لا يخلو الحديث مع الدكتور أحمد سعد الشريف، من التشويق والإثارة، حيث تجد نفسك أمام موسوعة، حفلت بسجل من الإنجازات على الصعيدين الرياضي والتعليمي في الدولة، بصفته نائب مدير عام هيئة المعرفة والتنمية البشرية، ورئيس جمعية الرياضيين. ليس هذا وحسب، إنما يعد الشريف صاحب سجل حافل في وزارة التربية والتعليم، الذي استطاع مزج روحه الرياضية وتقديم عصارة تجاربه في خدمة العلم والتعليم.

ملامح وصفحات

في السياق التالي، نمر بمراحل من صفحات حياة الشريف، ونسلط الضوء على ملامح عدة بدءاً من طفولته، حيث نشأ وتربى في نادي الشباب الملقب بـ «الجوارح»، ثاني أندية الدولة من حيث تاريخ التأسيس، مستعيدا ذكريات لا تزال محفورة في الذاكرة، منها: ممارسة الرياضة أثناء الصيام، وتحديداً في بداية الثمانينات برفقة أصدقائه، حيث كان يجعل الجميع يستهجن تصرفهم، خاصة وأن سبل الرفاهية كانت متواضعة مقارنة باليوم.

عرج الشريف، على محطة مهمة في صغره، تتمثل في تنظيم مباريات الطائرة بين شباب الفريج في الشهر الكريم، التي حرص على المشاركة فيها منذ أن كان صغيراً، من بعد صلاة التراويح وحتى قبل السحور. واستطرد «طائرة الفرجان تبقى محفورة في الذاكرة، لا يمكن نسيانها، وأذكر في إحدى ليالي العيد، وبعد انتهاء المباراة، اكتشف أحد المشاركين في اللعب، أنه فقد مفتاح سيارته، والكارثة أن السيارة واقفة في مقدمة البيت أمام سيارات أخرى، واستمرت عملية البحث حتى بزوغ الفجر، لكن دون جدوى».

شريط الذكريات

شريط الذكريات، كان مفعماً بالكثير من الأحداث، وكذلك سجله الحافل بعد انتهاء الدراسة الجامعية، التي بدأت في عام 1983 ـ 1984 في مصر، ليتخرج في صيف 1986 ـ 1987، ثم يخوض أولى تجاربه المهنية معلماً، وسرعان ما انتقل إلى خطوة أخرى في وزارة التربية والتعليم، بتوليه مهمة مشرف نشاط في إدارة التربية الرياضية مع الأستاذ جمعة غريب، حتى تدرج بعدها رئيساً للقسم، ثم نائباً لمدير الإدارة.

وعلى صعيدٍ رياضي، اهتم الشريف بتدريب اللاعبين في نادي الشباب، حيث كان مساعد الفريق الأول ومدرب الفريق حيناً، لكنه توقف بعدها متوجهاً إلى التحكيم نظراً لحصوله على شهادات في هذا الجانب، كما كان له نشاط رياضي آخر على مستوى اتحاد كرة الطائرة بصفته عضواً لمجلس ادارة اتحاد كرة الطائرة لدولة الإمارات في عام 1990، إلا أن شغف الدراسة استحوذ على جانب كبير من تفكيره، وظل هاجساً يراوده، فسافر إلى مصر لدراسة الماجستير والدكتوراه.

مسؤولية جديدة

بعدها عاد إلى الإمارات في سبتمبر 1999، وتحمل حينها مسؤولية جديدة، بتقلده منصب وكيل وزارة المساعد لقطاع الأنشطة. هذه المرحلة، وصفها الشريف برحلة بناء الشخصية وصقلها بتراكم الخبرات. بعد فترة من الحصاد والنضج، استمرت من عام 1999 حتى 2007، وخلال هذه الفترة، حقق نجاحات عدة على مستوى الوزارة والدولة، بل تخطى حدود الإمارات إلى الخليجية، إذ ساهم في تأسيس العديد من الأنظمة المساعدة على استمرار النشاط، مثل العمل على تدشين المسرح المدرسي، والمهرجان الموسيقي، وتطوير التجمعات الكشفية، وإنعاش اتحاد الرياضة المدرسية في عام 2000، لاسيما وأنه أول اتحاد رياضي ممنهج وفق خطة استراتيجية، وبعد مرور عامين ونصف، تمكنوا من تأسيس لجنة تنظيمية للرياضة المدرسية الخليجية، وكانت قناعة كل من الدكتور علي عبد العزيز الشرهان وزير التربية والتعليم الأسبق، والدكتور جمال المهيري وكيل الوزارة في تلك الفترة كبيرة بهذا المشروع.

ولم يتوان الشريف وفريق عمله، عن قضية أخرى في تلك الفترة، وهي تعزيز الوعي الصحي، وشرع في تأسيس المركز العلمي لتطوير الرياضة المدرسية، الذي شمل إمارات عدة على مستوى الدولة، مثل أبوظبي ودبي والشارقة، وهذا المشروع كان بمثابة سجل يشمل الحالة الصحية للطالب على مختلف المراحل المدرسية، من حيث الجسم والطول والوزن واختبارات مرتبطة بعناصر اللياقة البدنية، لمعرفة البرامج التي يخضع لها الطالب في حصة التربية الرياضية، والقدرة على تزويده باللياقة الكافية، لمواجهة تحديات السمنة والسكري وخلافهما من الأمراض البدنية الوراثية التي يستطيع المشروع الكشف عنها مبكراً، إلا أن إغلاق المركز اعتبره الشريف خسارة كبيرة لأبنائنا.

المسرح المدرسي

توقف الشريف عند المسرح المدرسي، وتحدث قائلاً: نجحنا في تأسيس أول مسرح مدرسي على مستوى الخليج، برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، الذي دعمنا في هذا الجانب، فالمسرح هو الحياة، والقدرة على فهم الآخر، بل رسالة نؤديها، والكثير من دول العالم تحرص على تخصيص حصة للمسرح، كونها وسيلة مؤثرة وفعالة لتوصيل الرسالة للآخرين، خصوصاً وأنها تعزز مفاهيم مختلفة مثل الحوار والخطابة.

وتطرق الشريف، إلى المسابقات العلمية التي حقق فيها طلبتنا إنجازات رائعة، على مستوى «الريبوت الدولية»، ومسابقات الرياضيات والعلوم ولغة البرمجيات وغيرها من المشاركات الخارجية، وحصدنا ثمار الغرس السابق برؤية أبنائنا اليوم في مواقع متميزة، قادرين من خلالها على صنع إضافة تخدم دولتنا الحبيبة، إلى جانب الاهتمام بثقافة البحث والاستقصاء من خلال تنظيم الملتقيات.

دبي الرياضي

في عام 2006، كانت رؤية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، تتجه نحو دراسة احتياجات الأندية وإنجازاتها وتطويرها، وكان ضمن أول تشكيل للمجلس من عام 2006 حتى عام 2010 بمنصب أمين عام، للإشراف على الرياضة في الإمارة، وتحقق الكثير من النجاحات في اعتقاده بفضل القيادة الحكيمة، وتوجيهات أصحاب القرار نحو تنظيم عمل الأندية تحت مظلة المجلس، من خلال بناء منشآت جديدة، مثل مجمع حمدان بن محمد الرياضي، أحد أهم الصروح الرياضية، الذي يتسع لأكثر من 5 آلاف متفرج وتمارس فيه أكثر من 12 لعبة، فضلاً عن إعداد خطة لاستقطاب الفعاليات العالمية الضخمة على المدى القريب والبعيد، حيث استضافت دبي في عام 2010 بطولة كأس العالم للقوس والسهم، وبطولة العالم للسباحة «مجرى المياه القصيرة»، وكرة القدم الشاطئية وسواها من البطولات، لتضاف إلى رصيد دولة الإمارات عموماً ودبي على وجه الخصوص.

من المراحل المهمة بالنسبة له أيضاً، أنه كان عضواً في اللجنة الأولمبية من 2000 وحتى عام 2005، وفي دورة الألعاب الأولمبية في صيف 2004، كان الشريف مديراً للوفد الإماراتي وعضو البعثة الرسمية، التي حققت فيها الدولة للمرة الأولى الميدالية الذهبية في الرماية، على يد البطل الأولمبي الشيخ أحمد بن حشر آل مكتوم، وقال «هذه محطة مهمة لرياضة الإمارات، لم تستثمر بالصورة المثلى، لبناء إنجازات أخرى على ضوء ما تحقق على يد بطلنا الأولمبي».

هيئة المعرفة

أخيراً، تم تكليف الشريف بمهمة جديدة في هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، بصفته نائباً للمدير العام للهيئة، وذكر أن العاملين في قطاع التربية والتعليم محظوظون، لأن العلاقات التي تجمع الناس في حقل التعليم أينما وجدوا مبنية على قيم الاحترام والتقدير واستيعاب الآخر، فالجميع يعمل في نسق واحد ومنظومة متكاملة من أجل قطاع التعليم.

ملحق ثقافي

حظي الشريف بتجربة مختلفة في عام 1995 ـ 1996، بأن يكون الملحق الثقافي في مصر، وقد شارك وفد الإمارات في تلك الفترة لأول مرة في دار الأوبرا، بمجموعة من البرامج الفنية والثقافية الهادفة. وأوضح الشريف في هذا السياق، أننا بحاجة إلى تطوير الفلكلور أو الفنون الشعبية، على غرار دول أخرى استطاعت تجويد الرقصات الشعبية وتطويرها إلى الأفضل.

سجل

شغل أحمد سعد الشريف مناصب عدة، منها: رئيس قسم الرياضة في وزارة التربية والتعليم، ونائب رئيس إدارة الرياضة والكشافة والتربية الفنية، والملحق الثقافي في سفارة دولة الإمارات في القاهرة، ورئيس اتحاد الإمارات للرياضة المدرسية، ووكيل وزارة التربية والتعليم المساعد للأنشطة والرعاية الطلابية، وعضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر الرياضة العامة، فضلاً عن منصبه السابق أمين عام مجلس دبي الرياضي. كما حصل الشريف، على جوائز عدة، أبرزها جائزة التميز في الإعلام المرئي، وجائزة في ندوة الثقافة والعلوم، كما فاز بجائزة العويس للدراسات والابتكار العلمي. وحفل سجل الشريف، بمجموعة من التجارب في المجال الرياضي، بصفته كان لاعباً في نادي الشباب ثم مدرباً.