اشتعلت الإثارة والمنافسة في الجولة الثامنة عشرة من دوري الخليج العربي لكرة القدم على الصعيدين، سواء في المنافسة على اللقب أو للبقاء بين المحترفين، فجاءت الجولة عامرة بالحماس والانضباط التكتيكي من الكثير من الفرق، ولم يؤثر ذلك على جمالية الأداء، حيث خرجت العديد من مباريات الجولة مثيرة وذات لمحات فنية عالية.
لعبة الكراسي الموسيقية لا تزال مشتعلة في القمة باستثناء الصدارة التي يحتلها الجزيرة منفرداً ومبتعداً بها برصيد 47 نقطة بفارق 8 نقاط كاملة عن الوصل أقرب المنافسين، والصراع صار بين الوصل والعين والأهلي على المركز الثاني والبقاء جوار المتصدر، فالوصل استطاع اقتناص الوصافة في الجولة 18 بعد تعثر العين المفاجئ أمام دبا الفجيرة المكافح، في حين نجح الوصل في العبور من الاختبار الصعب أمام الشارقة، والأهلي استمر في مشواره بالزحف نحو القمة بعد تخطيه الشباب برباعية قاسية.
وفي القاع قفز دبا الفجيرة قفزة مهمة بحصده 3 نقاط غالية أمام اتحاد كلباء أبعدته عن المركزين الأخيرين برصيد 15 نقطة بفارق 3 نقاط عن الإمارات صاحب المركز قبل الأخير، و7 نقاط كاملة عن بني ياس متذيل جدول الترتيب، ورغم أن مشوار القاع لا يزال طويلاً، فكلباء ودبا والإمارات سيكون الصراع بينهم مشتعلاً لتقارب مستوياتهم ونتائجهم وأيضا رصيدهم من النقاط.
قمة الإثارة
نستطيع القول إن مباراة العين ودبا الفجيرة كانت الأكثر إثارة في الجولة، فالزعيم لم يكن سيئاً ووصل لمرمى دبا الفجيرة كثيراً وأضاع العديد من الفرص، التي كانت كفيلة بهز ثقة النواخذة، ولكن كاميلي المدير الفني لدبا الفجيرة أجاد التعامل مع ما لديه من إمكانيات، ووظف لاعبيه بدنيا ونفسيا بشكل متميز، الأمر الذي جعل النواخذة يعود للقاء ويسجل هدفين في الشوط الثاني بعد أن كان خاسرا بهدف عيناوي في بداية الشوط، والفوز على العين في العين هو بمثابة اقتناص للطعام من فم الأسد.
على الطرف الثاني فالعين فقد العديد من النقاط مع بداية الدور الثاني ما يجعلنا نطالب الزعيم بمراجعة النفس، والتوقف عن الرعونة في إنهاء الهجمات، وهذا الأمر عائد للمدرب الجديد زوران، فالقاعدة الكروية تقول إن لم تسجل تخسر، وهو درس يتلقاه العين كثيراً في الفترة الأخيرة.
حامل اللقب
وعلى الطرف الآخر من الصراع استطاع الوصل مواصلة الزحف نحو الصدارة وملاحقة الجزيرة المتصدر، بفوز مستحق على الشارقة بهدفين مقابل هدف، ليقفز الإمبراطور على وصافة الدوري مستغلاً تعثر العين في الجولة أمام دبا، ويتخطى الزعيم بنقطة والأهلي صاحب المركز الثالث بنقطتين، وتقارب الفارق بين الفرق الثلاثة يبشر بمنافسة ساخنة ولعبة كراسي موسيقية ساخنة بين الفرسان الثلاثة لدورينا، منتظرين أي عثرة لفخر أبوظبي للقفز على الصدارة.
الشباب يقع في الفخ
احترنا واحتار دليلنا مع فريق الشباب، الفريق الذي كان عيبه المبالغة في تنظيمه الدفاعي منذ بداية الدوري، وتأثير ذلك التنظيم على ضعف قوته الهجومية، الآن حاول إصلاح هجومه فأصبح مهلهلاً في الشق الدفاعي.. ولا يسجل أهدافاً أيضاً، فوقع في الفخ الذي نصبه لنفسه.
تلقى الجوارح رباعية ثالثة، وهذه المرة أمام الأهلي، وقبلها أمام كلباء والإمارات أيضاً برباعية.. حتى في اللقاء الوحيد الذي فاز فيه في الدور الثاني كان برباعية أمام بني ياس.. فما سر رباعيات الشباب؟! وأين المنطق يا جوارح؟
مع علي خصيف لا تقلق
البطل، المنافس لا بد أن تتكامل عناصره، هجومياً ودفاعياً، ولكن أيضاً هناك أمر لا غنى عنه يميز الأبطال ويجعلهم أكثر استحقاقاً للتتويج وللصدارة.. حارس المرمى.
بالفعل الجزيرة يثبت أنه إن أردت المنافسة على الألقاب لا بد أن تمتلك حارساً على قدر من التألق مثلما هو حال علي خصيف، حارس خبير مخضرم يعرف كيف ومتى يزود عن مرماه، ولعل المتابع للقاء فخر أبوظبي الأخير أمام بني ياس يدرك قيمة علي خصيف وكيف أنه يعطي الطمأنينة لخط دفاعه الذي بدوره يكون خير عون للهجوم فيتكامل الأداء، ويظهر الجزيرة في شخصية البطل.
الإمارات أسد على الكبار
فريق الإمارات لا يزال يقدم مستويات متذبذبة، وغير مستقرة على الجانب البدني والتكتيكي، فيفوز على العين والشباب الفرق القوية، ثم يأتي بعدها، ويخسر أمام دبا الفجيرة وحتا، وهو أمر غريب، وغير مفيد للصقور على كل الصعد.
الإمارات هو الأقرب للهبوط مع بني ياس حتى الجولة 18 باعتبار الصقور في المركز قبل الأخير، برصيد 12 نقطة، وبني ياس 8 نقاط في الأخير، وبالتأكيد الفوز على الكبار فيه جمعاً للنقاط قد تفيد الفريق، ولكن أيضاً الخسارة أمام المنافسين المباشرين في دوامة الهبوط يجذب الفريق أكثر للدوامة، ويصعب من مهمته للبقاء بين المحترفين.
الظفرة بمن حضر
الاحتراف وتقبل فكرة رحيل اللاعبين وقدوم غيرهم، جعلنا نتقبل فكرة رحيل ديوب وخريبين عن الظفرة في فترة الانتقالات الشتوية، وقلنا إن الفريق قد يعاني كثيراً في الدور الثاني، ولكن خاب كل الظن، ويوماً بعد يوم يثبت محمد قويض المدير الفني للظفرة أن فريقه بمن حضر، لا يتأثر بغياب أحد ويبني باستمرار عناصر جديدة تدعمه وتصلب عوده.
الظفرة أصبح في المركز الخامس برصيد 26 نقطة متفوقاً على الوحدة، والنصر والشباب والشارقة، الذين يملكون إمكانيات أكبر كثيراً من فارس الغربية، الأمر الذي يحسب لقويض.
49
هدف وحيد هو الفارق بين بني ياس صاحب المركز الأخير في جدول ترتيب فرق دوري الخليج العربي، وبين الجزيرة متصدر المسابقة حتى الجولة 18، لا تتعجب فهي مجرد مفارقة، أن فريق بني ياس حتى الجولة 18 مني مرماه بـ49 هدفاً، كأضعف خط دفاع في البطولة كلها، وبالتأكيد بالتبعية هو أضعف حارس مرمى في المسابقة، أما الجزيرة فسجل 48 هدفاً آخرها الثلاثية التي أحرزها في مرمى بني ياس نفسه في الجولة 18، في المباراة التي انتهت بفوز فخر أبوظبي بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد.
وإذا كان بني ياس هو صاحب أضعف خط دفاع، فوصيف السماوي في الضعف هو دبا الفجيرة وسكن شباكه 37 هدفاً بفارق 12 هدفاً عن بني ياس، أما صاحب أقوى خط هجوم بعد الجزيرة فهو الوصل، وأحرز مهاجموه 40 هدفاً بفارق ثمانية أهداف عن «فخر أبوظبي».
يوم النصر على العنابي
لا نجد الكثير من الكلمات لوصف حالة فريقين كل منهما يحير أكثر المحللين علماً ورؤية في عالم كرة القدم ـ النصر والوحدة، كل منهما يتألق يوماً وفي التالي تجده فريقاً آخر بشكل كامل وكأن من رأيته بالأمس ليس هو نفسه من تراه اليوم، هذا حال كل من العميد والعنابي، واليوم كان يوم النصر، الذي نجح في الفوز بثلاثية نظيفة على العنابي في ملعب النصر، وكان العنابي في يوم تراجعه وانكساره.
أمر غريب، ولكن تراجع مستوى الوحدة البدني والنفسي لا ينسينا أن بيتريسكو المدير الفني الروماني للعميد قدم مباراة جيدة من الناحية التنظيمية، والتكتيكية، ولعب على الثغرات في دفاع العنابي، وما أكثرها، فاستطاع الوصول لمرمى الفريق الضيف مراراً، ونجح في غياب فاندرلي في خلخلة دفاعات الوحدة بالتحركات خلف المهاجمين وفتح اللعب على الأجناب وفي العمق بشكل سلس، مكن العميد من إحكام قبضته على المباراة.
على الجانب الآخر ربما يعاني الوحدة الإرهاق، بعد مباراة الملحق الآسيوي، ولكن هذا ليس مبرراً لاهتزاز مستواه، وأغيري لابد له أن يعالج وضع الفريق لأن المركز السادس ليس مركزاً يليق بالعنابي والإمكانيات التي يمتلكها.