تتميز المدارس اليابانية بنظام إداري معقد البنية، تطور عبر السنين، حيث يوجد في كل مدرسة دليل مدرسي يشمل بالتفصيل كل أجزاء التنظيم المدرسي، ومسؤوليات كل فرد داخل هذا التنظيم، وسنلاحظ من خلاله أن الكثير من الواجبات التي قد تؤدى بواسطة الإداريين أو السكرتارية أو أعمال الصيانة في دول أخرى هي من المسؤوليات الأساسية للمعلم في المدرسة اليابانية.

على المستوى التنظيمي هناك قائمة طويلة من اللجان المختلفة بمسؤولياتها المتعددة لدى كل مدرسة يابانية، والتي يشملها الدليل المدرسي سابق الذكر، الذي يطبع ويوزع على أعضاء الهيئة المدرسية كل عام، بحيث يتم توزيع المسؤوليات الإدارية في المدرسة على المعلمين بشكل تفصيلي داخل لجان ثم إلى لجان أصغر فأصغر، وعلى سبيل المثال وكنموذج لإحدى المدارس الابتدائية، توجد اللجان التالية:

 لجنة الإرشاد الطلابي، ولجنة المدرسة الصحية، ولجنة حل المنازعات المدرسية، ولجنة اختيار المواد الدراسية، ولجنة الميزانية، ولجنة السلامة والثقافة المدرسية، ولجنة العلوم، ولجنة الدراسات الاجتماعية، ولجنة المكتبة، ولجنة الإذاعة المدرسية، ولجنة الغذاء المدرسي، ولجنة العناية بالنباتات.

ولجنة النظافة الأرضية، ولجنة الاستراتيجيات الطارئة، ولجنة ممثلي المراحل المختلفة (كل مرحلة دراسية لها لجنة، الصف الأول، الثاني، الثالث.. إلخ) ولجان للأندية المدرسية المختلفة مثل نادي السباحة، ونادي كرة القدم، ونادي المسرح المدرسي، إلخ.

وهكذا يتم تقسيم العمل بشكل تفصيلي وبتوضيح لكل الواجبات الدقيقة داخل كل لجنة، ويتم توزيع هذه اللجان على المعلمين جميعاً، بمشاركة أعضاء الهيئة الإدارية، وتقدم كل لجنة تقارير عن اجتماعاتها لمن هم فوقها من اللجان، ليتم مناقشة ما توصلت إليه والتصديق عليه، ومتابعة تنفيذه بما يضمن الكثير من التفاعل بين كل الأعضاء في المدرسة، عاملين وطلبة.

فالجميع مشغولون بعملهم الأساسي في التدريس ثم في اللجان والأندية، مما يجعل الجميع منغمسين في العمل المدرسي حتى ساعات متأخرة، بما في ذلك الطلبة الذين يبقى الكثير منهم بعد نهاية اليوم الدراسي لممارسة أنشطته المفضلة عبر الأندية المختلفة.

إن التوزيع الدقيق للعمل داخل اللجان يضمن معرفة كل معلم بما هو متوقع منه، ولما يجب عليه عمله، وكل ذلك موضح في الدليل المدرسي الذي يعود إليه كل معلم للتنسيق لعمل لجنته عبر عمل اللجان الأخرى، وهو ما يضمن وصفاً دقيقاً لمسؤولية كل عضو في المدرسة، ودوره حتى في نظافة المبنى وسلامته، بحيث يمكن العودة إلى الدليل لمعرفة أين المعلم الآن بحسب الوقت والدور، وهو ما يضمن المشاركة الفاعلة في الأمور الإدارية للجميع، كما يسمح بتوزيع السلطات والمشاركة في صنع القرارات ومتابعة تنفيذها من قبل اللجان.

إضافة إلى ذلك، يشارك المعلمون في العديد من الاجتماعات خارج المدرسة، حيث يكونوا أعضاء في اللجان لتمثيل مدارسهم على المستوى القطري أو الوطني.

وبعد ذلك، هل يمكن أن نسأل عن ماذا تبقى للمعلمين من وقت ليعيشوا حياتهم الاجتماعية مع أسرهم أو أصدقائهم من المعلمين الآخرين؟.. هناك الكثير من التبادل والصداقات بين المعلمين، كما أن المعلمين أنفسهم يقدمون جزءاً شهرياً من رواتبهم للمناسبات الاجتماعية، حيث يحرص المديرون على أخذهم في رحلات شهرية للينابيع الساخنة التي تشتهر بها اليابان. وداخل المدرسة يقتصر تفاعل المعلمين الاجتماعي أثناء وجودهم داخل غرفة المعلمين، عدا ذلك فهم مشغولون بالعمل طوال اليوم.