جوانب من عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم

تتفرد شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرسل بميزات كثيرة وإن شاركوه في بعضها فلم يشاركوه في الكل، فشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم تمثلت بها كل جوانب الحياة.

فالرسول صلى الله عليه وسلم كان أباً وما كل رسول كان أباً. وكان زوجاً، وما كان كل رسول تزوج، وكان رئيس دولة ومؤسسها، وما كل رسول أقام دولة، وكان القائد الأعلى لجيش الإسلام، والمحارب الفذ، وبعث للإنسانية عامة، فشرع لها بأمر الله ما يلزمها في كل جوانب حياتها العقيدية والعبادات والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والسياسية ولم يبعث رسول قط إلى الإنسانية عامة غيره.

فهو صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل ورسالته هي الرسالة الخاتمة التي أنزلها الله إلى الناس كافة.

وإنما كان ذلك لأن الله جلت حكمته جعل الإسلام المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم نظاماً شاملاً لجوانب حياة البشر كلها، وجعل حياة رسوله صلى الله عليه وسلم نموذجاً لدينه كله في كل جوانبه حتى تقوم الحجة على الناس مرتين مرة بالبيان النظري، ومرة بالبيان العملي.

فالحياة البشرية متعددة الجوانب وكل إنسان فيها يعيش حياة كاملة تختلف في بعض جوانبها أو تتفق مع الآخرين.

وقد فرض الله تعالى على البشر على اختلاف مستوياتهم وتعدد مواقف حياتهم ؟ أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم لهم القدوة في كل شيء فما لم تكن شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم متعددة الجوانب والمواقف هذا التعدد لا يكون قدوة لكل البشر في كل شيء.

وقد يعجب إنسان أن تكون حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخصب بحيث تستوعب كل جوانب حياة البشر فتكون لهم في هذا كله ولكنه الواقع الذي تشهد له كل الدراسات النظرية والعملية.

فمن الناحية النظرية فقد أقام الله رسوله صلى الله عليه وسلم مقام المخرج من وطنه ومقام من مات له ولد وأولاد ومن ماتت له زوجة وعم وأبناء عم بعضهم قتلى ومقام من فشل في المعركة ومن أوذي واستهزئ به ومقام من شمت فيه ومقام من مرض وجرح ومقام من جاع وعطش وخاف وغير ذلك من المقامات التي يعتبرها الناس مصائب بحيث لا تصيب الإنسان مصيبة إلا ويرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أصيب بمثلها وكان له موقف مثالي منها فيقف مثله إن كان مؤمناً.

ومن الناحية العملية فإن تاريخ الأمة الإسلامية ما خلا في عصر من عصوره من ملايين من أفراد هذه الأمة مختلفي المدارك مختلفي المستويات مختلفي الاختصاصات مختلفي المشارب.

والرسول صلى الله عليه وسلم في كل موقف من هذه المواقف، وفى كل حال من الأحوال وفى كل جانب من الجوانب كان المثل الأعلى للبشر والقدوة العليا والوحيدة لهم.

رجاء علي