يجري حالياً التنسيق بين موسكو والقاهرة لتحديد موعد زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مصر، وذلك بناء على الدعوة التي وجهها له الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثناء زيارته الأخيرة لروسيا، ومن المقرر أن تتم الزيارة الشهر القادم.
لا يمكن التعامل مع هذه الزيارة على أنها أمر عادي، خاصة إذا عدنا بالذاكرة قليلاً إلى الشارع المصري بعد إسقاط حكم الإخوان العام الماضي، عندما كانت صور الرئيس بوتين ترفع في الشوارع والميادين إلى جانب صور عبد الناصر وعبد الفتاح السيسي، رغم أن الموقف الروسي لم يكن معلنا آنذاك، في الوقت الذي كان فيه الموقف الأميركي واضحا تماما في دعم واشنطن لحكم الإخوان، واعتبارها لثورة الشعب المصري في 30 يونيو انقلابا على الشرعية.
موقف الشعب المصري من روسيا ورئيسها لم يكن، كما يتصور البعض، مجرد نكاية في الموقف الأميركي، بل كان تعبيرا واضحا عن وعي واستيعاب مصر وشعبها للفارق الكبير بين السياسة الروسية والسياسة الأميركية، خاصة في التعامل مع الإرهاب..
حيث الأمور لدى روسيا واضحة ومحددة ولا تحتمل التأويل والجدل، مثلما هي لدى واشنطن التي تعتبر حكم جماعة إرهابية تقتل وتخرب في مصر حكما شرعيا وإسقاطه انقلابا، بينما روسيا لا تهادن ولا تتردد في تحديد الأشياء بمسمياتها الحقيقية، ولهذا لم تتردد المحكمة العليا في روسيا في حكمها منذ نحو عشر سنوات مضت، الذي وضع جماعة الإخوان تحت بند المنظمات الإرهابية الدولية.
لدى الشعب المصري الذي رفع صور بوتين، تراثا كبيرا من العلاقات مع كل من موسكو وواشنطن، ويعلم جيدا الفارق بين سياستي البلدين، ويعلم من منهما تدعم التنمية والبناء في مصر وتسعى لاستعادتها قوتها ومكانتها الإقليمية والدولية، ومن التي تدعم الإرهاب ولا تريد لمصر النهوض. بالقطع زيارة بوتين القادمة لمصر لن تكون عادية..
واستقبال الشعب المصري له لن يكون عاديا، خاصة بعد الحفاوة الكبيرة التي استقبل بها الرئيس السيسي في روسيا، وأعتقد أن هذه الزيارة ستكون نقطة انطلاق لعلاقات قوية بين البلدين في شتى المجالات، هذه العلاقات التي لا يختلف اثنان على أنها ستشكل دعما كبيرا لمصر وللمنطقة العربية كلها، وروسيا الآن لديها كل الإمكانيات لدعم مصر والعرب، وتغيير موازين القوى في المنطقة والعالم كله.