في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة صدم الرئيس الأميركي أوباما الحضور من ممثلي دول العالم بتصنيفه لروسيا أنها أكبر تهديد دولي بعد وباء إيبولا وقبل التنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة وغيرهما، كلام غريب للغاية يصدر من أوباما الذي أطلق في العام الأول من توليه الرئاسة 2009 برنامجه الشهير «إطلاق العلاقات الأميركية الروسية»، والذي يقال أنه نال بسببه جائزة نوبل للسلام، لأنه يضع حداً للصراع بين القوتين العظميين.

كما أنه من الغريب أن يصدر هذا الكلام عن أوباما الذي كان حتى يناير الماضي، قبل اندلاع الأزمة في أوكرانيا، يشيد بتعاون موسكو وواشنطن في مكافحة الإرهاب، ونتذكر هنا فضيحة المايكروفون المفتوح في قمة سيؤول للأمن القومي في فبراير عام 2012 عندما تحدث أوباما للرئيس الروسي، آنذاك، ميدفيديف حديثاً ثنائياً خاصاً وهما يجلسان خلف مايكروفون اعتقدا أنه مغلق، ووعد أوباما ميدفيديف بأنه سيكون أكثر مرونة مع روسيا في فترة ولايته الثانية..

وطلب منه أن يطلب من بوتين، الذي لم يكن رئيساً آنذاك لكن كان معروفاً أنه سيكون الرئيس، أن يمنحه فرصة أكبر قبل انتخابات الرئاسة الأميركية، ونقل المايكروفون المفتوح حديثهما إلى قاعة الصحفيين الذين نشروه في صحف العالم، وهو أوباما الذي توسلت وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون لنظيرها الروسي لافروف أن يحضر الرئيس بوتين قمة مجموعة الثمانية الكبار في ميريلاند الأميركية في يونيو 2012 ويلتقي بأوباما على هامش القمة لقاء خاصاً..

وذلك على سبيل الدعاية لأوباما قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في نوفمبر من نفس العام، واعتذر بوتين عن عدم الحضور وأناب عنه رئيس الوزراء ميدفيديف، وكانت هذه أول سابقة في تاريخ مجموعة الكبار أن يعتذر رئيس عن عدم الحضور بدون عذر مقبول.

ترى لماذا انقلب أوباما هكذا؟ هل هي الأزمة الأوكرانية، أم هي عقدة تشكلت لدى أوباما من بوتين؟ أم هي محاولة منه لتحسين سمعته وشعبيته التي تراجعت في أميركا بدرجة غير عادية، واتهامات الجمهوريين له بأنه ضعيف أمام بوتين؟.

الأرجح أنها ضغوط من اليمين المحافظ على أوباما لاستعادة العدو القديم روسيا لتسويق تجارة الحروب التي تدر أموالاً طائلة، وذلك بعد أن تآكل العدو المصطنع «الإرهاب الدولي» وانكشفت أكاذيبه، وانتشرت الاتهامات في كل العالم بأنه صنيعة أميركية.