الخطوات التي أعلنها العاهل المغربي الملك محمد السادس يوم الجمعة، إضافة جديدة على طريق الإصلاح الذي بدأ في المملكة المغربية منذ سنوات.. وهي تأتي في إطار الخطوات التي دأبت القيادة المغربية على اتخاذها لدفع التجربة الديمقراطية في البلاد، وكانت أولى خطواتها سابقاً تعزيز مبدأ الحكومة الشعبية، وتعديل الدستور.

 

ولا شك أن الدستور الجديد، المرتقب إقراره شعبياً في استفتاء عام، يؤكد التكريس الدستوري للملكية المواطنة، ويؤهل البلاد لاستقبال المستقبل بثقة، ويعطي التفاتة سريعة وواثقة لمطالب الشعب في المراجعة الدستورية.

 

. فخلال نحو ثلاثة شهور فقط، تمكّن المشرّعون من صوغ ميثاق دستوري جديد، يكفل التمثيل النسبي للمعارضة في أجهزة البرلمان، ويوسّع الصلاحيات التنفيذية الممنوحة إلى الأطر الحكومية.

 

فبحسب المسودة النهائية للدستور المعدل، سيقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلطات وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة (الحكم الرشيد) وربط المسؤولية بالمحاسبة.

 

. ورغم أن هذه الخطوات لم تصل إلى سقف الملكية البرلمانية التي تنادي بها بعض المطالب الحركية، إلاّ أنها بالتأكيد أسّست لمغرب جديد، وبنبض جديد.. يسترشد بالواقع الجديد الذي تعيشه المنطقة، وما يتطلع إليه الشعب المغربي، مع المحافظة على الخصوصية المغربية وعدم استنساخ أي تجارب خارجية.

 

فالملك محمد السادس دشّن، ومنذ توليه العرش في العام 1999، مشروع دولة ديمقراطية يسودها الحق، وسعى في سبيل إرساء دعائم مجتمع متضامن، تتحقّق فيه العدالة الاجتماعية في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة.. مع تعزيز مرتكزات المشاركة والتعددية والحكم الرشيد.

 

. والحق أن التجربة الحزبية في المملكة المغربية، متقدمة على كل التجارب في المحيط، وفي مجمل العالم العربي، رغم أن السياسيين المغاربة دائماً ما يتطلّعون إلى التجربتين: الفرنسية والإسبانية.. مع اختلاف الخصائص المغربية مع خصائص هاتين الدولتين، وإن كانت الثانية ملكية.

 

والمطلوب من المغاربة الآن، وبخاصة سياسييهم، دعم هذا المشروع، وإعطائه الفسحة الزمانية اللازمة لدفع مسار التنمية في البلاد، «وتعزيز مكانة المغرب في محيطه الإقليمي» كما يرغب الملك محمد السادس، وهي مهمة ليست بالسهلة في هذا الوقت الذي يعج بالاضطراب.