توفي 20 شخصاً خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، نتيجة التسمم باستنشاق مبيدات حشرية مغشوشة، أو بسبب الاستعمال العشوائي والمفرط لهذه المبيدات، من دون الاهتمام بتهوية المنازل بشكل مناسب، بعد رش هذه المواد.وحذرت الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة بشرطة دبي من استخدام المبيدات مجهولة المصدر، التي تباع خلف أعين الرقابة، كونها شديدة الخطورة، وغير مأمونة العواقب.

وقد تحتوي على تركيبات كيميائية ضارة بالصحة والبيئة، ويجعلها أشبه ما تكون ببعض الغازات التي تستخدم في الحروب الكيميائية.وطالبت بضرورة وجود وحدة لفحص السموم تعمل على مدار الساعة بالمستشفيات للقيام بعملية تحليل سريعة لعينات من الأشخاص المصابين بالتسمم ، وحظر بيع هذه المواد في محال البقالة لضمان عدم تسرب غازاتها إلى المواد الغذائية والإضرار بالأفراد.

 

مواد محظورة

وقال المقدم احمد مطر المهيري مدير الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة بالوكالة: إن هناك عددا من القضايا التي انتقل فيها خبراء السموم الى شقق وفلل لرفع آثار من المواد التي تم رشها للقضاء على الحشرات وتبين ان بعضها غير مسموح بتداوله، والبعض الآخر تم رشه عن غير وعي بأضرارها نتيجة جهل مستخدميها، وهناك مبيدات تباع في محال البقالة غير مطابقة للمواصفات، وتكون بتركيزات قوية ما يؤدي الى حالات تسمم ثم وفاة ليس لقاطني الوحدات السكنية التي يتم رشها فحسب.

وإنما لجيرانهم أيضاً، نتيجة تسرب هذه المبيدات عبر فتحات التهوية، وفتحات أجهزة التكييف للشقق المجاورة. وأشار المقدم المهيري إلى أن بعض حالات التسمم الناتجة عن المبيدات الحشرية لا تشخص طبيا التشخيص الصحيح، وبالتالي نجد المصاب بهذا النوع من التسمم يخرج من المستشفى بعد علاجه من بعض الأعراض، ويتوفى بعد ذلك، مشيراً الي ان هناك نحو 5 حالات وفاة هذا العام نتجت عن رش المبيدات الحشرية من بين اجمالي الحالات التي تم الانتقال اليها.

وقال المهيري: ان بعض هذه المبيدات تباع في الشوارع مع باعة جائلين، وتباع بأسعار رخيصة، ومنها ايضا مبيدات زراعية يحظر استخدامها في المنازل، مؤكدا ان هناك جهلا كبيرا بين بعض مستخدمي هذه المبيدات، وجهلا ايضا من بعض العمال الذين يقومون برشها.

واكد المهيري ان دور الادلة الجنائية عند ورود أي بلاغ بحالة تسمم من هذا النوع هو انتقال خبراء من قسم السموم، ومناوب من قسم مكافحة الحشرات ببلدية دبي لرفع عينات من تلك المواد وتحليلها، واصدار تقرير بما تحتويه والضرر الناتج عنها، مع احالة المصاب او المتوفى إلى الطب الشرعي.

واخذ عينات من الهواء الموجود داخل المكان في حالة عدم وجود آثار لمواد مرشوشة لأن المتضررين من هذه المواد هم الجيران أيضا وليسوا اصحاب الشقق او المنازل فقط.وأفاد المقدم المهيري بأن شرطة دبي رصدت أكثر من قضية فيها حالات وفاة أو إصابة بتسمم ناتجة عن هذه المبيدات وتمثل الضحايا في قاطني الشقق المجاورة للشقة المرشوشة، حيث تم التسرب عبر توصيلات أجهزة التكييف، وفتحات التهوية.

وأشار ايضا الى ان بلاغاً آخر ورد الى غرفة العمليات في قضية ثالثة يفيد بوجود جثة في احدى الشقق وبعد المعاينة تبين ان الشخص المتوفى احضر شركة لرش مادة لقتل الصراصير وبعد ذهاب المندوبين خلد إلى النوم، فتوفي مختنقاً، وبالانتقال الى الموقع تبين وفاة الشخص وحوله الصراصير تجري ولم تمت، حيث ادى جهل العمال بتلك المواد لعدم خبرة او معرفة المقادير المسموح بها الى وفاة الشخص.

 

مسميات متعددة

من جانبه اوضح المقدم الخبير خالد السميطي بالادارة العامة للادلة الجنائية وعلم الجريمة بقسم الكيمياء الجنائية ان المبيد الحشري والمعروف علميا باسم فوسفيد الالمونيوم يأخذ عدة اسماء تجارية وفقا لبلد المنشأ منها سيلفوس، ويونايتد فوسفورس، وفوستوكين، وغيرها وقد تسبب هذا المبيد في قتل عدد من الاشخاص لإطلاقه غاز الفوسفين الذي يتفاعل مع الرطوبة وينتج مادة سامة قاتلة.

واشار إلى انه لا يوجد ترياق لعلاج حالات التسمم الناتجة عن استنشاق هذا الغاز وخطورته تكمن في سرعة انتشاره دن وعي او احساس بمن حوله.وينتشر غاز الفوسفين في الاجواء ويؤدي الى كارثة بعد استنشاقه ، وهو غاز عديم الرائحة في الاساس الا ان الشركات المصنعة اضافت له روائح صناعية ذات رائحة كريهة للدلالة على انتشاره وادائه مفعولاً قوياً. وقال السميطي ان هذا الغاز يستخدم عادة في تبخير الحبوب ومكافحة الافات الزراعية، وفي المستودعات وصوامع الغلال لحمايتها من الافات الحشرية.

ولا يتم استخدامه الا باجراءات احترازية ووقائية صارمة وتحت اشراف مختصين مدربين. واكد ان انتشار هذا الغاز يبدأ بعد ساعتين الى اربع ساعات من رشه، ويتفاعل مع المعادن، والنحاس، والفضة ويسبب تآكلها، ولذا يجب ابعاده عن اي صناديق تحوي أغذية سواء للإنسان أو االحيوان، وبالطبع هذا غالبا لا يتم الاخذ به في محالّ البقالة التي يباع فيها مثل هذه الانواع من المبيدات.

واضاف: ان أعراض التسمم بهذا الغاز تتمثل في الإعياء والشعور بالنعاس الخفيف، كما يشعر المصاب بالغثيان وألم في المعدة ، والرغبة في التقيؤ وإسهال وعطش، ودوار وفتور، وحرقة في المعدة، مع زيادة اضطرابات القلب وضيق في النفس، كما يحدث للمصاب نوبة اختناق وغيبوبة يفقد على اثرها الوعي تماما اذا كانت الإصابة شديدة ما يؤدي الى الوفاة.

 

أعراض التسمم

وأشار المقدم السميطي إلى انه عندما يصاب شخص بهذه الأعراض ويرسل الى المستشفى يتم اسعافه من قبل الطبيب المناوب على انها حالة تسمم عادي ولكن لا يتم اخذ عينات من المعدة مثلا لتحليلها ومعرفة سبب الأعراض وبالتالي نفاجأ بعد خروج الشخص من المستشفى بوفاته لانه لم يأخذ الترياق المناسب ولابد هنا ان نؤكد ضرورة ان يكون التشخيص للمصاب بالأعراض المذكورة صحيحاً وأن تعمل تحاليل كاملة للمصاب.

وطالب السميطي في هذا الصدد بان تكون هناك وحدة لفحص السموم العضوية وغير العضوية على مدار الساعة داخل المستشفيات، ولابد أن يكون أفراد المجتمع على دراية تامة بسمية هذه المبيدات، ولابد من ارتداء أقنعة عند رشها، وترك فتحات لتهوية المكان، أما المبيدات الزراعية فمحظور استخدامها على الإطلاق داخل الشقق. كما أشار إلى ان كل مبيد له ترياق.

واذا عرف نوع المبيد عند العلاج يمكن انقاذ الشخص المصاب، مشيرا إلى ان هناك حالة لامرأة أوروبية استنشقت رائحة المبيد قادمة من شقة الجيران قامت بجلب العبوات الفارغة واتت إلى الإدارة نظرا لظهور علامات التسمم على ابنيها وتم اتخاذ الإجراء اللازم وإعطاؤهم الدواء المناسب وتم إنقاذهما .

وناشد السميطي الجهات المختصة منع تداول هذه المبيدات بصورة عشوائية ، ومنع استخدامها في الشقق السكنية بعد تزايد الضحايا من جراء استنشاق هذه المبيدات. واكد المقدم السميطي ان في حالة وفاة اي شخص من جراء هذه المبيدات سواء في الشقة المرشوشة او الشقق المجاورة توجه للقائم بالفعل تهمة القتل الخطا .

مشيرا الى ان احدى الحالات التي تم الانتقال اليها في ليلة رأس السنة الماضية عندما قام شخص برش الشقة ونام ووجد متوفيا، وحادثة لأحد المزارعين قام بوضع المبيد في زجاجة عسل وجاء طفله وقام بشربه وتم إسعافه في اللحظات الأخيرة، بعدما تمكننا من تحليل المادة وتوصلنا للدواء المناسب. كما سجلت حالة اخرى لسيدة من إحدى الامارات الشمالية ماتت واكتشف أنها استنشقت مادة لتسليك المجاري المائية.