«زي النهاردة» عيون الأجانب على السينما المصرية

كثافة الحضور من جاليات أجنبية مختلفة مساء أول من أمس في قاعة المؤتمرات بقرية المعرفة بدبي، جعلت عرض الفيلم المصري «زي النهاردة» في نادي المشهد السينمائي حالة مثيرة للاندهاش، خصوصا عندما طرحت المخرجة الإماراتية نايلة الخاجة المشرفة علي النادي سؤالا للجمهور عن مدى معرفتهم ومتابعتهم للأفلام المصرية.

وجاءت إجابة غالبية المشاهدين الذين تنوعوا بين هنود وباكستانيين وأستراليين وانجليز وفلبينيين بأنها المرة الأولى التي يشاهدون فيها فيلما مصريا ليزداد الموقف سخونة واستغرابا لدى مخرج العمل عمرو سلامة ومنتجه محمد حفظي، وإن لم يخفيا سعادتهما بأن يكون فيلمهما بوابة الدخول للتعرف إلى السينما المصرية.

ومن أسباب الدهشة أيضا تلاشي الحضور العربي والمصري وسط حشد تعدى ال300 شخص مهما كانت المبررات التي صاغها البعض، ومنها أن هذا الفيلم إنتاج قديم لعام 2008 وعرض في وقت قريب على شاشة فضائية (روتانا سينما).

بالإضافة لظروف الطقس وما صاحبها من عواصف هوائية محملة بالرمال جعلت الكثيرين يعتكفون في بيوتهم، أو لأن رواد نادي المشهد والذي يتابعون ليالي عروضه المنتظمة شهريا معظمهم من الأجانب العاملين في مدينة دبي للإعلام، وهذا ما دفع «الخاجة» للتصريح لـ «البيان» بأنها تفكر جديا في عمل فروع أخرى للنادي في أبوظبي والشارقة لكسب مزيد من نوعية أخرى من الجمهور.

حالة خاصة

وفي جو يتسم بالتنظيم والهدوء بدأ عرض فيلم «زي النهاردة» وسط ترقب من الجمهور وصناعه لمعرفة ردود الأفعال تجاه عمل هو الأول لمخرجه كتابة وإخراجا ومونتاجا، والثالث في قائمة إنتاج شركة «فيلم كلينك» بعد فيلمي «ورقة شفرة» و«العالمي» وبطولة وجوه شابة معروفة ولكنها لا ترهق ميزانية أي فيلم، صنع معهم المخرج حالة خاصة قد تحبها أو العكس وقد تعجبك أو العكس، ولكنها بالتأكيد ستدهشك وتجعلك تتوقف عندها وتعيد التفكير فيها أكثر من مرة.

أفلام السيكودراما

«زي النهاردة» ينتمي إلى أفلام السيكودراما التي أصبح وجودها نادرا في السينما المصرية، فهو يحكي عن حالة تمر علينا جميعا في لحظة أو لحظات يطلق عليها المتخصصون ظاهرة (شوهد من قبل)، فأحيانا تقابل إنسانا وتدير معه حوارا وفجأة تشعر بأن هذا الموقف قد عشته من قبل دون أن تعرف أين أو متى، وهذه هي حكاية الفيلم الذي يستند إلي قصة أشارت تيترات البداية إلى أنها حقيقية.

وتسير ضمن خطين أولهما فكرة تكرار التاريخ لنفسه في حياة بطلة الفيلم «مي» والتي تجسدها الممثلة «بسمة» بتلقائية وانفعال مدروسين في علاقة حب تبدأ في تاريخ معين، حيث يعترف طرفا العلاقة بحبهما وإعلان خطبتهما، وتتكرر هذه التواريخ في علاقة جديدة بعد موت الخطيب والحبيب الأول، وهي فكرة تطرقت لها السينما الأميركية أكثر من مرة.

وخصوصا في الفيلم الأميركي (الهاجس) لساندرا بلوك، إلا أن البطلة تسعى لتغيير المسار من خلال التضحية بنفسها لحماية حبيبها الجديد ياسر (يؤديه أحمد الفيشاوي بتصنع وافتعال وتجمد في المشاعر وكأنه يتوقع ما سيحدث له) من المصير نفسه الذي آل إليه خطيبها الأول فتحميه حبيبته من رصاصة يطلقها عليه شقيقها المدمن آسر ياسين.

والخط الثاني في الفيلم يتعلق بإدمان الشقيق محمد (آسر ياسين الذي يقدم صورة تقليدية لمدمن المخدرات في الغرب ومختلفة عن المدمن المصري المألوفة)، وحبيبته أروى جودة، وتأثير الإدمان عليهما وعلى أسرته وصولا لقيامه بقتلها، وفيما بعد قتل تاجر مخدرات، وأخيرا قتل شقيقته، وهذا الخط أيضا تطرقت له السينما المصرية من قبل في أعمال كثيرة.

خصوصية الرؤية

إلا أن الفيلم استطاع أن يشكل خصوصية لرؤية المخرج والمؤلف عمرو سلامة الذي استطاع أن يقدم أحداثا مختلفة عما شابهه من خطوط درامية إلى جانب أنه أطلق الإمكانات التمثيلية لدى بعض أبطال العمل، وإن كان الخط الثاني للمدمن أخذ كثيرا من مساحة الموضوع الأصلي للفيلم، والذي يرتكز في بنيته الأساسية على فكرة فلسفية تؤكد أن القدر المرسوم لا نملك تغييره حتى لو عرفناه مسبقا.

رأي الجمهور

رصدت «البيان» رد فعل فيلم (زي النهاردة) في عيون جمهوره فماذا قال؟، الباكستانية مريم شوبا التي تأثرت من بعض مشاهد الفيلم أجابت: ما رأيناه قضية إنسانية بالمعيار الأول، وشخصية في توجهها ثانيا، وكانت مشاعر البطلة رائعة، ومشاهد صراعها النفسي قاسية، وتعبيراتها مقنعة إلي أقصى درجة.

كلارك باري ـ مصور تلفزيوني: جذبني العمل وهذه أول مرة أشاهد فيها فيلما مصريا، وتعرفت إلى إبداع الصورة والألوان بشكل أثارني، خصوصا في الفصل بين الأحداث التي نجح المخرج ببراعة في توصيلها للمشاهد.راتشيل جوزيف ـ انكليزية مقيمة: سعدت بالفيلم وتعرفت إلى ثقافة مختلفة، واستغربت من مدى تشابه موضوعاته مع أعمال أجنبية أخرى.

بعد نهاية عرض «زي النهاردة»، دارت حلقة نقاش شارك فيها الجمهور، الذي لم يكتف بما رآه، بل طرح تساؤلات عن كل صغيرة وكبيرة، حول طريقة وأماكن التصوير، والممثلين الذين شاركوا في العمل، ونوعية الموضوع الذي يميل إلي التحليل النفسي، وعكست الإجابات فرحة المخرج والمنتج المصري، بمستوى ثقافة جمهور نادي المشهد، الذي وعدت مشرفته نايلة الخاجة، باستضافات أخرى من دول مختلفة، رغم الأعباء المالية التي تتكلفها من تذاكر سفر وإقامة وتجهيز أماكن عرض لائقة بالضيوف والمشاهدين.

أسامة عسل

الأكثر مشاركة