نجحت فى دولة الامارات العربية المتحدة زراعة انواع جديدة من الاعلاف المقاومة للملوحة والتى من شأنها ان تساهم فى زيادة الانتاج من الاعلاف والتوسع فى زراعة الاراضى شديدة الملوحة وغير الصالحة للزراعة. وقال الدكتور غالب الحضرمى الاستاذ بكلية العلوم الزراعية بجامعة الامارات فى دراسة لمجلة (المرشد) الصادرة عن ادارة الارشاد الزراعى ببلدية ابوظبى ان ما يشهده قطاع الزراعة فى دولة الامارات من قفزات نوعية ومتميزة سواء بزيادة الرقعة الزراعية أو زيادة كمية الانتاج انما هى ترجمة لاهتمامات وتوجيهات صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان رئيس الدولة بالقطاع الزراعى وتنميته بشكل يدعم الاقتصاد الوطنى ويحقق سياسة الامن الغذائي للدولة. ومع الزيادة المضطردة للسكان فى دولة الامارات تزداد الحاجة الى زيادة الموارد الغذائية الاساسية للانسان فيها ومن بينها منتجات الثروة الحيوانية من لحوم والبان وأجبان وحليب وخلاف ذلك. ففى عام 1985 بلغ عدد سكان الامارات حوالى مليون و350 الف نسمة ووصل فى العام 1995 إلى 2 مليون و410 آلاف ومن المتوقع ان يصل فى العام 2005 الى 3 ملايين و470 الفا بينما بلغت زيادة أعداد الحيوانات بين العام 75 الى 98 من 388 الفا و980 الى مليون و843 الفا و522 من مختلف أنواع الثروة الحيوانية أى ان الفارق فى زيادة عدد السكان أكبر من الفارق فى زيادة أعداد الثروة الحيوانية مما دفع الكثير من الشركات التجارية الى استيراد اللحوم ومشتقاتها من الخارج ولسد هذه الثغرة اهتمت الجهات المعنية بالسعى لتوفير الكميات المطلوبة من الاعلاف الخشنة لسد العجز الناجم عن تنامى أعداد الثروة الحيوانية بالامارات. وتعتبر الاعلاف بالنسبة للمجترات أحد المكونات الاساسية فى غذائها وبدونها فإن الحيوان يتعرض لمشاكل صحية وبالتالى عدم المقدرة على الوصول الى أعلى انتاجية والمشكلة هو العجز فى توفير الكميات المطلوبة من الاعلاف وعدم المقدرة على الاستمرارية فى انتاج هذه الاعلاف , حيث ان النشاط الزراعى من اكثر النشاطات الانسانية استخداما للمياه حيث يستهلك نسبة تزيد على 70 بالمئة من مجمل استهلاك المياه فى العالم. ومن المعلوم ان زراعة الاعلاف تستهلك كميات اكثر من المياه مقارنة بالمحاصيل الزراعية الاخرى فعلى سبيل المثال يستهلك محصول البرسيم حوالى 70 الف متر مكعب من المياه لكل هكتار سنويا كما يستهلك محصول الرودس حوالى 48 الف متر مكعب لكل هكتار سنويا, فتتم زراعة حشيشة الرودس بالدولة عن طريق الزراعة المروية وتتطلب حشيشة الرودس كميات كبيرة من المياه التى لا تزيد نسبة الملوحة فيها على 7 الاف جزء بالمليون للحصول على كميات اقتصادية. وبما ان دولة الامارات تستمد مياه الرى من مصادر المياه الجوفية غير القابلة للتجديد وعليه فأن ادخال زراعة محصول حشيشة الرودس ضمن الخطة الزراعية قد يؤدي على المدى البعيد الى عدم المقدرة على الاستمرار فى زراعته نتجية لاحتياجاته المائية العالية كما ان التوسع فى زراعة محصول الرودس قد يؤدي الى انخفاض حاد فى منسوب المياه أو زيادة نسبة الملوحة فى مياه الابار نتيجة لتسرب مياه البحر. وتوجد كثير من النباتات المقاومة للملوحة كنباتات رعوية تستهلكها الحيوانات كأعلاف يمكن الاستفادة منها فى استغلال المياه المالحة المتوفرة وتقليل استخدام المياه العذبة وتوجيهها لاستخدامات أخرى, ويمكن من خلال البحث العلمى تطوير هذه النباتات للاستفادة منها فى الزراعة المروية بالدولة. أن الاستفادة من الاراضى شديدة الملوحة وغير الصالحة للزراعة باستخدام النباتات المقاومة للملوحة عن طريق استغلال المياه ذات الملوحة العالية سوف يسهم فى توسيع الرقعة الزراعية فى الدولة اضافة الى انتاج محاصيل زراعية ذات قيمة غذائية جيدة وخاصة المحاصيل العلفية التى يمكنها ان تسهم فى دعم الاقتصاد الوطنى وتنمية الثروة الحيوانية والحفاظ على المخزون الجوفى المائي من المياه العذبة. وقال الدكتور غالب الحضرمى ان النجاح الذى حققته كلية العلوم الزراعية بجامعة الامارات فى مزرعة نهشلة فى منطقة سويحان يعتبر تجربة فريدة ورائدة حيث نجحت باختبار أفضل أنواع الحشائش العلفية المقاومة للملوحة وأكثرها تلاؤما مع طبيعة المنطقة ومناخها , حيث انه يمكن ري هذا النوع من الحشائش بمياه عالية الملوحة مثل تلك التى تتوفر فى المزرعة (20 الف جزء بالمليون) مما يضمن استمرار انتاج هذا المحصول العلفى بكميات وفيرة. واضاف ان من اهم هذه النباتات التى نجحت زراعتها فى المنطقة هى نبات حشيشة السبوروبولس التى تعتبر من النباتات المستوطنة فى المناطق الساحلية وخاصة تلك المتأثرة بالاملاح فى دول افريقيا الاستوائية وغرب الهند وسريلانكا واستراليا وبعض مناطق الولايات المتحدة الامريكية وهو نبات عشبى يتراوح طوله بين 15 الى40 سم ويتكاثر بواسطة الجذور الافقية ويحتوى على نسب عالية من البروتين والمعادن الاساسية كما يتميز بقبول الماشية له لسهولة مضغه . واشار الى ان من أهم خصائصه أيضا مقاومته للملوحة العالية حيث ينمو فى بعض المناطق على مياه البحر ويستخدم نبات السبوروبولس كأعشاب رعوية للماشية وخاصة الابقار المخصصة للحوم كما يستخدم فى تثبيت الكثبان الرملية فى العديد من المناطق الساحلية مؤكدا ان زراعة هذا النبات ممكنة فى الظروف السائدة بدولة الامارات. وذكر الدكتور غالب الحضرمى انه تم زراعة هكتار من علف حشيشة السبوروبولس بمزرعة نهشلة بمنطقة سويحان وذلك ضمن برنامج زايد العالمى للبحوث الزراعية والبيئية وقد تم الحصول على5ر17 طناً من مادة جافة (هكتار) سنة ويجب هنا التنويه الى انه يستحيل زراعة الاعلاف التقليدية مثل حشيشة الرودس فى هذه المنطقة نظرا لشدة ملوحة التربة والمياه حيث تصل ملوحة المياه فى تلك المنطقة حوالى 22 الف جزء بالمليون أى ما يعادل نصف ملوحة مياه البحروللحصول على النتائج المشجعة والجيدة فقد تم حديثا انشاء مزرعة انتاجية للابل بنفس المنطقة. وتجدر الاشارة الى ان مزرعة الابل هذه تعتبر الوحيدة فى الدولة بل وفى منطقة الخليج حيث يتم توفير الاعلاف للابل عن طريق زراعتها بمياه عالية الملوحة. وقد تم بالفعل الاستغناء عن استخدام حشيشة الرودس فى تغذية الابل ويجرى العمل حاليا على زيادة اعدد الابل تدريجيا بحيث تصبح مزرعة نهشلة مزرعة نموذجية للاراضى الشديدة الملوحة للاستفادة من الاراضى المتأثرة بالملوحة وذلك بزراعة نباتات تتغذى عليها الابل بكفاءة تمهيدا لتحويل هذه الاراضى مستقبلا الى وحدات انتاجية حيوانية تسهم فى سد الفجوة الغذائية بتوفير البروتين الحيوانى. وعند مقارنة حشيشة السبوروبولس بحشيشة الرودس من حيث القيمة الغذائية نجد تقاربهما فى القيمة الغذائية حيث تحتوى حشيشة السبوروبولس على نفس نسبة الالياف والدهن الخام مقارنة بحشيشة الرودس كما تحتوى على نسبة متقاربة من الرماد أيضا إلا ان نسبة البروتين تقل فى حشيشة السبوروبولس مقارنة بحشيشة الرودس. ولتقدير استساغة الابل لهذا النوع من النباتات تم اجراء تجربة تغذية لمقارنة حشيشة السبوروبولس مع حشيشة الرودس وقد دلت النتائج على ان الابل تستسيغ هذا النوع من النباتات ولكن بنسبة اقل عن حشيشة الرودس, وقد استهلكت مجموعة الابل التى تم تغذيتها على الرودس حوالى 5ر5 كيلوجرامات باليوم بينما استهلكت مجموعة الابل التى تم تغذيتها على حشيشة السبوروبولس حوالى0ر4 كيلوجرامات باليوم. والمهم هو ان الابل التى تم تغذيتها على حشيشة السبوروبولس حافظت على أوزانها مقارنة بمجموعة الابل التى تم تغذيتها على الرودس كما تم استخدام هذا النوع من الاعلاف فى تغذية الاغنام المحلية والاغنام المهجنة وقد دلت التجارب على امكانية استخدام هذا النوع من الاعلاف فى تغذية الاغنام. وتوجد كثير من النباتات الرعوية المحلية ذات القيمة الغذائية الجيدة والاستساغة العالية والتى يمكن دراستها وتحسينها لادخالها ضمن زراعة الاعلاف المروية وتتميز هذه النباتات الرعوية بتأقلمها ومقدرتها على الانتاج تحت الظروف المناخية للدولة كما تتميز هذه النباتات بمقاومتها للامراض واحتياجاتها المائية المنخفضة (كفاءه عالية فى استهلاك المياه) بالاضافة الى احتياجاتها المنخفضة من الاسمدة الكيميائية. ويوجد هناك مشروع تعاون بحثى قائم على مستوى الجزيرة العربية يعمل على التوصل الى ايجاد أنواع من النباتات المحلية ذات القيمة الغذائية الجيدة لاستخدامها فى اعادة استصلاح المراعى المتدهورة نتيجه الرعى الجائر كذلك تطويرها واستخدامها كأعلاف فى الزراعة المروية فى الجزيرة العربية بشكل عام وفى الدولة بشكل خاص. ومن خلال هذا التعاون تم التوصل الى ثلاثة من الحشائش المحلية ذات القيمة الغذائية الجيدة وقد أثبتت هذه النباتات المحلية مقدرتها على الانتاج تحت ظروف الزراعة المروية, والنباتات الثلاث التى تم اختيارها هى (مخاضير أوسبط ودخنه وضعى). ومن أهم النتائج التى تم التوصل اليها ضمن هذه الدراسة عند مقارنة هذه النباتات الرعوية المحلية بحشيشة الرودس من حيث القيمة الغذائية نجد تقاربهما فى القيمة الغذائية حيث تحتوى حشيشة الدخنة والضعى المحلية على نسب مقاربة فى البروتين والالياف والرماد بحشيشة الرودس, اما بالنسبة لحشيشة المخاضير فأنها تحتوى على نفس النسب من البروتين والالياف والرماد التى تحتويها حشيشة الرودس. وتم مقارنة هذه النباتات مع حشيشة الرودس لمعرفة قيمتها الغذائية وذلك بأجراء تجربة هضم فى المختبر, وقد دلت النتائج على ان حشيشة الدخنة والضعى المحلية تقارب حشيشة الرودس فى النسبة الهضمية بينما حشيشة المخاضير فأنها تساوى حشيشة الرودس فى النسبة الهضمية وعلية يمكن القول بأن هذه النباتات المحلية تقارب أو تساوى حشيشة الرودس فى قيمتها الغذائية. أما بالنسبة لتطوير أصناف جديدة من حشيشة الرودس المتحملة للملوحة أو ذات احتياجات مائية منخفضة فأن ذلك لن يتم الا من خلال دعم وتطوير البحث العلمى فى مجال الاعلاف والتعاون مع الجهات البحثية بالدولة. وتقوم كلية العلوم الزراعية بجامعة الامارات مند ثلاث سنوات بأجراء مثل هذا النوع من التجارب والكلية وهى على اتم الاستعداد للتعاون مع الجهات المعنية فى الدولة لتعميم هذه النتائج وتقديم خبراتها فى هذا المجال بناء على توجيهات معالى الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالى والبحث العلمى بضرورة التواصل مع مؤسسات المجتمع المعنية بالانشطة البحثية والخبرات المتاحة لدى الجامعة. وام