طفل صغير تَرسُمُ على شفتيه بسمة فرح.. شيّاب تزورهم لتُشعرهم بمدى أهميتهم في حياتنا، ومريض تحاول مداواة جرحه بأمل متجدد..
إنها أفعال بسيطة، ولكن كبيرة الأثر، اشتملت عليها وعكستها حملة «البيان» الموسومة بـ«يوم للخير» في الشهر الفضيل، إذ دعت معها عدداً من مشاهير الفن والرياضة والإعلام والتصميم، ليتطوعوا فيشاركوا بنشاطات الحملة من خلال زيارات ولقاءات حية مع أفراد شرائح مجتمعية متنوعة، هم بأمس الحاجة لدعم ولقاء هؤلاء المشاهير بشكل مباشر.
كون ذلك يعزز تفاؤلهم وشعورهم بالمحبة.. ويعمق إيمانهم بأن الخير أصيل راسخ في مجتمعنا، وبأننا في «دار زايد» يد واحدة لا ننفك نضرب المثل في المحافظة على الأصالة والأخلاق الحميدة.
نجومنا في هذه الزيارات والجولات، ظهروا على طبيعتهم بعيداً عن كاميرات التصوير فكان الجانب الإنساني هو الغالب في أفعالهم، لتراهم تارةً أطفالاً يلعبون.. وتارةً أخرى هم يتألمون ويفرحون ويتفاعلون مع كل ما يعايشونه.
فقاعات الصابون تتطاير في الهواء من هناك وهناك، ومحاولات واهية للإمساك بها، تلوين على الوجوه، ورسم ولصق أشكال مختلفة من شخصيات الرسوم المتحركة، اللعب والركض من دون توقف..
هكذا كان يوم من حياة الإعلامية منى الحيمود صاحبة مبادرة «ألعاب بأجنحة» مع أكثر من 33 طفلاً يرعاهم الهلال الأحمر الإماراتي في أحد المراكز التجارية، وتحديداً في منطقة الألعاب التي لن تستطيع أن تسمع وترى بداخلها سوى ضحكات الأولاد الممزوجة بالبراءة.
العطاء اللامحدود
الحيمود كانت أماً لجميع الأولاد، فكانت تحاول تلبية مختلف متطلباتهم، حيث تجدها تجلس مع البنات في المنزل الوردي لتشرب بصحبتهن الشاي الوهمي، وتساعدهن على ارتداء أزياء الأميرات وتصفيف شعرهن، ووضع التيجان الذهبية فوق رؤوسهن، أما الأولاد فكانت تقفز معهم وتشهر سلاح «سبايدر مان» وتطاردهم في مغامرة شقية.
بينما تراها جالسة عند الطاولات في ركن الطعام بين مجموعة أخرى منهم، لتجعلهم يتناولون وجباتهم كاملة، فهي تقريباً موجودة في كل مكان لمشاركة الأطفال جميع لحظاتهم السعيدة. تقول الحيمود: ساعة من وقتك قد تحدث أثراً كبيراً في غيرك.
فالبعض يظن أن العمل التطوعي يندرج تحت زاوية التبرع المالي، متجاهلين أنك تستطيع أن تصنع فرقاً كبيراً، حينما تزرع بسمة على شفتي شخص في حاجة إلى الفرح، منوهة بأن العمل التطوعي في الإمارات من السهل الاشتراك فيه، لأنه منظم وخطواته مبسطة وقائم على العطاء اللامحدود.
مبادرة وأمنية
أما عن مبادرة «ألعاب بأجنحة»، التي أطلقتها قبل سنتين فتشير إلى أن الفكرة راودتها، حينما زارت المستشفيات والمخيمات الداخلية بفلسطين، وقتها فكرت أن عليها القيام بشيء من أجل الأطفال هناك، ووجدت أنه على المدى القريب ليس هناك أجمل من تقديم اللعب. وتضيف: لدينا الكثير من اللعب في منازلنا.
بينما لا يمكن للأطفال في مخيمات اللاجئين وغيرها من الأماكن أن يحصلوا على هذا الحق الأساسي الذي قد يغير حياتهم إلى الأبد، صحيح أنهم في حاجة إلى الدواء والغذاء، ولكن اللعبة أيضاً عند الأطفال شيء أساسي لا غنى عنه.
برامج تدعو للخير
ترغب الحيمود في تقديم برنامج إنساني، يُعنى بتقديم حالات تزرع بداخلنا الأمل، تسلط الضوء على فئات بالفعل في حاجة إلى المساعدة، وذلك لتنمية حس العمل التطوعي بأنفسنا، وقد وحاولت التواصل مع الجهات المعنية.
ولكنها كانت تصطدم بحاجز التمويل، للأسف الإنتاج التلفزيوني -على حد قولها- موجه أكثر نحو الترفيه، متمنية في الأيام المقبلة أن يكون للبرامج التي تدعو إلى الأعمال الخيرية والتطوعية حيز على الأقل عبر برنامج واحد على كل قناة.
من ناحية أخرى تشعر الحيمود بأنه يمكن استثمار الشهر الفضيل بشكل إيجابي لنكون أكثر نشاطاً، فهناك فترة ما قبل الإفطار للعمل والاجتهاد، وبعد أذان المغرب نحاول توطيد العلاقات الأسرية، وزيارة الأهل والأصدقاء، مشيرة إلى أنها تواظب يومياً على الإفطار مع والدتها في المنزل، فهي تشعر بالراحة وهي بقربها.
تخفيف المعاناة
خلال عامين قامت مبادرة «ألعاب بأجنحة» بتوزيع اللعب على 75 ألف طفل، في أكثر من 13 دولة حول العالم، وذلك بهدف التخفيف بعض الشيء من معاناتهم، ومحاولة لجعلهم يعيشون حياة طبيعية.
ليست المرة الأولى
ليست هذه المرة الأولى التي تقضي فيها الحيمود وقتاً مع الأطفال، فهي تقريباً كل شهر تقوم بتجميعهم بالتعاون مع الهلال الأحمر وغيرها من الجمعيات الخيرية، لقضاء وقت مميز مع الأطفال، أو لتوزيع بعض اللعب عليهم.
لحظات من السعادة
تؤكد الحيمود أنه في كل مكان يمكنك أن تقوم بعمل خيري، شرط أن يكون نابعاً من قلبك، وأنه ليس هناك أجمل من مشاركة غيرك لحظات من السعادة، فأنت بذلك تعطيه أملاً جديداً، وتمد نفسك بتجربة ستغيرك إلى الأفضل من دون شك.