وسط التداعيات والانكسارات التي تتوالى أخبارها من العديد من دول العالم العربي، تبرز لمحة ضوء متألقة في ظلمة النفق العربي، وهي تتمثل في دخول قرار تشكيل القوة العربية المشتركة مراحله النهائية التي تسبق التنفيذ، وذلك بعد اتفاق رؤساء أركان جيوش الدول العربية الأعضاء في جامعة الدول العربية على تشكيل القوة، تمهيداً لإقرار البروتوكول الخاص بها ومن ثم رفعه لرئاسة القمة العربية.

الذين تابعوا التطورات المتعلقة بتشكيل هذه القوة لا شك في أنهم يدركون أن التصدي لقوى الإرهاب وعملياتها الإجرامية يندرج في صميم مهام القوة المنتظرة، إلى جانب العديد من المهام الأخرى المتعلقة بالأمن القومي العربي.

هنا يبرز السؤال الذي يؤرق الكثيرين على امتداد عالمنا العربي: إذا كانت عناصر القوة العربية المشتركة تنتمي إلى الوحدات التقليدية في الجيوش العربية من عناصر برية وبحرية وجوية، فكيف يمكنها التصدي للعمليات الإرهابية التي تقتضي مواجهات ذات طبيعة غير تقليدية؟

دعنا نتذكر، في مواجهة هذا السؤال أن مجلس رؤساء الأركان يمكنه أن يستعين بمن يحتاج إليه من خبراء لتنفيذ المهام التي يناط بالقوة العربية المشتركة تنفيذها، وهكذا فإنه بمقدوره أن يحشد شتى القدرات لمواجهة خطر الإرهاب وغيره من الأخطار التي يتعرض لها الأمن القومي العربي.

وتلفت نظرنا عدة حقائق دالة تتعلق بهذه القوة العربية، فالانضمام إليها اختياري، وتدخلها لمعالجة أي موقف أو طارئ يأتي بناء على طلب الدولة الطرف في القوة.

وتتعدد التقارير التي تشير إلى تباين بعض الآراء بشأن دولة المقر وآليات استدعاء القوات وتنفيذ المهام، ولكن هذا التباين في اعتقادنا يظل مصدر قوة حقيقية، لا مؤشر ضعف، فمرحلة تشكيل القوة تقتضي وضوحاً وشفافية ومصارحة حول كل التفاصيل المتعلقة بها.

هذه القوة المنتظرة تظل الأداة الأكثر فعالية في مواجهة التحديات العديدة التي تفرض نفسها على العالم العربي في هذه المرحلة الشائكة من مسيرته، ولهذا على وجه الدقة تعلق آمال كبار عليها، وتتابعها الجماهير العربية بمزيد من الاهتمام والترقب.