الإيمان والاستقامة

الإيمان والاستقامة

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ، ثُمَّ اسْتَقَامُوا، فَلا خَوفٌ عَلَيهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)، وروى مسلم عن الصحابي الجليل سُفيان بن عبدالله الثَّقفي، قال: قلتُ: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدَك، قال: (قُل آمنتُ بالله، ثم استقم).

الإيمان هو التصديقٌ والإذعانٌ، دون شك أو ريبة وأن تؤمن بالله عز وجل وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، والإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان، والإيمان قول وعمل وتصديق، يزيد بفعل الطاعات، وينقص بارتكاب المعاصي.

(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)

والمؤمنون هم الصادقون الموحدون المعتقدون في قدرة الله سبحانه وتعالى ووحدانيته، بأنه هو وحده، النافع الضار، الرافع الخافض، المعز المذل، القابض الباسط، القاهر فوق عباده، الذي لا تعنو الوجوه إلا له، ولا تتجه القلوب إلا إليه ولا ترفع الأكف إلا إليه.

فالإيمان المطلق بالله عز وجل هو التصديق بالقلب، والإقرار باللسان، والعمل بالأركان، والتأثر الصادق بقدرة الله وجلاله، والثقة بعدله وتدبيره، وبعلمه المحيط كما أنه هو الذي يصون المرء عن الذلة والاستكانة، لغير خالقه، ويعصمه من الانزلاق في الزلل.

الإيمان بإيجاز شديد، هو ما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سأله الصحابي الجليل قولا لا يسأل أحداً من بعده فكان الجواب قولاً موجزاً، جَامعاً واضحاً، كيف لا والمجيب هو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أوتيَ جوامعَ الكَلم، ومن لا ينطق عن الهوى، بهذا الدستور العظيم، في كلمتين اثنتين، تُحيطانِ بالدين من أساسه إلى قمته فقال صلى الله عليه وسلم: (قُل آمنتُ بالله، ثم استقم).

أما (الاستقامة): فهي الإقرار بالحق، والاستمرار في العمل على مقتضاه، بالتزام الطريق المستقيم، الذي رسمه الله في كتبه، وبينه على ألسنة رسله عليهم السلام أجمعين، وبها يكمل في الإنسان، جانبه العملي بفعل الخير والصلاح.

و(الاستقامة) من حيث أصلها، مأخوذة من (القيام)، وهو (الاعتدال)، وعدم الاعوجاج.

يُقالُ قام الأمر، أي اعتدل، فهي إذاً: سلوك الطريق القويم، الذي لا عِوَجَ فيه ولا انحراف، وهو ما ليس بإفراط ولا تفريط، أي السير على الطريق المستقيم، وهو الدين القيم الذي ابتعث الله به سيدنا محمداً من عقائد وعبادات وأخلاق وشرائع، فهي كلمة جامعة شاملة لكل ما يتعلق بالعلم والعمل، والأقوال والأفعال والأحوال والنيات.

كما أن الاستقامة هي التزام المنهج، الذي لا عوج فيه ولا التواء، وقد عبر عنه في القرآن الكريم (بالصراط المستقيم) وهو لفظ شامل جامع لكل ما هو حق وفضيلة.

(قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ( ) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).

أشرف محمد شبل

Email