تحذير من استخدام الموسيقى في قراءة القرآن

تحذير من استخدام الموسيقى في قراءة القرآن

ت + ت - الحجم الطبيعي

أحدث استخدام الآلات الموسيقية أثناء تلاوة القرآن الكريم وأثناء رفع الأذان في بعض المناطق العربية ردود فعل متباينة، ففيما اعتبر البعض الموسيقى لغة عالمية واحدة تفهمها الشعوب على اختلاف لغاتهم.

كما يتغير مذاقها من شعب لآخر، تساءل البعض: هل تصل هذه الأهمية إلى حد المساس بالنصوص المقدسة الثابتة وبالمصدر التشريعي الأول القرآن الكريم، وأيضًا بالأذان والذي اختار الرسول صلى الله عليه وسلم بلالا رضي الله عنه لرفعه حيث قال لأصحابه إنه أحسنكم صوتًا؟.. هذا التساؤل تم طرحه على العلماء والفقهاء.

الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية تنكر تماما لاستخدام الآلات الموسيقية أثناء تلاوة القرآن الكريم وأثناء رفع الأذان، وقال: إن القرآن الكريم له قدسيته وغني بنفسه ولا يحتاج إلى هذه الأمور المستحدثة.

لافتًا إلى أن الموسيقى بمختلف آلاتها قد ثار حولها جدل وخلاف بين علماء الأمة الإسلامية، وذلك منذ العصور الأولى تدور أغلبها بين الإباحة والتحريم، متسائلاً: كيف نضيف على القرآن أشياء حولها خلاف شرعي؟ فهل وصل بنا الأمر إلى الاستهانة بالعبادات لهذه الدرجة؟.

ويضيف واصل إن هناك فرقًا بين التلحين والتجويد، وكذلك الآذان له قدسيته، ولا يتطلب من صاحبه إلا الصوت الحسن الطيب. وفي رأى الدكتور أبو سريع عبد الهادي أستاذ الفقه المقارن فإنه لا يجوز أن ندخل في أمور لم يتكلم فيها أحد من قبل لأن موضوعها محسوم مسبقا، فموضوع تلحين القرآن الأصل فيه أن يقرأ بدون لحن، لكن يجوز استخدام الألحان شرط ألا تخرج القرآن عن معانيه ولا تغير في حروفه..

أما فيما يتعلق بالأذان فيحذر عبد الهادي من مصاحبة آلة البيانو أو أي آلة موسيقى في الأذان لأن هذا يدخل ما ليس منه ويقول: لا نقول بحرمة هذا بل نقول إنه مكروه، لأن الأذان مندوب ليس بواجب فالمعتاد له يكون مكروها بخلاف استخدام الآلات الموسيقية في القرآن فإنه بدعة في الدين، ولذلك أقول إنه لا يجوز استخدام هذه الآلات لا في قراءة القرآن لأنها محرمة ولا في الأذان لأنها مكروهة.

ويقول الدكتور المحمدي عبد الرحمن - أستاذ التفسير وعلوم القرآن إن ما يثار الآن من تلحين القرآن الكريم والآذان عودة إلى عصور الجاهلية والظلام، موضحا أن الذين يريدون استخدام بعض الآلات الموسيقية مع القرآن والأذان إنما يريدون صرف المسلمين عن كتاب ربهم وأمور دينهم وذلك لأن فيهما توحيدًا للأمة على كلمة واحدة.

وقد أنزل الله تعالى القرآن الكريم لنقرأه ونتدبره حيث جاء في قوله تعالى{وقرآنًا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا} ومن هنا فيجب أن تكون هذه القراءة على الوجه الذي أراده الله من حيث الترتيل والصوت الحسن، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «زينوا القرآن بأصواتكم»، وكان الهدف من ذك هو فهم القرآن وتدبره وهذا غرض أساسي من نزول القرآن، قال تعالى {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليتدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب}.

ويضيف الدكتور المحمدي: إذا لحن القرآن بالألحان الموسيقية المعروفة لانشغلنا بهذه الألحان عن التدبر وقضينا على خشوع القرآن ووقاره ونكون جعلنا القرآن كأي نص بشري لا قيمة له، موضحا أن مثل هذه الأفعال مدعاة للهو والتسلية عن فهم القرآن وتدبره حين قال تعالى{وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}.

وتساءل المحمدي: ما الفرق بين سماع القرآن المقدس وبين كلمات شاعر مصحوبة بالآلات الموسيقية؟ وقال إن القرآن له هدف أسمى وهو أن يكون دستورا للناس ينير حياتهم وآخرتهم.

ويشير إلى أن الأذان دعوة إلى الصلاة والفلاح يصحبهما الخشوع والخضوع.. ولذا إذا كان مصحوبًا بالتلحين والأدوات الموسيقية أصبح كأي أغنية يسمعها الناس - لا معنى لها ولا هدف ؟ فالذين يريدون تلحين الآذان يقصدون بذلك تفريغه من مضمونه، وأن تهزأ الناس من عظمة الآذان حتى يأتي وقت لا يهتم المسلمون به، وفي ذلك صرف للمسلمين عن أمور الخير فالآذان اعتراف بأن الله أكبر من كل شيء، اعتراف بوحدانية الله ورسالة الرسول ونداء للمسلمين بالصلاة.

ويقول الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق ـ عضو مجمع البحوث الإسلامية: إن تلحين القرآن يؤدي إلى إضعاف مكانته فلابد أن يظل القرآن كما هو، لافتًا إلى وجود علم التجويد وهذا العلم له أحكام بكيفية تجويد وترتيل القرآن.

ولذلك تلحينه على آلة موسيقى وعزفه يضيع قدسيته لأن في قراءة القرآن خشوعا وخضوعا، فالله سبحانه يقول{لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتذكرون}، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم «من أراد أن يكلمه الله فليقرأ القرآن».

ويضيف أن بيان الحكم في استصحاب آلة الموسيقى أثناء تلاوة أو قراءة القرآن غير مشروع وغير جائز، لأنه كما قلنا من قبل هناك علم خاص بالقرآن وهو علم التجويد وهذا العلم يحدد الحركة والغنة والمد والسكون والوقف، وبذلك أقول: لا يقرأ القرآن على أنغام الموسيقى أو على سلم الموسيقى.

ويشير عاشور إلى أن الذي قام بتلحين القرآن أو قراءته بمصاحبة آلة موسيقية فهو لا يعرف لأنه لو كان يعرف مكانة وقدسية القرآن وهيبته لما فعل هذا. وبرؤية واضحة يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس - أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: إن القرآن الكريم نزل «جرس» معين وهي تلاوته وفقًا لأحكام التلاوة المعروفة، وهذا الجرس هو الذي نزل به جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند تلاوته لكلام الله سبحانه وتعالى.

ولهذا يقول الحق سبحانه وتعالى{لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأته فاتبع قرآنه}، والقرآن الذي كان يقرأه جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن مصحوبًا بمعازف ولا بآلات الهوى ولا الموسيقى، يضاف إلى هذا أن جميع أنواع المعازف محرمة بنصوص شرعية، فإذا كان مجرد العزف أو سماعه محرما، فكيف يكون الحكم إذا كان هذا العزف خلفية لتلاوة القرآن.

إلى هنا تقول الدكتورة آمنة نصير - أستاذ العقيدة والفلسفة أنها ليست ضد الموسيقى في موضعها، ولكنها ضد استخدامها في الآذان لأن الآذان به اللحن الكافي الشافي لأدائه، ولا يحتاج إلى مصاحبة موسيقى ولا غيرها، موضحة أن من قام بهذا العمل الغريب ليس لنا قدوة فيه فيجب أن نحترم ما ورثناه من أداء الآذان من الصحابة والتابعين، ولذلك فأنا ضد إقامة الآذان بمصاحبة آلة موسيقية.

القاهرة ـ دار الإعلام العربية

Email