كشفت مصادر سياسية يمنية رفيعة عن مضامين خطة دولية لإحلال السلام في اليمن سيتم من خلالها عودة الحكومة الشرعية بشكل مؤقت وتشكيل لجنة عسكرية تشرف على الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة إلى جانب موضوع الأسرى ولجنة لإدارة الوضع الاقتصادي، بينما تبدي الوفود المشاركة في المشاورات اليوم ملاحظاتها على قوائم الأسرى، في وقت أصدر نائب الرئيس اليمني تعليماته لرئاسة هيئة الأركان العامة بالاستمرار في التهدئة.
وقالت المصادر لـ«البيان» إن الخطة التي اقترحتها الدول الراعية للتسوية في اليمن وقدمها المبعوث الأممي الخاص إسماعيل ولد الشيخ أحمد تنص على أن تعود الحكومة الشرعية إلى صنعاء لمدة أربعة إلى ستة أشهر، وخلال هذه الفترة تعمل اللجنة العسكرية التي ستشكل من الجانب الحكومي والطرف الانقلابي وبمشاركة ضباط من دول التحالف العربي والأمم المتحدة على الإشراف على انسحاب المسلحين من العاصمة أولاً وتجميع هؤلاء المسلحين والأسلحة في مواقع عسكرية خارج المدينة.
ووفقاً لهذه الرؤية، التي ينتظر أن تتم المصادقة عليها من مجلس الأمن الدولي، سيواصل المفاوضون مناقشة الحلول السياسية وتشكيل حكومة جديدة تتولى إدارة المرحلة الانتقالية وصولاً إلى الانتخابات العامة على أن تواصل اللجنة العسكرية مهامها في بقية المحافظات التي ماتزال خاضعة لسيطرة الانقلابيين.
وذكرت المصادر أن الخطة الجديدة ستكون شبيهة بالمبادرة الخليجية من حيث إلزاميتها للطرفين حتى لا يترك المجال للتعديل والتسويف حرصاً على منع انهيار الدولة اليمنية بشكل كامل، خصوصاً في ظل انهيار العملة المحلية مقابل الدولار، مؤكدة أن الأطراف الدولية الفاعلية تضع اللمسات الأخيرة على هذه الخطة بالشراكة مع دول التحالف العربي بقيادة السعودية على أن يتم الإعلان عنها خلال الأيام القليلة القادمة.
تثبيت التهدئة
وحسب المصادر فإن الدول الكبرى وبالتعاون مع قيادة التحالف العربي ستتولى مهمة الرقابة على اتفاق وقف إطلاق النار في مختلف الجبهات وتثبيت الاتفاق في جميع المحافظات وفي المقدمة مدينة تعز بحيث يتم فتح الطرق إلى المدينة ورفع الحصار الذي يفرضه الانقلابيون على السكان.
وكان المبعوث الدولي التقى أمس ممثلي الحوثيين وحزب الرئيس المخلوع إلى محادثات السلام، وناقش معهم التصورات الخاصة بتشكيل اللجنة العسكرية، وأيضاً الجانب السياسي ومقترحات تشكيل حكومة جديدة وملف الأسرى والمعتقلين، حيث طالب هؤلاء بتقديم ضمانات كافية فيما يخص الالتزام بتشكيل حكومة جديدة وتثبيت وقف إطلاق النار وإلغاء الحظر على الطيران.
ومن المنتظر أن يلتقي المبعوث الدولي وفد الحكومة الشرعية لاستكمال مناقشة هذه القضايا معه، فيما تتولى اللجنة الدولية للصليب الأحمر متابعة ملف الأسرى والمعتقلين بعد مناقشة القوائم التي قدمت من الجانبين حيث يدعي الطرف الانقلابي أن هناك أكثر من ثلاثة آلاف أسير لدى الجانب الحكومي، فيما قدم الجانب الحكومي قائمة أولية تضم ألفين وستمئة معتقل.
من جهته، أكد ولد الشيخ أحمد أن الوفود المشاركة في محادثات الكويت ستقدم ملاحظاتها على قوائم الأسرى اليوم (الثلاثاء)، مؤكداً أن المحادثات تسير في الطريق الصحيح.
واجتمع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد مع وفد الحوثيين وصالح وناقش التصورات الخاصة بالمرحلة المقبلة في البلاد، كما استمع إلى طروحات الوفد والتطمينات المطلوبة لضمان تطبيق الاتفاقات واستئناف الحوار السياسي بين الفرقاء اليمنيين.
وأكد بيان صادر عن مكتب ولد الشيخ أن اجتماعاً عقدته لجنة السجناء والمعتقلين والموضوعين تحت الإقامة الجبرية والمحتجزين تعسفياً، وتسلمت الأمم المتحدة من وفد الحكومة بيانات خاصة عن الأسرى المحتجزين بعد أن كانت قد تسلمت يوم السبت الماضي بيانات وفد الحوثيين وصالح. وبحسب البيان فانه تم الاتفاق على أن يقدم كل طرف ملاحظاته بشأن الكشوفات اليوم.
وعلق المبعوث الخاص على مشاورات يوم الأحد قائلاً: «نحن على الطريق الصحيح والأمم المتحدة تعمل على أرضية صلبة لتوافق سياسي شامل تضعه في متناول الأطراف»، مضيفاً أن «المرحلة المقبلة ستكون حاسمة».
انسداد
في الأثناء، أكد نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية اليمني، رئيس وفد الحكومة في مشاورات الكويت، عبدالملك المخلافي وجود انسداد في المفاوضات بسبب تعنّت الطرف الآخر، مضيفاً «لكنني أعتقد أننا في المرحلة الأخيرة فإما أن يوقف وفد الحوثي تعنته وإما أن يحكم على المشاورات بالفشل».
ونقلت تقارير كويتية عن المخلافي قوله إن «هناك اتفاق على الإفراج عن الأسرى والمعتقلين جميعاً قبل رمضان، تحت إشراف الصليب الأحمر»، مشيراً إلى أن الحكومة قدمت قوائمها في انتظار تقديم الطرف الآخر قوائمه.
وأشار إلى «وجود اتفاق دولي وعربي، على أن تكون الأولوية لتسليم السلاح والانسحاب من مؤسسات الدولة قبل البحث في أي موضوع آخر، ولا مانع من مشاركة أطراف عربية وخليجية ودولية في الإشراف على تسليم السلاح».
وبشأن الاتفاق على سقف زمني للمفاوضات قال إنّه «لم يتم الاتفاق بعد، لكنني أعتقد أننا في المرحلة الأخيرة، فإما أن يوقف الطرف الآخر تعنته وإما أن يحكم عليها بالفشل».
تعليمات بالتهدئة
أما نائب الرئيس اليمني الفريق الركن علي محسن صالح الأحمر فأصدر تعليمات إلى رئاسة هيئة الأركان العامة، باستمرارها في التهدئة وضبط النفس ووقف إطلاق النار.
وأفادت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية، بأن الفريق الأحمر أجرى اتصالين هاتفيين بكل من رئيس هيئة الأركان العامة اللواء الركن محمد المقدشي ونائبه اللواء الركن ناصر عبدربه الطاهري، وأطلعهما على مستجدات الأوضاع الميدانية والخروقات التي لا تزال مستمرة في مختلف الجبهات من قبل الميليشيات الانقلابية.
وأكد الأحمر خلال اتصالاته على ضرورة الاستمرار في التهدئة وضبط النفس ووقف إطلاق النار، مثمناً التضحيات التي بذلها قوات الجيش والمقاومة الشعبية في دحر الانقلاب ومواجهة العناصر الإرهابية.
من جانبهما، أكد رئيس هيئة الأركان اليمنية ونائبه التزامهما التعليمات المتعلقة بالاستمرار في وقف إطلاق النار وحرصهم على ترسيخ الأمن والاستقرار واستعادة الدولة.
تصميم
أشاد رئيس الوزراء اليمني د. أحمد عبيد بن دغر بالأدوار الكبيرة التي قدمها وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي في الدفاع والذود عن الوطن والشرعية، ورفضه للانقلاب ومجابهة المليشيات الانقلابية.
وأكد رئيس الوزراء، خلال لقائه نجل وزير الدفاع الأسير، أن الإفراج عن اللواء الصبيحي ومعه اللواء فيصل رجب واللواء ناصر منصور وكل المعتقلين في سجون الميليشيات قضية لا تنازل عنها.
هاموند يدعو الأطراف اليمنية لتحمل مسؤولياتها
دعا وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، أمس، الأطراف اليمنية المشاركة في مشاورات السلام المنعقدة في الكويت إلى تحمل مسؤولياتها للتوصل إلى حل سلمي للنزاع في اليمن وإنقاذ بلدهم من انهيار اقتصادي كبير.
وقال هاموند في مؤتمر صحافي عقب لقائه مبعوث الأمم المتحدة لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد «يجب أن نكون متفائلين بحذر بشأن هذه المشاورات»، موضحا أنها أخذت وقتا طويلا لكنها تشهد تقدما مع مرور الوقت. وأضاف ان «من الطبيعي ان تكون هناك نقاط اختلاف بين الأطراف، لكن الأهم هو وجود توجه للوصول الى حل ينهي الأزمة».
واكد حرص المجتمع الدولي على دعم مشاورات السلام اليمنية من خلال جمع الأطراف المعنية حول طاولة الحوار للوصول الى حل شامل يغلب مصلحة الشعب اليمني على مصالح أي طرف. وأعرب هاموند عن تقديره للدور الفاعل الذي يؤديه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد في دعم المحادثات لوقف نزيف الدم في اليمن.
وقال أنه «لولا تدخل الأمير لاستئناف المشاورات بعد توقفها لطال أمد النزاع في اليمن»، مثمنا مبادرته لاستضافة الكويت هذه المشاورات من اجل التوصل الى حل سلمي.
وبحث وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح مع هاموند أمس، أوجه التعاون القائمة بين البلدين على كافة المستويات وسبل التنسيق المشترك لمواجهة التحديات الجارية.
وبحسب وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، بحث الجانبان آخر المستجدات والتطورات الإقليمية والدولية والقضايا محل الاهتمام المشترك. واستعرض الجانبان خلال الاجتماع مجمل العلاقات الثنائية التي تربط البلدين وسبل تعزيزها وتطويرها.
كما زار هاموند مملكة البحرين وبحث مع عدد من المسؤولين قضايا عدة بينها الأزمة اليمنية. وكان وزير الخارجية البريطاني وصل الى الكويت في وقت سابق قادما من السعودية ضمن جولة خليجية لبحث عدد من القضايا الإقليمية والدولية.
محاربة «داعش»
أكد وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند نجاح مساعي التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش في الحد من قوة وانتشار التنظيم على المستويين العسكري والإعلامي.
وقال هاموند خلال مؤتمر صحافي رداً على سؤال حول تقييمه لعمل التحالف الدولي لمواجهة داعش إن «من أهم نقاط قوة (داعش) هو مهارة استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي»، مضيفا أن التحالف الدولي نجح في إضعاف خطاب التنظيم والرسائل التي يوجهها في مواقع التواصل الاجتماعي.
وذكر أن التحالف نجح أيضا في الحد من قوة التنظيم الإرهابي عبر الضربات العسكرية التي وجهها له، والتي تكبد خلالها التنظيم خسارة الكثير من مقاتليه، إضافة الى العديد من المناطق التي كان يسيطر عليها.