برز في الآونة الأخيرة كثير من الأحاديث حول الاختلاط بين الجنسين في التعليم، وتعددت مفاهيم الأفكار بين مؤيد ومعارض، وكل يرى أن له حجته وأدلته وقناعاته وخاصة عند وجوده في كثير من المؤسسات التربوية والمحاضن العلمية في وطننا العربي والإسلامي، مع سعي مؤسسات أخرى طالما منعته وحاربته لإقراره والعمل به.
في المقابل هناك اتجاه عالمي في عدد من الدول في الشرق والغرب لمنع الاختلاط في التعليم، للآثار السلبية المترتبة عليه. فقد اتجه جمع من الباحثين في الدول التي شرَّعت للاختلاط بعد عقود من تجربته لدراسة آثاره ونتائجه، فأجمعت دراساتهم وإحصاءاتهم على أن ضرره أعظم من نفعه.
نتائج أفضل
معهد أبحاث علم النفس الاجتماعي في مدينة بون بألمانيا، أجرى دراسة في الآونة الأخيرة على المدارس المختلطة وغير المختلطة، فتبين أن طلبة المدارس المختلطة لا يتمتعون بقدرات إبداعية، وهم محدودو المواهب، قليلو الهوايات، وأنه على العكس من ذلك، تبرز محاولات الإبداع واضحة بين طلبة مدارس الجنس الواحد غير المختلطة.
وفي تجربة أخرى، تم فصل البنين عن البنات في الدراسة، فحقق الجميع نتائج أفضل في شهادة الثانوية العامة، وأثبتت التجربة أن عدد البنين الذين نالوا درجات مرتفعة تزايد أربع مرات على ما كان سيؤول إليه الحال لو أن الفصل الدراسي كان مختلطاً.
وفي دراسة أخرى بمعهد «كيل» بألمانيا، تبين بعد الفصل بين الطلاب والطالبات أن البنات كن أكثر انتباهاً، ودرجاتهن أفضل كثيراً قبل فصلهن عن الطلاب.
وأكدت الدكتورة كاولس شوستر خبيرة التربية الألمانية، أن توحد نوع الجنس في المدارس، بحيث يكون البنون في مدارس البنون، والبنات في مدارس البنات، يؤدي إلى استعلاء روح المنافسة بين الطلبة، أما الاختلاط فيلغي هذا الدافع.
وفي الصين، تم إطلاق أول مدرسة تعتمد سياسة الفصل بين الجنسين بمدينة قوانغدونغ. وستقوم المدرسة بتسجيل أكثر من ألف طالبة في السنة المقبلة في المتوسطة الخاصة بالبنات. وحول هذه الخطوة الجديدة في منع الاختلاط بالمدارس الصينية يقول الخبير التربوي الدكتور محمد فايد:
«الصينيون قوم عمليون، وأتوقع أن تنجح فكرة المدارس التي تعتمد على الفصل بين الجنسين والتي بدأت بـ 1000 طالبة حتى الآن، كما أتوقع أن تسود التعليم الصيني كله، لتكون ظاهرة في المنظور القريب، ينقلها العالم عنهم فيما بعد».
مصلحة تربوية
وفي أميركا نشر الموقع الإخباري الأميركي (سي إن إن) قبل سنتين خبراً تحت عنوان: (الطلبة الأميركيون في الصفوف المختلطة يحصلون على علامات متدنية) وذكر فيه: أن إدارة الرئيس قد منحت مديري المدارس العامة في البلاد حق فصل الصفوف بين الجنسين، حسب ما يرونه من المصلحة التربوية للطلاب والطالبات، وهذا يعد أكبر تعديل يطال النظام التربوي في أميركا منذ عقود كثيرة.
واستندت الدوائر التربوية الأميركية في موقفها هذا، إلى تقارير إحصائية أثبتت حصول الطلاب في الصفوف غير المختلطة على علامات أعلى من نظرائهم في الصفوف المختلطة، خاصة في مادتي الرياضيات واللغات الأجنبية.
وفي دراسة تربوية لبنانية تَبَين نتيجةً للاختلاط بين الطلاب والطالبات في المدارس والجامعات: أن الطالبة في المدرسة والجامعة لا تفكر إلا بعواطفها والوسائل التي تتجاوب بها مع هذه العاطفة. وأن أكثر من 60 في المئة من الطالبات رسبن في الامتحانات، وتعود أسباب الفشل إلى أنهن يفكرن في عواطفهن أكثر من دروسهن وحتى مستقبلهن.
وأشار تقرير صدر في أبريل الماضي 2011 عن وزارة التربية والتعليم الأميركية إلى أن عدد المدارس الحكومية غير المختلطة بلغ 223 مدرسة، بمعدل زيادة سنوية قدرها 300٪، وبلغ عدد الولايات التي تقدم تعليماً غير مختلط 32 ولاية أميركية.
تفوق علمي
وفي دراسة لمجلة «نيوزويك» الأميركية، قالت إنه عندما يدرس الطلبة من كل جنس، بعيداً عن الآخر؛ فإن التفوق العلمي يتحقق؛ ففي وسط التعليم المختلط أخفقت البنات في تحقيق التفوق في مجال الرياضيات والعلوم والكيمياء والفيزياء والتكنولوجيا والكمبيوتر.
وقد عرضت الجمعية الأميركية لتشجيع التعليم العام غير المختلط دراسةً أجرتها جامعة «ميتشغن» الأميركية في بعض المدارس الكاثوليكية الخاصة المختلطة وغير المختلطة؛ تفيد ـ هذه الدراسة ـ أن الطلاب في المدارس غير المختلطة كانوا أفضل في القدرة الكتابية وفي القدرة اللغوية.
وفي المملكة المتحدة تبين أن عدد المدارس غير المختلطة قد زاد خلال السنوات الأربع الماضية، خمسة أضعاف ما كان عليه في بداية القرن الحالي. وفي استراليا أجريت دراسة على 270 ألف طالب وطالبة، تبين فيها أن طلاب التعليم غير المختلط تفوقوا سلوكياً وأكاديمياً على طلاب التعليم المختلط.