حالات الطلاق بالدولة في2013

اظهرت احصائيات قامت صحيفة "البيان" بجمعها من محاكم الدولة، وقوع نحو 13 حالة طلاق يوميا في الدولة خلال الفترة من يناير الي نهاية شهر نوفمبر 2013. وتصدرت امارة عجمان القائمة بأكبر عدد من حالات الطلاق مسجلة 1174 حالة في حين سجلت امارة ام القيوين اقل الاعداد بـ71 حالة فقط.

وكشفت فوزية طارش، مدير ادارة مكاتب الاستشارات الاسرية في وزارة الشؤون الاجتماعية في دبي لـ"البيان" ان بعض مكاتب الاستشارات الاسرية الخاصة في الدولة تعتبر مؤسسات ربحية ويقوم البعض منها بتطويل مدة جلسات الاستشارات الاسرية والاصلاح بين الزوجين لجني المزيد من الارباح وبالتالي تساعد في زيادة حالات الطلاق في الدولة.

واوضحت طارش ان حالات الطلاق في الدولة تندرج تحت فئتين، الفئة الاولى هي الحالات بين الشباب المتزوجين حديثا في حين الفئة الثانية هي بين الازواج الذين دخلوا في متاهات الحياة وتراكمت المشاكل بينهم.

الفئة الأولى

وأضافت أن "مشكلة الفئة الاولى هي بين الشباب الذين يختلفون في تكوين الاسرة منذ البداية ولأسباب عديدة اهمها الحياة العصرية والتطور التكنولوجي، واختلاط الشباب مع جمهور خارجي واسع و شرائح متعددة ومختلفة، اضافة الى اصرارهم على العيش بمستوى معين بالإضافة الى غياب الرقابة الاسرية عليهم وهي اهم اسباب الطلاق في هذه الفئة.".

ونوهت طارش إلى ان العديد من الفتيات يقبلن على الزواج بدون الثقافة والوعي الكافيين لمتطلبات الزواج. وقالت: "بعد الزواج العديد من الفتيات يردن العيش بنفس الاسلوب الذي كانت تعيشه في منزل والدها. وعند وقوع اي مشكلة تلجأ الفتاة مرة اخرى لمنزل والدها بدلا من البقاء في منزلها ومحاولة حل مشاكلها.".

مشكلات الحداثة

واوضحت طارش ان الحوار بين الزوجين انعدم بسبب التطور التكنولوجي وقضاء معظم الازواج معظم اوقاتهم على اجهزة الهاتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي والزوجات اصبحن ايضا يقمن بنفس الشيء فانعدم الحوار بينهم مما يؤدي الى تفاقم المشاكل بينهم.

وطالبت فوزية طارش المتزوجين والذين يعانون من مشاكل بان يلجؤوا الى المؤسسات الحكومية مثل مؤسسة النساء والاطفال وهيئة تنمية المجتمع في دبي لأنها مكاتب حكومية وتقدم استشارات مجانية بدلا من اللجوء الى المكاتب الخاصة التي تكون ربحية ويسعى بعضها الى اطالة مدة الجلسات الاستشارية بغرض جني المزيد من الارباح.

المرشد العائلي

وتابعت طارش ان غياب دور المرشد العائلي في الفترة الحالية ادى الى زيادة حالات الطلاق حيث كان المرشد العائلي في السابق يساعد في حل المشاكل بين الازواج وتجنب وصولهم الى مرحلة الطلاق.

وختمت حديثها قائلة: "اشدد واكرر دائما بان دور الاهل ثم دور الاهل مهم في تأهيل البنات والشباب المقبلين على الزواج لتجنب حصول الطلاق بينهم.".

نسب ومعاملات

ومن جانبه قال الدكتور عبدالعزيز الحمادي، رئيس قسم الاصلاح الاسري في محاكم دبي لـ"البيان": انا كباحث في شؤون الاسرة منذ ثماني سنوات ومن واقع خبرتي في العمل في محاكم دبي اقسم الحالات الى نوعين: نسب الطلاق ومعاملات الطلاق. منوها إلى أن اعداد الطلاق في زيادة ليس فقط في امارة دبي ولكن على مستوى الدولة. وهذا الامر طبيعي بسبب الزيادة في عدد السكان والزيادة في عدد معاملات الزواج.

وأضاف الحمادي: طالبت في السابق ومازلت اطالب بوجود مركز دراسات موحد على مستوى الدولة وتوحيد استخراج الآليات والنسب وارقام الطلاق لكي تتوحد الجهود والدراسات ولوضع الحلول لمشكلة الطلاق.

6 أسباب للطلاق

ونوه الدكتور الحمادي إلى انه يوجد ستة اسباب رئيسية للطلاق في الدولة وهذه الاسباب هي سوء الاختيار، وضعف الثقافة الاسرية، والتدخلات الاهلية، وضعف الوازع الديني والخيانات الزوجية المتكررة وغياب مفهوم الزواج.

مضيفا: "سوء الاختيار سبب 80% من حالات الطلاق. على سبيل المثال، المرأة تعرف منذ البداية ان الرجل لا يصلي ويسكر وترضى به كزوج بسبب حالته المالية الجيدة ووظيفته. ولكن بعد الزواج، تكتشف انها لا ترغب بالماديات ولكنها تريد رجلا تعيش معه حياة مستقرة وهذه الامور لا تتوفر في الرجل الذي رضيت به كزوج. لذلك تبدأ المشاكل بينهما. وهنا يلعب سوء الاختيار دورا كبيرا ولو انها احسنت الاختيار منذ البداية لكان افضل لها. وايضا هنا دور الاهل كبير في المشكلة لانهم من البداية كان المفروض ان يلعبوا دورا مهما وان يسألوا عن الرجل بشكل مكثف وألا يرضوا بتزويج ابنتهم من رجل لا يصلي ويسكر.".

إهمال في الاختيار

واستنكر الحمادي اهمال الدراسة قبل الزواج وقال: "للأسف الناس قبل شراء سيارة او الاستثمار في سهم معين يقومون بكل الاشياء المطلوبة ويسألون جيدا عن السيارة او السهم او العقار. ولكن في حالة الزواج فانهم لا يسألون جيدا عن الشاب او الفتاة".

واوضح الدكتور الحمادي ان ضعف السبب الثاني وهو ضعف الثقافة الاسرية يلعب دورا كبيرا في زيادة حالات الطلاق. وبالإمكان مواجهة هذه المشكلة عن طريق اعداد برامج التوعية وتكون مجانية وتثقف الطرفين على حقوق كل طرف بالإضافة الى تثقيفهما في التنظيم المالي والتواصل الاسري وكل هذه الجوانب المهمة التي يجب تغذيتها بالشكل الصحيح قبل الزواج واثناء الزواج وبعد الزواج لكي يتم تجنب الوصول الى مرحلة الانفصال والطلاق لاحقا.

وتابع الدكتور الحمادي ان ثالث سبب للطلاق هو التدخلات الاهلية وفي الدين اوصى الله تعالى بان تكون تدخلات الاهل بين الزوجين في حال خشي الاهل ان يكون هناك شقاق بين الزوجين او طلاق. ولكن للأسف في بعض الحالات تدخلات الاهل تكون هي سبب الطلاق. مرت علينا حالات كثيرة حيث تشجع الام ابنتها بان تتطلق من زوجها وتقول لها بانها ستزوجها برجل افضل من زوجها. وحالات يتدخل فيها الاب او الاخوان ويحرضون الزوجة ان تتطلق من زوجها ويتسببون في كبر المشكلة وليس حلها.

مفاهيم وأهداف

واضاف الدكتور الحمادي ان عددا كبيرا من الحالات تنتهي بالطلاق بسبب غياب المفهوم الصحيح للزواج. "عندما نسأل الشاب او الفتاة لماذا تزوجت استغرب من رد الكثيرين الذين يقولون بانهم تزوجوا لان اخوانهم الاكبر منهم سنا تزوجوا او يقولون بان الزواج سنة الله. اهداف الزواج عند هذه الفئة غير واضحة وهذا سبب العديد من المشاكل لأنه في حال كانت الاسباب واضحة فانهم سيحاولون حل المشاكل وليس الطلاق.".

مكاتب الإصلاح الأسري

اوضح الدكتور عبدالعزيز الحمادي ان دورهم في مكاتب الاصلاح الاسري يكمن في سعيهم لإصلاح حال الازواج المتخاصمين ومساعدتهم على الاستمرار في حياتهم الزوجية. وقال: "نقوم بعمل عدة جلسات للإصلاح بين الزوجين وفي حال فشلت تلك الجلسات نقوم بتحويلهم إلى المحاكم للبدء بقضية الطلاق. ونحن في محاكم دبي وبفضل الله وجهود المصلحين الاسريين حققنا مستويات عالية من الاصلاح بين الأزواج المتخاصمين حيث تشير الاحصائيات الى ان 60% من القضايا التي بطرفنا تحل فيما تحول الى المحاكم 40% من الحالات.

 

نهاية علاقة وليس نهاية السعادة

قال الدكتور عبدالعزيز الحمادي: ان الطلاق بحد ذاته لا يعتبر جريمة وهو شرعي ولكن وفق الاحكام الشرعية وفي بعض الحالات يكون الطلاق خيرا. "اقول دائما بان الطلاق بين زوجين هو نهاية علاقة وليس نهاية السعادة والطلاق يجب ان يكون حلا للمشكلة وليس خلقا للمشكلة. وقال أحمد شوقي رحمه الله ان الطلاق ازمة ولكنه يمنع الازمات. وايضا قال بان الطلاق دواء اسيء استخدامه فاصبح الداء.".

واضاف: ان هناك حالات عديدة لنساء يتحملن الحياة القاسية ويعرضن انفسهن للضرب والاساءة ويرضين بالواقع المر ويصبحن مريضات يتعاطين ادوية نفسية وكل ذلك لأنهن لا يردن ان يقال عنهن مطلقات في المجتمع وهذا برأيي خطأ كبير. "في هذه الحالات، على المرأة الا تصبر على حياتها القاسية وعليها ان تطلب الطلاق لكي ترتاح وتجنب نفسها الامراض النفسية والمشاكل المستقبلية.".