِّلُ واحدةً من خطواتٍ مهمةٍ في الدفع باتجاه التعلم الرقمي، وتحويلِ المناهج إِلى مناهجَ إِلكترونيةٍ تفاعلية، والربط التعلمي من خلال شبكة الإِنترنت واستخدام الأَجهزة المحمولةِ بديلاً للحقيبةِ المدرسية. وإِذْ ثمَّةَ مثل هذه المواصفات في الجهاز المنتج، فإِنه أَيضاً يناسبُ كل الفئات، رجالَ العلم والأَعمال وأَهل الإِعلام وسيدات البيوت مثلاً، سيما وقد أُضيفت إِليه المعاجمُ العلميةُ والمهنيةُ للمحاسبةِ والأَعمال.

يُفرحنا أَيُّ إِنجازٍ علميٍّ عربي، ويُؤَكِّد الإِنجازُ المعرفيَّ الذي بادرت إِليه مجموعة طلال أَبو غزالة، قدرةَ كفاءاتِنا في غيرِ بلدٍ عربيٍّ على المشاركةِ الفاعلة في عالم المعلومات، والمُتَمنّى أَنْ تستنفرَ هذه البادرةُ طاقاتٍ غيرَ قليلةٍ في بلادِنا العربية، نظنُّها خلاقة، وفي وسعها أن تضيف جديداً متميزاً في مجتمع المعرفة، مثلاً.

معن البياري