يعتبر شغب المـلاعب ظاهرة عالمية تعاني منها أغلب الدوريات والبطولات الكبرى، وشهد تاريخ كرة القدم العديد من الأحداث المؤلمة بسبب التعصب وعدم احترام الروح الرياضية. التعصب ظاهرة قديمة حديثة ترتبط بها العديد من المفاهيم كالتمييز العنصري والديني والطائفي والجنسي والطبقي ولكن مع تزايد أهمية الرياضة في المجتمعات والتعلق القوي بالأندية أصبحنا نتحدث عن التعصب الرياضي، الذي يعتبر من أخطر الظواهر السلبية، التي تهدد الشعوب وتسبب حتى في إثارة العديد من الأزمات بين الدول.
ورغم أن بعض السلوكيات السلبية، التي بدأت تكسح ملاعبنا في السنوات الأخيرة لم تصل بعد إلى درجة الخطورة، التي تشكو منها العديد من الدوريات في العالم ومازالت ظاهرة دخيلة على دورينا إلا أنها باتت تشكل تهديدا واضحا لكرتنا ومجتمعنا، ما دفع البعض إلى المطالبة بالتصدي لهذه السحابة السوداء في سماء دورينا ورفع شعار »لا للتعصب«.
»البيان الرياضي« حاولت فتح ملف التعصب الأعمى في دورينا من خلال 3 حلقات رصدت فيها بعض مظاهر السلوكات السلبية ومظاهر الخروج عن النص، التي شهدتها ملاعبنا في زمن الاحتراف وتناول القضية من جانبها القانوني و التطرق لمبادرات الأندية وبقية المؤسسات والهياكل الرياضية الأخرى لحماية رياضتنا ومجتمعنا بشكل عام والخروج ببعض التوصيات، التي من شأنها أن تسهم في الحد من السلوكيات السلبية.
ظهرت في الفترة الأخيرة العديد من السلوكيات السلبية في، وقد تجلت بشكل واضح في الجولات القليلة الماضية لدوري الخليج العربي، ما يطرح سؤالاً جوهرياً عن سبب هذا التغير الخطر في سلوك البعض من جماهيرنا ولاعبينا، ولنتساءل ماذا بعد رمي النعال، والتلفظ بألفاظ جارحة تجاه المنافس ...
وانتشار مقاطع الفيديو المسيئة للبعض؟ هل هي مجرد سحابة سوداء في سماء دورينا أم بداية الانحراف والتعصب؟ وهل ما وصلنا إليه هو نتيجة طبيعية للصراع على الألقاب والهروب من الهبوط، خصوصاً أن التعصب تعددت مظاهره في زمن الاحتراف.
وأمام التطورات الخطرة، التي شهدتها الجولات الأخيرة أصبح من الضروري رفع كارت أحمر في التعصب، الذي سيفسد من دون شك متعة الدوري ولن يسيء لفئة بعينها من الجماهير بل لكرة الإمارات ولرياضتنا بشكل عام، في الوقت، الذي يشهد لها القاصي والداني بنظافتها وباتت الوجهة الأولى للمدربين ونجوم الساحرة المستديرة في العالم.
وما يزيد الشعور بالقلق من هذه الظاهرة هو انتقال عدوى فيروس التعصب من الجماهير إلى بعض المسؤولين واللاعبين، حيث شهدنا في المواسم القليلة الماضية اعتداءات على الحكام من قبل مسؤولين في الأندية سواء لفظياً أو جسدياً، إضافة إلى اعتداء بعض اللاعبين على المنافس، وتبرز هنا واقعة حارس المرمى ماجد ناصر، الذي اعتدى بالضرب على الإسباني كيكي فلوريس مدرب الأهلي السابق.
وتوجه ناصر إلى كيكي وضربه على رأسه من الخلف أثناء قيامه بتحية لاعبيه بعد فوزهم على الوصل وتأهلهم إلى نهائي كأس المحترفين.
مظاهر التعصب
وتجلّت مظاهر التعصب خلال الجولات الأولى لدوري الخليج العربي في 8 سلوكيات سلبية من هتافات و ألفاظ مسيئة ورمي للأحذية ومقاطع فيديو تحرض على الكراهية.
وانطلقت الشرارة الأولى في الجولة الثانية في مباراة الوحدة والشباب، التي شهدت واقعة قيام التشيلي خورخي فالديفيا لاعب الوحدة بحركة غير أخلاقية تجاه جماهير الجوارح قبل أن يتبرأ منها ويصفها بالحركة العادية في بلده، لكن لجنة الانضباط تدخلت وقرّرت إيقافه مباراتين وتغريمه 20 ألف درهم.
رمي بالأحذية
وشهدت مباراة العين والوصل من الجولة نفسها تلفظ أحـد المشجعين بألفاظ مسيئة تجـاه لاعب منتخبنا الوطني والعين عمر عبد الرحمن، وهو الأمر، الذي دفع مجموعة من جماهير الوصل إلى زيارة تدريبات العين وتقديم اعتذارها لـ»عموري« لكن الأمور لم تنته هنا .
وجاءتنا الجولة الثالثة بما هو أخطر من ذلك، حيث قام بعض مشجعي الوصل بالتلفظ بألفاظ جارحة ضد مهاجم النصر الفرنسي كيمبو ايكوكو، ثم قاموا برميه بالأحذية عندما كان يحتفل بتسجيل فريقه الهدف الثاني في شباك الوصل.
وأكد كيمبو بعد هذه الواقعة أنها المرة الأولى، التي يتعرض فيها لمثل هذه التصرفات والسب في ملاعب كرة القدم رغم تجربته الطويلة في الملاعب الأوروبية.
وجاءتنا الجولة نفسها بواقعة مشابهة في ديربي العاصمة بين الجزيرة والوحدة عندما قام البعض من مشجعي العنكبوت الجزراوي برمي عبوات المياه على أرضية المـلعب والإساءة إلى مدافع فريق الوحدة عبد الله النوبي، الذي أكد تعرضه للسب من فئة قليلة من جماهير الجزيرة، معرباً عن استغرابه من صدور هذه التصرفات، التي وصفها بغير الأخلاقية من جماهير دورينا.
وقال في تصريحات صحافية عقب المباراة: تعرضت وأهلي للسب والقذف من جانب فئة من جمهور الجزيرة لا يمكن القول عنهم سوى أنهم كالأطفال لا يدركون ما يفعلونه ولا يملكون أي روح رياضية على الإطلاق، وبعد الكرة المشتركة مع فارفان واجهت هجوماً شديداً من المدرجات وألفاظاً غير لائقة على الإطلاق تمسني وتمس أهلي، وهو ما أشعرني بالحزن لأننا لم نعتد على مثل هذه الأساليب والأخلاق غير الرياضية.
وأضاف قائلاً: نحن نتقبل الانتقادات ولكن ليس التجريح في شخصي وأهلي وزوجتي، فأنا في النهاية إنسان قبل أن أكون لاعب كرة ولدي مشاعر وطاقة، ومثلما يطلب الجمهور من اللاعب احترامه، على الجماهير أيضاً أن تحترم اللاعب وتقدره خصوصاً أنه يتعرض لضغوط شديدة من أجل تقديم المتعة لهذا الجمهور..
ومن يعرفني يعلم جيداً أنني شخص هادئ وأعرف التحديات ما بين جماهير الأندية إلا أنني طالما أقدر شعور أي فرد من الجمهور عليهم بعدم التعرض لأهلنا بالسباب.
تسجيل صوتي
وفي تطور خطر للانحراف الأخلاقي والاعتداء على الروح الرياضية انتشار تسجيل صوتي على مواقع التواصل الاجتماعي لأحد مشجعي الوحدة يحض فيه على الإساءة لنادي العين ..
ولاعبه عمر عبد الرحمن قبل مواجهة الفريقين لحساب الجولة 4 لدوري الخليج العربي، وهو ما دفع إدارة الوحدة إلى إصدار بيان تبرأت فيه من سلوك هذا المشجع ووصفته بغير المسؤول، وأن ما بدر منه لا يمثلها بأي صلة وتم إيقاف المشجع عن دخول المباريات المقامة بالنادي.
واستنكرت إدارة الوحدة بشدة هذه التصرفات المسيئة من المشجع ووصفتها بالأفعال المنافية، التي صدرت من قلة غير مسؤولة لا تمثل جماهير النادي الوفية، ودعت جماهيرها للتشجيع في إطار الروح الرياضية، التي يتسمون بها، ودعوة الأندية الأخرى إلى أخذ مواقف صارمة تجاه ذوى التصرفات غير اللائقة، لكن للأسف لم يكن بيان الوحدة كافياً، حيث شهدت المباراة هتافات مسيئة من بعض مشجعيه ضد لاعبي العين.
والحديث عن فيديو مشجع الوحدة يجرّنا بلا شك إلى تناول موضوع الفيديو المسيء لأحد اللاعبين المحترفين، الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ويظهر فيه اللاعب منفعلاً وهو يقوم بحركات غير لائقة، موجهاً عبارات مسيئة لإحدى الشخصيات الرياضية باستخدام ألفاظ بذيئة وهو الأمر، الذي دفع بالنيابة العامة للتدخل ورفع الموضوع للقضاء حتى ينال كل مذنب العقاب، الذي يستحق.
وشهد تاريخ الكرة الإماراتية في زمن الاحتراف العديد من السلوكيات الخارجة عن مبادئ الروح الرياضية ومن ضمنها بعض التصرفات، التي شهدتها بداية الموسم الحالي..
وهو ما يؤكد عدم التعامل بالجدية المطلوبة لردع المشاغبين، حيث تعرض السنغالي سنغاهور مهاجم بني ياس سابقاً إلى الموقف نفسه، الذي تعرض له كيمبو، عندما قام أحد مشجعي العين في يناير 2012 برمي حذائه على رأس السنغالي سنغاهور مهاجم بني ياس سابقاً عندما كان يحتفل بهدف سجله في شباك الزعيم خلال مباراة ربع نهائي كأس رئيس الدولة لكرة القدم.
وتسبب هذا التصرف غير الحضاري من المشجع تجاه لاعب بني ياس في تغريم العين بمبلغ 15 ألف درهم من قبل لجنة الانضباط.
الاعتداء على الحكام
يشكل الاعتداء على الحكام أحد أبرز مظاهر الشغب في ملاعب كرة القدم في العالم، وللأسف وصل هذا »الفيروس الخطر« إلى ملاعبنا عندما قام أحد المشجعين بالاعتداء على المساعد محمد الجلاف في مباراة الأهلي والعين في أبريل 2013.
وتتمثل صورة الاعتداء في قيام أحد الشبان برمي بطارية شحن هاتفه على أرضية الملعب ومن سوء حظه أنها أصابت الحكم المساعد بـرأسه وتم نقله على أثرها إلى المستشفى وإجراء ثلاث غرز له، فيما قرر حـكم الساحة إيقاف المباراة.
وكان بالإمكان أن تعصف هذه الواقعة بأحلام هذا الشاب وتهدد مستقبله لولا مبادرة الحكم محمد الجـلاف بالتنازل عـن القضية وتقديم الشاب اعتذاره وتعبيره عن ندمه الشديد وقـال إنه أثناء حضوره المباراة وقبل نهايتها بدقيقتين ألقت بعض الجماهير من المكان الذي كان يجلس فيه زجاجات مياه فارغة على الملعب ووجد نفسه أيضاً يلقي ببطارية شحن هاتفه على الملعب.
وشهدت مباراة عجمان والأهلي في في موسم 2013-2014 أحداث عنف اندلعت شرارتها عقب إعلان الحكم حمد الشيخ عن ضربة جزاء للأهلي في الدقيقة 96 قام على أثرها إداري فريق عجمان عبد الله أحمد بصفع الحكم حمد الشيخ، وزادت الأمور سوءاً عندما نزل أحد المشجعين من المدرجات وحاول الاعتداء بدوره على الحكم لتنتهي أحداث المباراة في مركز الشرطة.
النزول إلى الملعب
شهدت مباراة الأهلي والوصل في فبراير 2013 أبرز الأحداث المسيئة للروح الرياضية عندما واجه حارس المرمى ماجد ناصر ردود فعل غاضبة من بعض جماهير فريقه السابق (الوصل) على خلفية احتفاله بطريقة مبالغ فيها بعدما تمكن الأهلي من الفوز بأربعة أهداف دون رد.
وشهد الشوط الثاني من المباراة صافرات استهجان وترديد أهازيج مسيئة بحـق ماجد ناصر، ورفع الأحذية في وجهه، وحاول البعض استفزازه بكلام جارح..
وبنهاية المباراة نزل مشجعان وصلاويان إلى أرض الملعب، وهاجما ماجد ناصر في محاولة للاعتداء عليه، وقام أحدهما برمي وشاح الوصل على وجهه، فيما قام المشجع الثاني بفتح سترته وإظهار قميص الوصل لاستفزازه قبل أن يتدخل رجال الشرطة ويقوموا بترحيل المشجعين إلى مركز الشرطة بالقصيص.
وتم إخراج ماجد ناصر من إحدى البوابات الفرعية لاستاد راشد، خوفاً عليه من بعض الجماهير الوصلاوية الغاضبة، التي كانت تنتظر أمام البوابة الرئيسة.
تصفيات
وشهدت مباراة العين والهلال السعودي لحساب تصفيات الجولة الأولى لدوري أبطال آسيا في 2013 نزول بعض جماهير الزعيم إلى أرضية الملعب بعد الهدف الثالث، الذي سجله الغاني أسامواه جيان واضطر حكم المباراة إلى إيقاف اللعب، وتدخل لاعبو الاحتياطي لفريق العين لإبعاد المقتحمين، قبل أن يتصدى لهم رجال أمن الملعب.
لافتات مستفزة
شهدت مباراة كلاسيكو الكرة الإماراتية بين الوحدة والعين على استاد آل نهيان في أبوظبي في ختام مباريات الجولة الرابعة والعشرين من دوري الخليج العربي في الموسم الماضي قيام جماهير نادي الوحدة برفع لافتة مسيئة للعين.
ورفعت فئة من جماهير الوحدة لافتة كبيرة كتب عليها: »الفضل للجزيرة في بقائهم، ولسوء دورينا الفضل في تتويجهم، أما نحن لا فضل لأحد علينا«، الأمر الذي أثار حفيظة ..
واستياء جماهير العين ولاعبيهم،الذين اعتبروا ذلك إساءة لهم. كما قامت مجموعة من جماهير الأهلي الموسم الماضي برفع لافتة كتب عليها الجحيم في مباراة العين بدوري الخليج العربي، وألمحت الجماهير إلى أن الملعب سيكون عبارة عن الجحيم لفريق العين، وأثارت هذه اللافتة جدلاً واسعاً في الساحة الرياضية.
خارج النص
وشهدت مباراة الذهاب بين النصر والوصل في موسم 2013 - 2014 سلوكاً خارج عن النص يتمثل في رفع عدد من جمهور الإمبراطور لافتة مستفزة كتب عليها »ستحصلون على بطولة حينما تتساقط الثلوج«.
وأثارت هذه الواقعة غضب »النصراوية« وارتفعت درجة التوتر بين جماهير الفريقين بداية المباراة ووصل الأمر إلى التشابك بالأيدي بين بعض المشجعين و تدخلت الشرطة لتهدئة الوضع. وقبل لافتة »تساقط الثلوج« استفزّت جماهير الوصل جماهير النصر بلافتة أخرى بعد هروب لاعبهم الأسترالي مارك بريشيانو إلى الدوري القطري.
الإعلام ومـواقـع التواصـل في قفــص الاتهـام
يلعب الإعلام دوراً مهماً في تزايد ظاهرة التعصب للأندية أو الحد منها، وذلك حسب تعامل وسائل الإعلام مع الأخبار والقضايا الرياضية المطروحة على الساحة.
ولا يختلف اثنان أن دور الإعلام يجب أن يكون إيجابياً ويعمل على حماية الروح الرياضية والحد من التعصب، وذلك بتجنب الشحن السلبي للجماهير وترسيخ الروح الرياضية لدى الشباب، وتثقيفهم بشأن تقبل الفوز والخسارة.
ويمكن للإعلام أن يخرج عن النص ويلعب دوراً عكسياً، ويسهم بطريقة سلبية في تعزيز السلوكيات السلبية في ملاعب كرة القدم عندما يقدم انطباعات وآراء غير موضوعية وتصريحات عدائية من الروابط والقيادات الجماهيرية بالبرامج الرياضية من شأنها إثارة جماهير الأندية الأخرى.
ويمكن أن تسقط بعض وسائل الإعلام في فخ تنمية التعصب الرياضي عندما تركز في تناولها للقضايا الرياضية على الظواهر السلبية بدلاً من الإيجابيات، التي تعزز مبادئ الروح الرياضية واحترام الميثاق الأولمبي.
وإلـى جانب الإعلام أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً في قفص الاتهام بسبب التحريض على الكراهية والتعليقات الساخرة والتجاوزات اللفظية، التي من شأنها إثارة النعرات القبلية.
تراشق
ومع نهاية كل جولـة يكثر التراشق بالألفاظ النابية بين مشجعي مباريات كرة قدم على خلفية فوز فريق على آخر، ولم تسلم بعض النجوم من ظاهرة التجاوزات على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ وُجهت إلى بعضهم انتقادات حادة وعبارات جارحة على »تويتر«.
وأصبحت وسائل التواصل متغيراً اجتماعياً فاعلاً في الآونة الأخيرة، وأثبتت دورها في التعبئة والتوعية الاجتماعية وتزايد تأثيرها في الجدل العام، وتحولها إلى منبر اجتماعي حر للمناقشات الاجتماعية وليس مجرد ساحة للتواصل الاجتماعي والثقافي.
أخصائي نفسي: المتعصب يتبنى سلوكاً عدوانياً
أكد الدكتور عبد المحسن زكريا أخصائي نفسي رياضي بأكاديمية النصر لكرة القدم أن الجماهير هي عبارة عن تجمع تلقائي، لذلك يكون سلوكها عشوائياً، وهي تتشكل من مجموعات لا تعرف بعضها بعضاً لكن تتأثر بسلوكيات بعضها وخاصة بالشخص، الذي يتميز بصفات الزعامة، وقال: لا يوجد إنسان غير متعصب وليس له انتماء لشيء معين، وتبدأ فكرة التعصب تتكون لديه من عمر 4 و5 سنوات..
ويتأثر بدرجة كبيرة بسلوك والده ويميل إلى الفريق، الذي يشجعه، ثم يتأثر بأصدقاء المدرسة ووسائل الإعلام ويصبح انتماؤه للفريق الأحمر أو الأبيض واضحاً، بناء على النموذج، الذي يجده في أحد الفريقين مثل نجمه المفضل.
وأوضح عبد المحسن أن التعصب هو التعلق القوي بالشيء والمتعصب يصبح أعمى الإدراك لا يميّز بين السلبي والإيجابي، وفي حال تعلّق بالفريق الأحمر (على سبيل المثال) يصبح هذا الفريق هو الأفضل إلى درجة أنه لا يمكنه رؤية سلبياته، وتعلقه القوي به لا يمنحه أي فرصة للاقتراب من الفريق الأبيض والإقرار بحقّه في الفوز.
وأكد الأخصائي النفسي أن المشجع المتعصب يتبنى سلوكاً عدوانياً لفظياً أو جسدياً، وهنا نتساءل هل الحالة، التي وصل إليها نتيجة مشاكل نفسية، أو نتيجة محرّكات (تحريض)؟
وكشف عبد المحسن أن الوقاية تحتاج إلى برامج التوعية المستمرة وخاصة من طرف المؤسسة أو النادي، الذي ينتمي إليه ويمكن التصدي للظاهرة من خلال انتقاء مجموعة من اللاعبين للقاء الجماهير، وضرورة توجيه اللاعبين للتحكم في انفعالاتهم حتى لا يتأثر بها الجمهور، مشيراً إلى أن تعرض اللاعب للظلم من طرف الحكم يمكن أن يجعله يخرج عن النص.
توعية
وصرح عبد المحسن أن دور رؤساء روابط المشجعين مهم في توعية الجماهير وحثهم على التحلي بالروح الرياضية وقبول نتيجة المباراة مهما كانت وبغض النظر عن أخطاء الحكام، مشدداً أيضاً على دور وسائل الإعلام في التقليل من الضغط النفسي للجماهير وعدم سكب الزيت على النار والتطرق للقضايا بكل موضوعية وتجنب الإثارة.
مشاحنات المدرّجات
دخلت زوجة الأسطورة الأرجنتينية دييغو مارادونا مدرب الوصل سابقاً وصديقاتها في مشادة كلامية مع أحد مشجعي الشباب بالمنصة على خلفية صيحات صدرت منهن تجاه لاعب الشباب البرازيلي جوسيل سياو، لدى استبداله في نهاية المباراة.
واقتحم مارادونا مدرجات ملعب الشباب عقب انتهاء مباراة الوصل مع الشباب للدفاع عن زوجته قبل أن تتدخل الشرطة لاحتواء الموقف.
وتعتبر هذه الواقعة من أكثر المواقف المسيئة لدورينا باعتبار أن مارادونا كان طرفاً في الموضوع وحرص كل وسائل الإعلام العالمية على نقل أخباره.
ودانت شركة الوصل لكرة القدم المضايقات التي تعرضت لها أسرة مدرب الفريق الأول الأسطورة دييغو مارادونا وضيوفه في منصة ملعب الشباب.
وتعتبر المشاجرة، التي حدثت بين قلّة من جماهير الشباب مع بعضها بعضاً، خلال مباراة فريقها أمام النصر في موسم 2012-2013 واحدة من أبرز مظاهر التعصب في ملاعب دوري الخليج العربي، التي تؤكد أن هذه الظاهرة ليس مصدرها الخسارة فقط بل عدم تقبل آراء الآخرين.
تفاصيل
وتعود تفاصيل الواقعة إلى حدوث تشابك بين شخصين من جمهور الشباب قبل نهاية المباراة بـ10 دقائق، أسفر عن سقوط أحدهما من أعلى المدرجات، ما عرضه لكدمات قوية ونُقل على أثرها للمستشفى لتلقي العلاج.
المنعـرج الخطر
شهدت مباراة العين والأهلي لحساب الجولة الخامسة لموسم 2010- 2011 والتي فاز فيها الفرسان بهدفين مقابل هدف أخطر مظاهر التعصب، التي شهدتها ملاعب دورينا على الإطلاق، حيث وصلت ردود الفعل الغاضبة من الخسارة إلى تهشيم سيارات جماهير الأهلي.
وتعتبر هذه الواقعة معرجاً خطراً وتحولاً لافتاً في سلوك بعض الجماهير، التي لا تحترم الروح الرياضية ولا تدرك أن كرة القدم تقوم على ثنائية الفوز والخسارة.
الجماهير تعيش لحظة هلوسة وجنون
أكد الكاتب الفرنسي غوستاف لوبون ( 1841 - 1931) في كتابه »سيكولوجيا الجماهير« أن الجماهير مجنونة بطبيعتها وذكر أن الجماهير، التي تصفق بحماسة شديدة لمطربها المفضل أو لفريق كرة القدم، الذي تؤيده تعيش لحظة هلوسة وجنون.
وأشار لوبون إلى أن أسباباً تتحكم بظهور الصفات الخاصة بالجماهير و أولها هو أن الفرد المنضوي يكتسب بواسطة العدد المتجمع فقط شعوراً عارماً بالقوة، وهذا ما يتيح له الانصياع إلى بعض الغرائز ولولا هذا الشعور لما انصاع، وهو ينصاع لها عن طوع واختيار، وبما أن الحس بالمسؤولية هو الذي يردع الأفراد فإنه يختفي في مثل هذه الحالة كلياً.
والخصائص الأساسية للفرد المنخرط في الجمهور هي: تلاشي الشخصية الواعية، هيمنة الشخصية اللاواعية، توجه الجميع ضمن نفس الخط بواسطة التحريض والعدوى للعواطف والأفكار، الميل لتحويل الأفكار المحرض عليها إلى فعل وممارسة مباشرة، وهكذا لا يعود الفرد هو نفسه وإنما يصبح إنساناً آلياً ما عادت إرادته قادرة على أن تقوده.