لا نريدها «باب الشمس» ولا «قصر السراب»، كل ما نتمناه أن نحظى بخدمات معقولة أسوة ببعض المناطق القريبة منا.. بهذه الكلمات عبر أهالي فلج المعلا عن واقع الخدمات المتوفرة لديهم سواء كانت من البلدية أو من دائرة المياه بأم القيوين، حيث ألمح مواطنون في شكواهم لـ «البيان» إلى معاناة دائمة يواجهونها منذ أكثر من عشرة أعوام في عدم توفر المياه المؤدية لغرض الاستعمال اليومي المقبول في بيوتهم.

الفحص المخبري للمياه التي تأتيهم عبر الشبكة الرسمية من الدائرة، كشف عن ارتفاع كبير في نسبة الملوحة وصل إلى أكثر من 5 آلاف و550 درجة، وفي المقابل أظهر الفحص ذاته أن نسبة ملوحة المياه المعدنية التي تباع في الأسواق تتراوح بين 150 و200 درجة، وبالتالي فإن ملوحة المياه الواصلة إلى أكثر من 5 آلاف بيت في منطقة فلج المعلا وحدها تزيد أكثر من 36 ضعفاً على ملوحة المياه الأخرى. مشكلة الاستحمام بو حميد مواطن من فلج المعلا أكد أن المياه المتوفرة في بيوت البلدة كاملة لا يمكن استخدامها حتى لغرض الاستحمام، لكونها تحتوي على نسبة ملوحة مرتفعة جداً.

وهو ما يتسبب في الكثير من المتاعب والمضاعفات لا سيما لدى الصغار، فأثناء الحمام تدخل المياه إلى العيون وتسبب حرقة ومضاعفات سلبية، وحينما تجف يبقى أثر الملح على الرؤوس فيسبب الحكة وبعض الأمراض البكتيرية.وذلك الأمر لا يمكن تقبله لدى مختلف الأسر التي تضطر إلى حفر آبار في ساحات بيوتها أملاً في أن تجد مياهاً معقولة في ملوحتها، وفي الغالب يجد الكثيرون خيبة أمل في ذلك، إذ تخرج مياه أشد ملوحة مما هو متوفر.مشكلة أخرى تجدها في المياه الواصلة إلى بيوت فلج المعلا والمناطق المجاورة مثل بياتة والراشدية.

وهي كثرة الشوائب وتغير لونها باستمرار، وهو ما يزيد الطين بلة على حد تعبير بوحميد، وهذا الواقع الذي مضى عليه أكثر من عشرة أعوام أصبح مشكلة مزمنة تعايشها آلاف العائلات كل يوم.

ولا بد من إيجاد الحل المنطقي والسريع لتفادي هذه المشكلة ومنح السكان المواطنين والمقيمين أريحية نسبية في قضاء متطلبات البيوت من المياه، خاصة وأن ملوحتها تؤثر في كل شيء، وهي اليوم لا تصلح إلا للري وغسيل الأواني وحسب.

حفر الآبار

وأكد بو حميد أنه اضطر في السابق إلى حفر بئرين من أجل الاستغناء عن مياه البلدية، فخرجت من إحداهما مياه ملوحتها 10 آلاف درجة والآخر جف سريعاً، وهو ما كلفه الكثير من الوقت والجهد والمال.

وكل ذلك ذهب هدراً، وبالتالي لا مجال أمام دائرة المياه سوى أن تتدخل بأسرع وقت لإيجاد الحلول اللازمة للمشكلة وعلى وجه السرعة، فالأمر يتعلق بأساس وروح الحياة.. الماء، والحاجة أصبحت ملحة لإيجاد محطة تحلية تخدم المنطقة كاملة.

بو سيف مواطن آخر من فلج المعلا أكد أن ملوحة المياه الواصلة إلى البيوت في تلك المنطقة تعد مشكلة كبيرة بالنسبة للجميع، فالمعاناة مستمرة في ظل هذا الواقع وهو ما يشكل عبئاً على الساكنين هناك، الذين يزيدون في استهلاك المياه المعدنية التي تباع في الأسواق.

وأضاف أنه فكر أكثر من مرة في البحث عن مخرج من تلك المشكلة، وراح يبحث عن المياه على أعماق كبيرة تصل إلى أكثر من 250 قدما، فحفر ثلاثة آبار لأداء متطلبات بيته في سنوات محدودة ولم يجد إلا مياهاً مالحة لا تطاق، فيما القليل جداً من السكان يحفر ويجد مياها ملوحتها مقبولة، لافتاً إلى أنه تكبد أكثر من 50 ألف درهم وهو يبحث عن المياه في أعماق كبيرة وفي النهاية خرج من دون جدوى، واستسلم لأفضل الموجود وهو مياه الدائرة التي يشكو منها المواطنون جميعاً.

الفائدة للشركات

وأشار بو سيف إلى أن تلك المشكلة تستنزف الجهد والمال من المواطنين الذين لا يمكنهم التعايش مع المياه المتوفرة لديهم بسبب شدة ملوحتها، وفلج المعلا منطقة كبيرة تضم آلاف البيوت، والغالب يملك آبارا خاصة ويبحث عن المياه بفعل الحفر.

ويبقى المستفيد الأول والأخير شركات الحفر في المنطقة التي تحفر للبيت الواحد على الأقل ثلاثة آبار كل بضعة أعوام. وبحسب سكان فلج المعلا فإن تلك الآبار التي في الغالب لا يمكن أن تؤدي الغرض في توفير مياه معقولة، تستنزف الجيوب من خلال أعمال الصيانة في حالة الردم الطبيعي، أو تركيب أدوات السحب «الغطاس» والماكينة والأنابيب، وكل ذلك لم يجدِ إلى الآن في شيء، وحتى الآن لا يجد المواطنون حلاً لمشكلة المياه التي تواجههم.

أهالي منطقة فلج المعلا تساءلوا عن سبب الإهمال في منطقتهم على صعيد الخدمات الأساسية والبنى التحتية، مثل الماء والشوارع والإنارة والأندية وجمعيات التسوق، في حين تتمتع مدينة الذيد التي لا تبعد عنهم سوى بضعة كيلومترات بالعديد من الخدمات الحديثة والعصرية.

وعلى صعيد المياه ـ المشكلة المزمنة في فلج المعلا ـ تجد أن الذيد تستهلك المياه عن طريق محطة التحلية التابعة للفجيرة، ناهيك عن الأندية والأسواق والشوارع والخدمات البلدية اللائقة، وكل ذلك شبه مفقود في فلج المعلا، على حد تعبير المواطنين.

وتعد السلبية الأكبر في عملية البحث عن الماء هي تعدد الآبار في المناطق السكنية، وقد أصبحت الساحات تضيق بالحفر العميقة التي يصل عمقها إلى عشرات الأمتار.

وهو ما يشكل خطورة دائمة على الجميع، حيث ان الإهمال في ردم بعض الحفر أو تركها تنهار بفعل العوامل الطبيعية، أمر يبقي على الخطورة في كل بيت، وقد سبق أن وقعت في تلك الحفر حيوانات كثيرة، وللأسباب السابقة مجتمعة لا بد من الإسراع في إيجاد المياه المحلاة للقاطنين في تلك المنطقة والمناطق المجاورة وإعفائهم من عناء البحث عنها في أعماق الأرض، كما يقول أهالي فلج المعلا.

نادي فتيات مكتمل البناء وموصد الأبواب

اشتكى القاطنون في منطقة فلج المعلا من نقص الخدمات والبنى التحتية في المنطقة، لا سيما ما يخص الفتيات والنساء اللواتي يجدن أنفسهن في ضيق دائم نتيجة ملازمتهن للبيوت، فيما الواقع يؤكد وجود حديقة عامة صغيرة ووحيدة في البلدة، وهي لا تؤمن للنسوة متسعاً مطلوباً من الخصوصية والترفيه.

وأضاف السكان أنهم استبشروا خيراً قبل يضعة أعوام حينما وجدوا مبنى نادي فتيات فلج المعلا يقام في بلدتهم، الذي انتهت أعمال البناء فيه منذ عامين ولكنه للأسف إلى الآن لم يتم افتتاحه لأسباب لا يعلمونها.

مشيرين إلى أنهم يشعرون بالحسرة والضيق حينما يشاهدون المبنى متروكاً بلا أية إيجابية، فهو يبدو من الخارج مكتمل البناء بنسبة كبيرة، داعين الجهات المعنية إلى الإسراع في فتح أبوابه لتمكين نساء البلدة من إيجاد الخصوصية التي يطمحن إليها.

ورأى السكان أن العائلات في فلج المعلا تعاني من ضيق الأفق المتاح لهن، لا سيما في فترات الصيف والإجازات، فمثل تلك الأندية تمكّن آلاف النسوة من الالتحاق بفعاليات وبرامج ثقافية واجتماعية ورياضية، دون الحاجة للذهاب إلى مناطق بعيدة مثل الذيد أو المدن الرئيسية الأخرى، حيث يضطر الكثيرون هذه الأيام إلى أخذ عائلاتهم إلى النوادي الموجودة في مدينة الذيد، وهو ما يشكل عبئاً على الجميع.

خلافاً لذلك فإن منطقة فلج المعلا تفتقر كما يقول السكان فيها إلى الكثير من الخدمات الحيوية، منها الأندية وجمعيات التسوق والمدارس الخاصة، والجميع هناك يطمح إلى إيجاد مثل تلك المرافق على أرض الواقع وبأسرع وقت، حتى يجد السكان أنفسهم في غنى عن تحمل مشقة الذهاب إلى المدن البعيدة.

حفر عشوائي ودعوات أهالي

ناشد أهالي فلج المعلا الجهات المعنية في أم القيوين ضرورة التحرك السريع لحل مشكلة المياه في المنطقة، وإعفاء المواطنين من مشقة حفر الآبار العميقة التي تستنزف الجيوب .

وتشكل خطورة دائمة على الحيوانات والبشر على حد سواء، فكل بيت أو مزرعة يحتضن بئرا أو اثنتين على الأقل، والكثيرون لا يزالون يبحثون عن المياه في جوف الأرض، مؤكدين أن الحفر العشوائي للآبار ترافقه دعوات مستمرة من الأهالي بأن تخرج إليهم مياهاً مقبولة، وفي الغالب تتواصل معاناة البحث عن المياه بلا نتيجة.

لا تحامل

أكد سكان منطقة فلج المعلا أن شكواهم لا تعد تحاملاً على أحد، وإنما هي مطالب أساسية ملحة وهم بأمس الحاجة إليها، فهم يجدون ضيقاً حينما ينظرون إلى مناطق قريبة ينعم سكانها بالمياه والخدمات المطلوبة.

فيما لا يجدون ذلك في منطقتهم، على الرغم من أن المسافة بين المنطقتين لا تتجاوز بضعة كيلومترات، مطالبين بضرورة توفير أقل ما يمكن من الخدمات الأساسية للسكان من أجل راحتهم وتحقيق ملامح الحياة الهانئة لهم.

ومن جانب آخر أشاروا إلى أن البلدية ترهقهم نتيجة فرض الرسوم على الخدمات البسيطة المقدمة، فعند منحهم قطعة أرض للبناء يتم احتساب 50 درهما شهرياً في حال لم يبدأ مالكها بالبناء عليها فوراً، والبعض لا يملك المال اللازم للبناء فيضطر إلى أن يدفع رسوماً لسنوات.

وفي حال أراد البعض إجراء أية تعديلات أو تصليحات مهما كان حجمها داخل البيت تجد أن البلدية تلزمه بدفع رسوم على ذلك، وكذلك الأمر عند تركيب الانترلوك أو تسوية الساحة أمام البيت أو حتى وضع مظلة لموقف السيارة، وهو أمر أصبح يرهق السكان، حيث لم تعد هناك أي خدمات مجانية من البلدية سوى نقل النفايات.

عنان كتانة