نتحدث في هذه الحلقة عن شريحة تمثل قطاعاً كبيراً من أفراد المجتمع، وهم كبار السن وعن صحتهم النفسية مع التركيز على مرض الزهايمر. أظهرت الدراسات أن كبار السن أكثر تعرضاً من الشباب للاضطرابات النفسية ومضاعفاتها، إذ إن هذه الاضطرابات تظهر كلما تقدم الإنسان في العمر.

ا

هذه بعض الإحصائيات ذات الدلالة:

* يعاني 15 ـ % من كبار السن في أميركا من أعراض خطيرة لأمراض نفسية.

* أعلى نسبة انتحار في أميركا تقع بين أولئك الأشخاص الذين يبلغون من العمر 65 عاماً أو أكثر. وفي عام 1992 كانت تلك النسبة من الفئة العمرية تشكل %12,6 من مجموعة السكان في الولايات المتحدة، كما كانت تشكل " من المفكرين على مستوى الدولة كلها. معنى هذا أن حوالي 6100 أميركي كهل يقتلون أنفسهم كل عام.

* أما على مستوى العالم فإن إحصائيات الصحة العالمية تظهر أن الكهول (كبار السن) يأتون على قمة قائمة الذين يعانون من الأمراض النفسية إذ يوجد حوالي 632 كهلاً من كل 100 ألف شخص يعانون مرضاً نفسياً، بينما نجد في المجموعة الأصغر سناً من 54 - 46 سنة تصل النسبة إلى 39 شخصاً من كل 100 ألف شخص.

* إن الخرف الحاد يصيب مليون كهل سنوياً في الولايات المتحدة بينما يعاني مليونا أميركي من خرف متوسط.

والشيء المحزن هنا أن العديد من الكهول غير راغبين في البحث عن علاج نفساني يعالج ما يشكون منه أو يخفف تلك الأعراض ويعيدهم إلى مستواهم السابق وحالتهم النفسية السابقة. لماذا؟

إن العديد من الأشخاص لا يفهمون طبيعة المرض النفسي بل إنهم ينكرون وجود تلك الأمراض.

وبعض الأشخاص يخجلون من الأعراض التي تصيبهم ويعتقدون أنها جزء من الشيخوخة وتظهر كلما تقدم الإنسان في العمر. وقد ساهمت المنظمات الطبية في أميركا في ترسيخ هذا المفهوم بأن جعلت مزايا التأمين على الأمراض النفسية والعلاج النفسي أقل من الأمراض الأخرى.

إن كبار السن وأحباءهم وأصدقاءهم أيضاً قد يفشلون في التعرف على الأعراض التي تبدو عليهم، وتشير إلى وجود مرض نفسي، بينما هناك طرق لعلاج هذه الأمراض، وقد يلقون باللوم على كبار السن، وربما يعتقدون أنه ليس هناك من علاج يحل هذه المشكلة أو يخفف من معاناتهم، والنتيجة هي:

* رغم أن نسبة من يعاني من الاضطرابات النفسية من كبار السن (الكهول) قد تصل إلى % إلا أنهم لا يطلبون العلاج إذ تبلغ نسبة من يتردد منهم على مراكز العلاج النفسي %4 من مجموع المرضى.

* تبلغ نسبة ما يصرف على معالجة الكهول من الأمراض النفسية أقل من %1,5 من إجمالي تكاليف علاج التغيرات التي تطرأ في سلوك أو مزاج كبار السن فقد تكون هذه التغيرات أعراضاً للاكتئاب أو الخرف أو مرض الزهايمر أو أمراض أخرى من الممكن علاجها. ابحث فوراً عن العلاج الطبي والنفسي الذي بإمكانه أن يعيد لكبير السن سعادته وحيويته وفاعلية في الحياة.

أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً بين كبار السن:

الاكتئاب

يصيب الاكتئاب ـ وهو أكثر الأمراض النفسية شيوعاً ـ حوالي %5 ممن يبلغون سن الـ 65 فأكثر. ويعتقد الكثير من الباحثين أن هذه النسبة متدنية حيث إن الاكتئاب يتشابه مع الخرف، ولذلك يميل بعض الخبراء إلى اعتبار أن %10 ممن يسجلون على أن لديهم أعراض الخرف هم في الواقع يعانون من الاكتئاب الذي لو تم علاجه لانقلبت النتيجة وصار الاكتئاب هو ما يعانون منه فعلاً. ولذلك فالواجب ملاحظة الكهول فإذا لاحظت عليهم أو عليك شخصياً ـ إذا كنت منهم ـ أعراض الاكتئاب التالية لأكثر من أسبوعين فلابد من أن تطلب مساعدة من المعالج النفسي أو مركز العلاج النفسي:

ـ مشاعر بأنه شخص لا قيمة له، شعور باليأس والعجز، وإحساس بالذنب ليس له ما يبرره، وحزن طال أمده ونوبات من البكاء لا سبب لها، وعصبية وهياج وفقدان الاهتمام بأنشطة كنت تحبها من قبل بل الانسحاب منها ومن دائرة الأسرة والأصدقاء أو الانسحاب من الحياة العملية أو الانسحاب من العلاقة الجنسية مع شريك الحياة.

ـ مشاكل ذهنية مثلاً كفقدان للذاكرة لا تفسير له، أو فقدان القدرة على التركيز أو الارتباك أو العجز عن معرفة الهوية الذاتية.

ـ أفكار تتعلق بالموت أو الانتحار ومحاولات الانتحار (وهنا لابد من طلب المساعدة فوراً).

ـ مشاكل جسمانية، مثل: فقدان الشهية للطعام، أو زيادة ملحوظة للشراهة في تناول الطعام، إنهاك مستمر وشعور بالكسل، أرق أو زيادة ملحوظة في مدة النوم المطلوبة، أوجاع وآلام، إمساك، أو أي أعراض أو أوجاع جسمانية لا يوجد لها تفسير طبي.

الخرف

إن الخرف الذي يتميز بالخلط بين الأمور وفقدان الذاكرة والعجز عن معرفة الهوية الذاتية، لا يعتبر أمراً محتوماً على كل كبار السن ويتعذر اجتنابه. إن عدد كبار السن الذين يعانون من هذا المرض لا يتعدى في الولايات المتحدة مثلاً الـ %15، وتبلغ نسبة من يعانون من مرض الزهايمر من هؤلاء %60. ومرض الزهايمر هو درجة متقدمة من التدهور الذهني لم يعرف سببها حتى الآن ولا طرق علاجها. أما باقي العدد البالغ %40 من حالات الخرف فأسبابها كما يأتي:

1- ارتفاع مزمن لضغط الدم ومضاعفاته أو إصابة الأوعية الدموية بمرض ما أو سكتة دماغية حدثت منذ مدة، ويتم التدهور في الحالة الصحية تدريجياً، ولكن تصاعد الحالة لا يتم بشكل ثابت، بمعنى أن المريض لا يعاني من تدهور حالته الصحية يوماً بعد يوم، ولكن هناك أوقاتا تسوء فيها حالته الصحية وأوقاتا أخرى تتحسن.

2- مرض باركنسون وهو عادة يبدأ برعشات صغيرة لا إرادية أو مشاكل في الحركات الإرادية.

وعندما تسوء الحالة ويتطور المرض إلى الأسوأ تتدهور حالة المريض إلى الإصابة بالخرف.

3- مرض هنتنجتون، وهو اضطراب وراثي يبدأ في منتصف العمر وأعراضه تشتمل على تبدل الشخصية وتدهور ذهني واضطراب ذهاني واضطراب في الحركات.

4- مرض كرونزفيلدت ـ جيكوب ومن المعتقد أنه ينتج عن التهاب فيروسي ويؤدي إلى الإسراع في الإصابة بحالة متقدمة من الخرف.

الخرف الكاذب

قد يصاب الكهول بالنسيان، وعدم التكيف أو الخلط بين الأمور نتيجة تطور حالتهم الصحية بشكل ليس له علاقة بالخرف. فهناك أسباب تكسب المريض خصائص تشابه حالة الخرف، ولكنها ليست خرفاً، مثل: تداخل تأثيرات الأدوية التي يتناولها كبير السن، أو تناول جرعات أكبر من اللازم منها، أو اتباع نظام غذائي ضعيف، ومشاكل أخرى جسمانية وذهنية توحي بأن الحالة التي يعاني منها الشخص هو بالخرف. إن الاكتئاب غالباً ما يشابه الخرف من حيث أن ضحايا المرضين ينسحبون من الحياة العامة والعلاقات مع الأفراد ويفقدون القدرة على التركيز ويبدو عليهم الارتباك.

إن العته الكاذب يمكن أن ينقلب إلى العكس بعد تحليل الأعراض وعلاجه. ولذلك فمن الضروري أن يقوم الطبيب النفسي أولاً يعمل فحص طبي شامل. إن ذلك التقييم سوف يفرق بين الخرف أو الخبل الحقيقي من غيرهم من العوامل التي قد تشابه الحالة نفسها:

العقاقير الدوائية

يتناول الكهول وصفات طبية وأدوية أكثر من غيرهم من المجموعات العمرية، وحيث إن التمثيل الغذائي أبطأ عند كبار السن منه لدى صغار السن فإن المواد التي يتناولها كبار السن تظل فاعلة في أجسادهم مدة أطول، وتصل إلى درجة التسمم بطريقة أسرع، وبما أن العديد من كبار السن يتناولون أكثر من دواء وقد يشربون بعض الكحوليات، فهناك احتمال كبير أن تتفاعل كل هذه الأدوية مع بعضها مما يؤدي إلى الارتباك وتغير المزاج وإلى أعراض أخرى للعته والخرف.

سوء التغذية الذي ينتج عن عادات أكل متدنية

بما أن المخ يحتاج إلى معين لا ينضب من المواد الغذائية السليمة فإن عادات الأكل المتدنية أو مشاكل الهضم قد تحدث ارتباكا لوظائف المخ. فمثلاً فقر الدم الخبيث، هو: اضطراب يصيب الدم، وينتج عن عدم القدرة على استخدام فيتامين «ب»، مما يسبب سرعة التهيج والاكتئاب أو الخرف. كما أن انخفاض نسبة السكر في الدم يسبب الارتباك وتغير في الشخصية، وقد يكون سبب تغير عادات الأكل مشاكل تتعلق بالأسنان، فقد يمتنع شخص كهل عن تناول أطعمة مهمة بنظام غذائه اليومي لأنه من الصعب عليه مضغها.

أمراض تتعلق بالقلب والرئتين

يحتاج المخ أيضاً لكمية كبيرة من الأكسجين لكي يعمل بكفاءة: فإذا عجزت الرئتان المصابتان من سحب أكسجين كافٍ من الدم أو عجز قلب المريض عن ضخ دم كاف إلى المخ، فإن نقص الأكسجين هنا قد يؤثر في المخ والسلوك.

أمراض تصيب الغدد الكظرية والدرقية والنخامية وغيرها

هذه الغدد تساعد في تنظيم العواطف والإدراك وعمليات الذاكرة والفكر، وعندما تعجز هذه الغدد عن القيام بوظائفها فإن العمليات الذهنية تتأثر تبعاً لذلك.

مرض الزهايمر

تم الاهتمام بشكل متزايد بأحد أشكال العته والخرف ألا وهو مرض الزهايمر، وذلك بعد أن وصفه عالم النفس الألماني ألويز الزهايمر لأول مرة عام 1907.

يأتي مرض الزهايمر في المرتبة الرابعة من مسببات الوفاة في الولايات المتحدة وتبلغ نسبة وجود المرض بين البالغين «واحد من كل 100 شخص»، ويعاني مليون شخص في أميركا تزيد أعمارهم على سنة من مرض الزهايمر بشكل عنيف، بينما يعاني منه مليونا شخص بشكل معتدل. وفي العائلات التي يعاني أحد أفرادها من هذا المرض يوجد احتمال يتضاعف فرص الإصابة أربع مرات.

بما أن المرض ينتشر داخل أجزاء أخرى من المخ، فإن المرض يؤثر على عدد أكبر من القدرات الذهنية والعاطفية والسلوكية.

الأعراض

يبدأ المرض عادة ببطء وتدريجياً. وأول أعراض المرض هو فقدان أشياء حديثة من الذاكرة على المدى القصير، مثلاً: أن ينسى الشخص إطفاء الموقد أو لا يكاد يذكر أية أدوية تناولها هذا الصباح، كما تحدث أيضاً تغييرات طفيفة في الشخصية، مثل: الانسحاب من المجتمع، أو تزايد في درجة الكسل والخمول.

وفي المراحل المتأخرة من المرض يعاني المرضى من مشاكل في التفكير المجرد والتعامل مع الأموال والأرقام عند دفع الفواتير، ويجدون صعوبة فيما يقرؤونه، وكذلك في تنظيم جدول أعمالهم اليومي، وقد يصبحون أكثر تعرضاً للهياج والاستثارة والشجار، كما يهملون مظهرهم الخارجي.

في المراحل المبكرة من الإصابة بمرض الزهايمر يكون المرضى المصابون به أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، وقد تسوء حالتهم عند تناولهم الدواء أو إذا كانوا يعيشون في بيئة غير مناسبة، كما أن نسيانهم لأصدقائهم وآبائهم سيزيد من معاناتهم.

إن الخرف وهو أحد أعراض المرض يصحبه تدهور في العمليات العقلية والحكم على الأمور والسيطرة على التصرفات، كما يتميز بتغييرات في الذاكرة والشخصية.

كل ذلك يظهر في المرحلة الثانية من مرض الزهايمر. يوجد عدد من الأمراض تسبب الخرف، ولكن مع كبار السن فإن مرض الزهايمر هو السبب الأكثر شيوعاً لظهور الخرف. إن المرضى المصابين بالخرف يفقدون قدرتهم على قراءة الكلمات أو النوتة الموسيقية. كما انهم يعجزون عن تحديد التاريخ أو فصول السنة،

وكذلك ينسون الذكريات الحديثة بل وينسون حقباً زمنية بأكملها، وينسون مثلاً اسم رئيس الدولة الحالي، وتتعدد المشاكل العاطفية وتزداد حدتها، ذلك أن مريض الزهايمر يحاول تبرير الحقائق التي بدأت تضعف وتتلاشى، وقد يصاب مرضى الزهايمر بنوبات من البكاء الطويل ويسهل إثارتهم وإثارة قلقهم وشكوكهم بل ويتطور الأمر ويصابون بأعراض لها علاقة بالبارانويا (الذهان الخيلاني)، وذلك فيما يخص الأشياء المسروقة أو المخبأة، وقد تنتابهم شكوك أن طعامهم مسمم ويصابون بأرق ونوم متقطع بل وقد يسيرون أثناء نومهم.

في المراحل المتأخرة يبدأ مرضى الزهايمر بفقد عملية التنسيق الجسماني (التوافق بين حركات الجسم المختلفة)، ويحتاجون لمن يساعدهم عند ارتداء ملابسهم أو أخذ حمام، وتدريجياً تزداد عندهم حالة عدم التعرف على أفراد عائلتهم وأصدقائهم رغم أنهم ما زالوا يبتسمون ويضحكون ويستمتعون بالصحبة وتظل النواحي الجسمانية في حالة فشل وعجز ويزداد ذلك حتى يصبح مجرد المشي مستحيلا، وفي النهاية يفقد مريض الزهايمر قدرته على إدراك الحقائق بل وينفصل عن الواقع ويصبح بحاجة لرعاية مستمرة.

الخرف القابل للعلاج

لا داعي للتسرع في الحكم على أحد أحبائنا بأنه يعاني من الزهايمر فهناك العديد من الأمراض كالزهايمر في أعراضها ولابد للطبيب من استبعاد تلك الحالات التي يمكن علاجها، وذلك قبل القطع بأن ما يعاني منه المريض هو الزهايمر، والحالات المشابهة في أعراضها لأعراض الزهايمر تشمل:

* الاكتئاب.

* ظهور آثار جانبية لبعض الأدوية التي يتناولها الشخص أو حدوث تداخل بين آثار الأدوية المختلفة التي يتناولها.

* عدم توازن كيميائي بسبب ضعف التغذية أو الأمراض مثل: الأنيميا، أو فقر الدم الخبيث (نقص في فيتامين 21ب)، أو السكر، أو اختلال التوازن بين الصوديوم والكالسيوم أو ارتفاع أو انخفاض معدلات افراز الغدة الدرقية.

* مشاكل قلبية أو رئوية الأمر الذي يؤدي إلى حرمان المخ من الكميات اللازمة من الغذاء أو الأكسجين.

* إصابة في الرأس نتيجة السقوط، التعرض لتلوث بيئي مثل الرصاص أو الزئبق وأول أكسيد الكربون وبعض المبيدات الحشرية والتلوث الصناعي وإدمان الكحول المزمن أو الأمراض مثل: الالتهاب السحائي.

* إن الخرف الناتج عن العديد مما ذكر أعلاه قد يكون لا علاج له، مثله مثل مرض الزهايمر.

وليست كل اعراض الخرف مرجعها إلى الزهايمر فتلف المخ الناتج عن سوء أو اختلال الدورة الدموية الذي يسمي «الخرف الاحتشائي المتعدد»، وهذا يسبب الخرف لما بين 12 - من كبار السن. وهناك أمراض أخرى مثل: تصلبات الشرايين والأوردة المتعددة Mutiple Sclerosis ومرض باركنسون، ومرض هنتنجتون ومرض كرونزفيلدت جيكوب. كل تلك الامراض تسبب خرفاً متزايداً.

تشخيص مرض الزهايمر

أثبتت البحوث ان كل المرضى الذين يعانون من مرض الزهايمر تحدث لهم تغييرات ميكروسكوبية (مجهرية لا ترى إلا بالميكروسكوب) في المخ، وتسمى لويحات وليفات عصبية وهي تنشأ نتيجة موت بعض خلايا المخ. ان السبب النهائي للموت المبكر لهذه الخلايا الدماغية لم يعرف حتى الآن. إلا انه بسبب نمو هذه اللويحات في أعماق المخ لا يقوم الأطباء بفحصها، ولذلك يجب على الأطباء ان يراجعوا بدقة الاعراض التي تصيب الشخص ويسجلوا التاريخ الطبي للمريض بكل دقة.

والمفروض ألا يقوم الأطباء النفسيون والأطباء الآخرون بتشخيص احتمالات وجود الزهايمر إلا بعد فحص دقيق للمريض من النواحي الطبية والنفسية والعصبية وإجراء تقييم دقيق لها بعد استبعاد الظروف والاعراض الأخرى التي تشابه اعراض الزهايمر. ولقد أثبتت المراكز الطبية المعترف بها والمتخصصة في الزهايمر ان تشخيصها السريري قد يكون دقيقاً بنسبة %90 أو أكثر.

البحث عن المسببات

ان اللويحات واللييفات العصبية بمرض الزهايمر تظهر داخل خلايا الأعصاب بكميات كبيرة، وذلك داخل أجزاء المخ التي تنظم التفكير والتعلم والنوم والذاكرة وعند تكبير تلك اللويحات تظهر الصورة زوجين من الخيوط التفا حول بعضهما. ان هذه اللويحات والصفائح تتكون من بروتين نشوي (من النشا) يسمى «اميلويد» محاطا بما يبدو انه حطام وبقايا الخلايا الميتة.

لقد ركز الباحثون النفسيون على «الاميلويد» الموجود في هذه اللويحات حيث إن هذا البروتين قد ارتبط بالعديد من الأمراض مثل: السل ومرض هودجكنز والسرطان. ويعتقد بعض الباحثين أن الاميلويد ينظم النمو في الخلايا العصبية وقد يكون جزءا من محاولات الخلايا للدفاع عن نفسها بينما وجد آخرون من الباحثين أن البروتينات غير العادية المرتبطة بالاميلويد سمية التأثير على الخلايا العصبية.

وأخيراً اكتشف الباحثون أن الاميلويد يوجد في جلد وفي أمعاء بعض المرضى المصابين بالزهايمر، ولكن لم يجدوه في الأناس الأصحاء، مما حدا ببعض الأطباء إلى الأمل بأن يحالفهم الحظ وينجحوا يوماً ما في تشخيص مرض الزهايمر عن طريق اكتشاف الأميلويد في أجزاء أخرى من الجسم البشري.

وقد ركزت دراسات أخرى على اللاتوازنات في مادة الكالسيوم فإذا أدى مرض الزهايمر إلى تغييرات في نظام الكالسيوم المنتظم فقد يؤدي ذلك إلى تواجد كالسيوم أكثر من اللازم داخل خلايا المخ وفي النهاية يؤدي ذلك إلى القضاء على تلك الخلايا. كما أدى اكتشاف تركيزات عالية بشكل شاذ لمادة الألمنيوم داخل أنسجة المخ لبعض مرضى الزهايمر ببعض الباحثين لمحاولة العثور على مدى ارتباط ذلك بالمرض.

فقد صرح الباحثون أن الألمنيوم الذي يتسرب مع الأطعمة والمشروبات الموجودة في علب من الألمنيوم قد يكون السبب في تفشي المرض وقد يكون هو الذي أدى إلى تدهور حالة المريض. إلا أن الباحثين قد اقترحوا أن الألمنيوم قد لا يكون سبباً لأعراض ما بقدر ما يكون مرض الزهايمر نفسه هو الذي جعل خلايا المخ نفسها هي التي سهلت نفاذ الألمنيوم داخلها.

إلا أن بعض الدراسات الأخرى وجدت أن خلايا المخ المعروفة باسم الناقلات العصبية لا يوجد توازن فيها. فإن المرضى الذين يعانون من الزهايمر تتدنى لديهم مستويات الأستيل كولين في التعاملات العصبية وهي المادة المهمة التي تمكن الذاكرة من العمل بكفاءة وكذلك لأعمال الفكر وباقي عمليات الذهن العليا. كذلك تتدنى مستويات السيروتينين في الناقلات العصبية لدى مرضى الزهايمر،

ومن المعروف أن هذه المادة تقوم بالتحكم في العدوانية والأمزجة والنوم. ويعتقد العلماء أن عدم توازن مادة السيروتينين قد يسهم في الأرق والانزعاج أثناء النوم وتقلبات المزاج والسلوك العدواني، وكلها أعراض تبدو على مرضى الزهايمر.

وأخيراً وجد الباحثون أن بعض ضحايا مرض الزهايمر تتدنى في أمخاخهم مستويات نورايبي نيفرين والنقص في هذه المادة داخل الناقلات العصبية يسهم بشكل كبير في وجود القلق والاكتئاب والميل إلى النوم بشكل مفرط وصعوبة في تركيز الاهتمام.

إمكانيات العلاج

توجد دراسات عديدة لتطوير الأدوية التي تخفف من خطورة أعراض مرض الزهايمر وقد خلص الباحثون إلى إحداث توازن بين الأدوية الثلاثة اسيتيلكولين والسيروتونين والنوريبينيفيرين. إلا أن العلماء وجدوا أن تلك الأدوية وغيرها تتفاوت نتائجها في إيقاف نمو ذلك المرض.

فبعض العلماء أشاروا بزيادة جرعة الاسيتيلكولين في المخ ولكن تبين أن ذلك لا يؤدي إلى تحسن كامل في اليقظة الذهنية وتنشيط الذاكرة، وبعض العلماء الآخرين يرون الاستمرار في تناول الاسيتيلكولين وعدم خفضه لأنه يحسن الرؤية البصرية كما أنه ينشط الذاكرة الشفوية ويساعد أنماطاً معينة من التعلم.

ولقد توصل الباحثون مؤخراً إلى مركب كيميائي يسمى الكار (اسيتيل - ال - كارنيتين) وهو له نفس مفعول الاسيتيلكولين وجرى اختباره على الفئران وثبت أنه يخفض نسبة موت الخلايا العصبية. ورغم أنه من المبكر جداً القطع بأن هذا الدواء سيجري التعامل معه إلا أن العلماء في الولايات المتحدة الأميركية ما زالوا يقومون بدراساتهم للتأكد من أن ذلك الدواء سيقلل من أعراض الزهايمر