تحتفل دولة الإمارات، اليوم، باليوم العالمي للمعلم الذي يصادف الخامس من أكتوبر كل عام، تقديراً لدوره في إعداد أجيال المستقبل، ومواصلة مسيرة التنمية والمحافظة على المقدرات والمنجزات.
ومع توجه الدولة إلى نظامي «التعليم عن بعد» و«التعليم الهجين» للوقاية من فيروس «كورونا» المستجد، وفي ظل الثورة التكنولوجية الهائلة وتطور مؤسساتنا التعليمية كحاضنات للتقنيات، وكذلك الجانب الأهم وهو طبيعة جيل اليوم «جيل الآيباد»، فرض كل ذلك إعادة تشكيل ملامح المعلم وإعداده وتمكينه من مهارات العصر ليصبح معلماً رقمياً مستقبلياً يمتلك الموهبة والقدرة المعرفية والتكنولوجية ليسهم بشكل فاعل في تحقيق رؤى التطوير وبناء طالب المستقبل، ومن هنا مدّت وزارة التربية والتعليم الهيئات التدريسية بجسور العلم الرقمي والتطور التكنولوجي الحديث الذي ساهم في جعل المعلمين في الدولة نموذجاً مضيئاً للمعلم الرقمي، قاطعة شوطاً كبيراً في تأهيل المعلمين على المهارات الرقمية والتقنية لمواكبة أحدث مكونات المنظومة التعليمية وفق نظامي «التعليم عن بُعد» و«التعليم الهجين»، لتحقيق الغايات الأساسية من التعليم، كما وفرت لهم جميع السبل والإمكانات التي تدعم الإبداع والتفكير التحليلي لديهم.
ودعت نخب تربوية متخصصة إلى ضرورة إعداد المعلم وتهيئته للتعامل مع البيئات التعليمية الرقمية، حيث تتطلب معلماً رقمياً يكون ملماً بمستحدثات التكنولوجيا وتطبيقاتها المختلفة، ومطلعاً على كل ما هو جديد في عالم تقنيات التعليم الحديثة، ولديه القدرة على التعامل مع الفصول الافتراضية، كما يجب أن يكون ملماً بوسائل التقويم الإلكتروني، وكيفية التعامل مع المقررات الإلكترونية، وما تحويه من وسائط تفاعلية والتي بدورها تسهم في إثراء البيئة الرقمية بصورة مشوقة ومتناسبة مع ميول واتجاهات الطلاب وأنماط تعلمهم المختلفة.
وقالوا: «كما تتطلب البيئة الرقمية معلماً يملك مهارة القدرة على نقل المعرفة من خلال الوسائط الإلكترونية واستيعابها من قبل طلابه، وعرض المحتوى الرقمي للمادة العلمية بطرق واستراتيجيات عصرية مناسبة للفئة المستهدفة من المتعلمين، لخلق المزيد من الفرص للطلاب نحو الابتكار والإبداع في الأنشطة التعليمية».
وأكد معالي حسين بن إبراهيم الحمادي وزير التربية والتعليم، أن الجهود منصبة على تحقيق نهضة تعليمية، أساسها المعلم الذي يمتلك المهارات والإبداع والشغف للتطوير وإلهام الطلبة من خلال تحقيق التأثير الإيجابي، بجانب الوصول إلى المعلم المتكامل معرفياً ورقمياً عبر تعزيز مسيرته المهنية من خلال انغماسه في تكنولوجيا التعليم وتمكينه من الاحترافية في التعامل معها.
وهنأ معاليه جموع المعلمين على امتداد الوطن بمناسبة يوم المعلم العالمي قائلاً: نبارك للمعلم يومه، ونشيد بإنجازاته ودوره المؤثر في صقل مهارات طلبتنا وتطبيق السياسات التعليمية والخطط والبرامج بدقة وأمانة، وهو الشيء الذي نرى أثره في الميدان وفي مستويات طلبتنا بالمدرسة الإماراتية، ولذا فإننا ممتنون لهذا العطاء الذي لا يضاهيه عطاء آخر عبر بناء أجيال المستقبل وتسليحهم بأفضل العلوم والمعارف المتقدمة.
وأشار معاليه إلى أن القيادة الرشيدة، أولت التعليم جل اهتمامها، ولطالما وجهت بضرورة تمكين المعلم وتوفير سبل الإبداع وبيئة عمل ملهمة ومحفزة له، وهي تقدر دور المعلم وتشيد به، في مختلف المحافل والمناسبات، وهذا ليس بغريب على قيادة تقدر العطاء وتؤمن بالعلم وعناصره في تحقيق مستهدفات الدولة، وتطلعات الوطن.
وذكر الحمادي أن النجاحات التعليمية التي تحققت أساسها المعلم، لأنه الأقرب إلى الميدان ومعرفة التحديات والممكنات والأدوات الكفيلة بالعبور بالطلبة إلى الريادة العلمية، لافتاً إلى أن وزارة التربية والتعليم ماضية في دعمه وتطوير مهاراته وربطه بواقع التعليم المعاصر والقدرة على الممارسة الفعلية للأساليب والممارسات التعليمية الحديثة، والتعريف بحلول التعليم والتعلم الرقمي من خلال التدريب التخصصي المستمر.
مواكبة المستجدات
بدورها أكدت معالي جميلة بنت سالم المهيري وزيرة دولة لشؤون التعليم العام، أن التجربة التعليمية بدولة الإمارات متميزة وذلك لتميز أهم عنصر فيها وقدرته على مواكبة المستجدات المعرفية والتكنولوجية في مضمار التعليم، وهو المعلم الذي يحتل حيزاً كبيراً من الاهتمام والتقدير والتمكين في سلم أولويات الوزارة.
وباركت معاليها، للمعلم يومه، مشيدة بتفانيه وإخلاصه وعطائه الكبير في مواصلة مسيرة التعليم رغم ما يحيط بنا من ظروف صحية راهنة عصفت بقطاع التعليم في بلدان العالم، وهو شيء يحسب له ويزيد من ثقتنا بأن مسيرة التعليم وطلبة العلم في يد أمينة.
وقالت: إننا نسعى في وزارة التربية والتعليم إلى بناء نموذج رائد للمعلم، الذي يستشعر حجم مسؤولياته ويواصل التطور واكتساب الخبرات، ويبدع في الغرفة الصفية، ويخرج عن نطاق التعلم النمطي إلى آفاق أرحب من التميز والإلهام للطلبة، ليكون بذلك أداة تحقق الأهداف التربوية وخطط واستراتيجيات الوزارة.
وذكرت أننا نحرص على إدراج أفضل الممارسات التعليمية في المدرسة الإماراتية، ونوظف كل الإمكانات لذلك، ويظل دور المعلم الركيزة في تحقيق الأهداف التربوية، مشيدة في الوقت ذاته باصطفاف المعلم خلف الإدارة المدرسية ليدعم القرارات ويصوغ أفضل الأساليب والممارسات التربوية وتطبيقها على أحسن وجه.
وأكد المهندس عبدالرحمن الحمادي وكيل وزارة التربية والتعليم أن الوزارة وتنفيذاً لرؤية القيادة الرشيدة كانت سباقة في تبني تطوير البنية التحتية الذكية في قطاع التعليم استلهاماً لمبدأ استشراف المستقبل الذي يعد من أبرز محركات العمل الحكومي في دولة الإمارات، حيث سخرت كافة الإمكانات للوصول إلى مستهدفات الأجندة الوطنية ومواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة في قطاع التعليم على المستوى العالمي بما يرسخ مكانة المعلم كركيزة أساسية ومحورية في منظومة التعليم الإماراتية.
وبين أن أدوات التعليم في تغير مستمر وهو ما دفع بوزارة التربية والتعليم إلى تحديث أدوات المعلم وتمكينه منها عبر تصميم برامج تدريبية متخصصة تجعله قادراً على إدارة دفة العملية التعليمية التي باتت تشكل فيها التكنولوجيا رافداً أساسياً ومحوراً جوهرياً لا يمكن تجاهله بل المضي قدماً في الاستفادة من تلك الممكنات وتسخيرها خدمة للأغراض التعليمية.
وشدد على ريادة المعلم في منظومة التعليم الإماراتية ودوره المحوري في استدامة التعليم في ظل الظروف الراهنة التي دفعت باتجاه تغيير شكل التعليم، مثنياً على جهود كوادر الميدان التربوي وعطائهم الذي يحظى ببالغ التقدير والاحترام.
تطوير
واعتبرت جميلة أحمد المهيري، تربوية، وعضو المجلس الوطني الاتحادي، أن فيروس كورونا كان فرصة لقفزة تطويرية في مجال التعليم يكون الطالب فيها هو المحرّك ومن يتولى مسؤولية تعلّمه، بحيث يخصص الطالب جزءاً من وقته لكي يبحث ويناقش ويقدم البدائل والمقترحات، فيما دور المعلم هو المسهّل والموجّه لعملية التعليم، وليس ملقناً يستهلك وقت التعلم بالشرح والحديث.
ولفتت إلى أن الميدان التربوي عانى لسنوات من أسلوب التلقين والحفظ واسترجاع المعرفة وهي من المهارات الدنيا في سُلم مهارات التفكير، فيما الطالب لا يوظف ما درسه في حياته اليومية، فالتعليم الذي يبقى هو تعليم المهارات وليس المعرفة، وفي زمننا المعرفة متاحة من خلال الهاتف أو الكمبيوتر، وخير دليل على ذلك هو تعلم اللغات المختلفة.
تنمية الوعي
وأوضحت الدكتورة فاديا دعاس -دكتوراه في التربية وسفيرة السعادة بإحدى المدارس الخاصة- أنه من المهم جداً التواصل بين طلاب الصف الواحد بما يليق بعصرهم وتحدياته، ما يستوجب تنمية الوعي الذاتي عند أفراد العملية التربوية كاملة من معلم وطالب وحتى أولياء الأمور كشركاء مهمين وفاعلين، متأقلمين مع التباعد الاجتماعي الفعلي المفروض بحكم الجائحة والحد من انتشارها.
وذكرت أن تعامل المؤسسات التعليمية مع هذه التحديات جعلها تتميز في مستواها بمن فيهم المعلمون بين ثلاثة مستويات: المتطور والمتطور جزئياً وغير المتطور، وذلك اعتماداً على المعايير التي حددتها وزارة التربية والتعليم، مشددة على أن التحدي الأكبر الذي يواجه المعلم هو استمرارية التطور المهني والمهاري والنفسي والاجتماعي بشكل مستمر ليرقى بنفسه وإمكانياته ما يرقى بالتعلم والتعليم عن بُعد ويحقق الهدف منه.
1144 حصلوا على لقب معلم خبير من «مايكروسوفت»
أكدت خولة الحوسني مديرة إدارة التدريب والتنمية المهنية في وزارة التربية والتعليم، أن المعلمين في الإمارات، أظهروا، بحسب التقارير الدولية، نسبة عالية بامتلاكهم المهارات والثقة للتغير الإيجابي في التعليم لأجل المستقبل.
وأوضحت أن الإدارة نفذت العديد من البرامج والورش، التي بدورها ساهمت في تطوير المعلم، حيث تم تدريب 23500 معلم وقيادي، على آلية التقدم للحصول على لقب معلم خبير من مايكروسوفت، والذي يركز على آلية توظيف مهارات القرن 21، وأدوات مايكروسوفت في العملية التعليمية بكفاءة عالية، وحصل 1144 معلماً على لقب معلم خبير من مايكروسوفت.
وأضافت: قدمت الوزارة عدة برامج تقنية، منها النضج الإلكتروني، وتم تدريب 20144 معلماً، على أفضل الممارسات التربوية في التعليم الإلكتروني، إلى جانب تأهيل 18384 معلماً على توظيف أدوات التعلم الذكي، بهدف تحقيق التحول الإلكتروني في التعليم.
وتابعت: تماشياً مع استراتيجية العمل والتعليم عن بعد، تم تدريب 149.192 معلماً وموظفاً على أدوات العمل والتعلم عن بعد، بواقع 596.768 ساعة تدريبية، ما أدى إلى تحقيق الاستمرارية في العمل والتعليم أثناء الإغلاق في جائحة «كورونا» 2020.
وقالت: بالتعاون مع برنامج خليفة للتمكين، انطلق برنامج المواطنة الرقمية، الذي يهدف إلى تطوير قدرات المعلمين والمعلمات والموظفين في مجال الأمن الإلكتروني، وذلك للارتقاء بمستوى الموظفين إلى درجة المعرفةِ والمسؤولية الرقميَّة، حيث تم تدريب 11172 متدرباً، وبلغ عدد الحاصلين على شهادة المواطنة الرقمية، 5094 متدرباً.
وذكرت أن إدارة التدريب قامت في عام 2019، بإطلاق برنامج صفي شغفي، وهو برنامج يهدف إلى رفع كفاءة المعلمين بشكل ذكي ومبتكر ومرن، من خلال إثرائهم بقائمة من استراتيجيات التدريس والتهيئة الحافزة، والبالغ عددها 33 استراتيجية، بحيث يقوم المعلم بالحصول على الدورات التدريبية بالوقت الذي يريده، من خلال منصة التدريب LEARNING CURVE.
ولفتت الحوسني إلى أنه تم تشكيل فريق التوعية بالتعلم عن بعد، ويعمل على تصميم أفلام كرتون توعوية، تتحدث عن دور أولياء الأمور في التعليم عن بعد، وبث رسائل توعية يومية.
«التربية»: جميع معلمينا يستخدمون منصات التعلم الرقمية
أكدت فوزية غريب، الوكيل المساعد لقطاع العمليات المدرسية في وزارة التربية والتعليم، أن الوزارة رصدت تطورات إيجابية للمعلمين في تجربة «التعليم الهجين»، حيث ساهمت في تطوير نمط التدريس، وتمكينهم من مهارات خاصة بإدارة وتنفيذ الحصص والدروس عن بعد، وتغيير مفهوم التعليم، ومزجه بالأدوات الحديثة، التي زادت من المهارات التقنية والتكنولوجية للمعلمين.
وأوضحت أن الوزارة وجدت تحولاً كبيراً في تمكين المعلم من إدارة الحصة بالشكل الملائم، وبلغت نسبة المعلمين الذين يستطيعون استخدام كافة المنصات التعليمية الرقمية 100 %.
تقييم
وذكرت فوزية غريب، أن الوزارة، متمثلة في مراكز العمليات، تتمكن من متابعة المعلمين عن قرب، من خلال حضور الحصص الافتراضية، والوجود داخل الصفوف، من خلال المنصات التعليمية التي وفرتها الوزارة للطلبة والمعلمين.
وتابعت: إن الوزارة عملت على تقييم المعلمين خلال فترة «التعلم عن بعد»، التي أطلقتها الدولة لمواجهة فيروس «كورونا» «كوفيد 19»، ووقفت الوزارة على تمكنهم من الإدارة الصفية، وكيفية توزيعهم لزمن الحصة، واستثمارها الاستثمار الصحيح، من حيث تأهيل الطالب للحصة، وإعطاء الدرس وتنفيذ أنشطة، وتدريب نموذجي للطلبة على الدرس، ومشاركة الطلبة، وقياس حضور وانصراف الطلبة.
ولفتت إلى أن عدداً من المعلمين في السابق، كانوا لم يستخدموا منصة الديوان، التي تحتوي على كافة الكتب المدرسية خلال اليوم المدرسي، وإنما حالياً جميعهم يستخدمون المنصة.
دورات
وقالت فوزية غريب الوكيل المساعد لقطاع العمليات المدرسية في وزارة التربية والتعليم، إن الوزارة منحت المعلمين دورات تدريبية مكثفة، لتأهيلهم ومنحهم الأدوات والمهارات، ليكونوا قادرين على استخدام التكنولوجيا، وإعطاء الدروس بأي وسيلة من الوسائل التقنية، والتعامل بشكل ذاتي مع عملية التعليم والتعلم، وأصبح المعلم أكثر مواكبة للتطور، ويطبق جميع استراتيجيات ومستجدات التعليم.
مستقبل
وأكدت فوزية غريب، أن مهنة التعليم ستظل دائماً في الطليعة، وسيظل المعلم له مكانة خاصة، فهو من يصنع المستقبل المشرق، من خلال بناء أجيال واعدة، تمضي على خطى التميز، وترفع اسم الدولة عالياً، وهو أيضاً من يرسم ملامح الغد، بفكره وعلمه وخبرته وقدرته على إلهام طلبتنا، ليصنع منهم رواداً في شتى العلوم والتخصصات، مثمنة في الوقت ذاته، هذه التضحيات التي تعد بمثابة الرافعة التي ترقى بالوطن وأبنائه، وأن أي نجاح نصبو إلى تحقيقه في العملية التربوية، لا يمكن بلوغه أو تحقيقه من دون المعلم، الذي يجلس دائماً في الصفوف الأمامية، يبادر بهمة عالية وروح وثابة إلى التغيير والبناء، وقيادة دفة التطوير في التعليم.
مهارات أساسية لتعزيز نجاح العملية التدريسية
عدّد التربوي ماهر حطاب مهارات عدة لا بد أن يتمتع بها المعلم، لتعزيز نجاح العملية التدريسية، منها أن يتشارك المعلم مع طلابه في بعض المناسبات الاجتماعية، التي تسهم في تقربه منهم، وزيادة الثقة والألفة في ما بينهم، كمواساتهم في وقت الحزن، والاطمئنان على وضع الطالب الصحي في حال المرض وتكرار الغياب، ومن المفيد جداً أن يسعى المعلم لتشكيل لجان مدرسية اجتماعية، مهمتها الأساسية هي الاطلاع على أمور الطلاب ومشاكلهم الدراسية، وتقديم العديد من النصائح والإرشادات والدعم النفسي لهم، والتوجه نحو التحفيز والتشجيع بشكل يومي لزيادة دافعية تعلمهم تحت أي ظرف، معتبراً المعلم ركيزة أساسية من ركائز العملية التربوية، بل هو عصب العملية التربوية، وحجر الزاوية فيها ومحورها الأساسي، والعنصر الفاعل في أية عملية تربوية.
وأفاد بأن علاقة المعلم بالطالب في عملية «التعلم الهجين» جزء من نجاح مهمته السامية، حيث تلعب المهارات والأدوات التي يمتلكها المعلم دوراً فعالاً في نسج علاقته بالطالب، وخصوصاً مع وجود فجوة حالية في علاقة الطلبة بمعلميهم، تسببت فيها جائحة (كوفيد 19).
المعلم المبدع يحوّل التحديات إلى فرص
أكدت معلمات أن المعلم المبدع لا يقف أمام التحديات، بل يحولها إلى فرص ويرسم خارطة طريق لرفع إمكاناته ومهاراته وتطوير أدواته ووسائله.
تقدم
وقالت ناعمة الحبسي، معلمة دراسات اجتماعية، إن المعلم المبدع لا يقف أمام التحديات، إنما يحولها إلى إصرار وتقدم، مشيرة إلى أنه رغم تداعيات الجائحة الصحية كورونا وتحول نظام التعليم إلى التعلم عن بعد خلال الفصل الدراسي الأخير من العام الماضي، واستمراره في العام الدراسي الجاري إلى جانب التعليم الهجين، فرض على الهيئات التدريسية قواعد جديدة وغرس فيهم الإصرار بضرورة وأهمية الاستمرار وبذل الجهود لمواصلة العمل وضمان عدم توقف التعليم، مؤمنة بنجاح التجربة المرهونة بإخلاص الميدان التربوي بكافة أقطابه، ودعم القيادة الرشيدة التي غرست في أبنائها الإصرار ومتابعة وزارة التربية والتعليم والجهات التعليمية المعنية على مستوى الدولة.
الإدارة الصفية
ورأت أمل محمد جمعة، معلمة صف للمرحلة التأسيسية، أن المعلم يواجه ضمن نظام التعليم الهجين بعض الصعوبات منها الإدارة الصفية كون الطلبة متواجدين في أماكن متفرقة، ما يسهم في تشتيت الانتباه لديهم لانشغالهم في محيطهم، والافتقاد إلى التواصل المباشر بين المعلم والمتعلم، فبعد انتهاء الدروس التعليمية قد يصعب على الطالب متابعة عملية التواصل مع المدرس، إلا في بعض الحالات، كأن يترك المعلم وسيلة تواصل مباشرة بينه وبين الطالب.
وأردفت أن العملية التعليمية تتألف من ثلاثة أقطاب (معلم ومتعلم والمادة) ينصهرون جميعاً في بوتقة المدرسة والتفاعل بين هذه العناصر الثلاثة يسهم في إيصال المعلومة إلى التلميذ وتنمية مهاراته التعليمية.
وتحدثت عن تحدي البعد الاجتماعي للعملية التعليمية والتربوية للطلبة في مرحلة رياض الأطفال، حيث تساعد المدرسة والمعلم المتمكن من المساهمة في صقل شخصية الطفل واكتشاف مواهبه وتنمية قدراته، لافتة إلى أهمية البناء على أن التكنولوجيا هي أداة ووسيلة للتعلم ولا تغني عن المعلم وبالأخص في المرحلة الابتدائية.
واقع جديد
وأكدت نهى عبدالرحيم النجار، معلمة لغة عربية، أن النظام التعليمي شهد شكلاً وواقعاً جديداً يتماشى مع الوضع الراهن ومتطلبات المرحلة الحالية، مشيرة إلى أن أكبر التحديات التي واجهت المعلم خلال تطبيق نظام التعليم عن بعد هو القدرة على قيادة العملية التعليمية في الصف الافتراضي باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة وبرامج وتقنيات التعلم الفعال، علاوة على تحدٍ كبير يتمثل في السيطرة على الطلبة والتحكم في الموقف التعليمي.
وترى أنه رغم التحديات التي واجهت المعلمين فقد كان للقيادة الرشيدة دور كبير في تذليل الصعوبات من خلال إطلاق برامج تدريبية فعالة ترفع من كفاءة المعلم على المستويين الإلكتروني والتقني، مشيرة إلى أن مدرستها وجهتهم إلى منصات تعليمية رقمية جعلت من تجربة التعلم عن بعد تجربة متميزة رائدة، وكان لهذه البرامج أثر فعال في الاستحواذ على عقول الطلبة وجذب انتباههم طوال الحصة.
«كورونا» أجبر المعلم على تطوير أدواته واكتساب المهارات التقنية
رأى محمد البستاوي، المعلم الحاصل على ماجستير في التعليم الإلكتروني، أن المعلم في زمن «كورونا» أصبح مجبراً على تطوير أدواته ووسائله وتوظيف التقنية في التعليم بعد أن كان ذلك في السابق خياراً متاحاً، حيث بات واقعاً إلزامياً على الجميع، ولم يعد المعلم مكتفياً بإجادته لمادة تخصصه وطرائق تدريسها، بل صار لزاماً عليه معرفة الكثير من التطبيقات والبرامج والمواقع التي تمكنه من تقديم مادته بشكل سلس ويسير.
وقال إن هذه التجربة دفعت بالهيئات التدريسية إلى تنمية ذاتهم والعمل على تطويرها من خلال ورش العمل والدورات التي تقدمها وزارة التربية والتعليم والكثير من الجهات بشكل مجاني، مشيراً إلى أنه درّب أكثر من 3000 آلاف معلم عن بعد خلال الأشهر السابقة، ولمس فيهم الشغف الشديد والرغبة القوية لاكتساب معارف تقنية جديدة من تطبيقات للتصميم وعرض المحتوى وأخرى للتقييم والتحفيز وزيادة الدافعية لدى الطلاب.
وأكد البستاوي أن التحديات والصعوبات يتم تذليلها مع السعي وراء المعرفة، فتحويل الأدوات المستخدمة في التعلم المباشر في المدارس لأدوات أخرى في التعلم عن بعد ليس بالأمر السهل بل كان تحدياً كبيراً، ولكن مع الرغبة القوية من الجميع وعلى رأسهم القيادة الرشيدة، ومعالي حسين الحمادي وزير التربية والتعليم، ثم المعلمين والطلاب وأولياء الأمور وكل الهيئات التعليمية والإدارية تم تذليل هذه التحديات. ودعا البستاوي الهيئات التدريسية إلى الاستفادة من المصادر المقدمة لهم من قبل الوزارة حتى يكونوا قادرين على تحديد أدواتهم والتخطيط جيداً لمادتهم.
المعلم محور نجاح «التعليم الهجين»
أكدت المستشارة التربوية والنفسية هيام أبو مشعل، على الدور الجوهري الذي يلعبه المعلم في منظومة التعليم الهجين باعتباره محور العملية التعلمية وأساسها، ما يحتم عيله أن يكون ذا كفاءة ومرونة عالية من أجل النجاح في إدارة العملية التعلمية، معتبرة دوره الأهم في تحقيق أهداف المؤسسة التعليمية التي يعمل بها وحجر الزاوية في المسيرة التربوية في كل زمان ومكان.
وأفادت بأن دور المعلم في زمن كورونا لم يتغير كثيراً عن دوره السابق، لكن التحديات باتت أكبر وعليه أن يكون ذا كفاءة عالية للتغلب عليها والتمكن من تعليم الطلبة وإيصال المحتوى التعليمي بكل سهولة.
3 محاور
وأشارت إلى أن دور المعلم قائم على ثلاثة محاور ما قبل الحصة وخلال الحصة وما بعدها، وعليه فإن دوره ما قبل الحصة يتمحور حول التحضير والتخطيط للدروس والنشاطات بطريقة تثير الدافعية عند الطلبة وتجذب انتباههم للتعلم، وبالتالي جذبه لهذا الدرس وتقديم المهمة للطالب بكل ارتياح ومرونة، أما خلال الحصة فعليه أن يسهل عملية التعلم على الطالب ويقدمها له بقالب بسيط بعيداً عن التعقيدات والصعوبة مع تجنب استعمال الطريقة التقليدية في التدريس واختيار الأدوات المناسبة والمصادر المتوفرة الكفيلة بتحقيق الأهداف المخطط لها عن بعد حتى يجذب إليها الطلبة بسهولة ويسر.
تقييم
ولفتت إلى أنه على المعلم بعد الحصة أن يكون قادراً على تقييم التحصيل العلمي عند الطالب من خلال التقييم الذاتي وتقييم الأقران، وألا يركز على الواجبات المعطاة للطالب بقدر التأكد من فهمه للمحتوى التعليمي الذي قدمه له، وألا يكون صارماً مع طلبته في حال عدم المشاركة أو القيام بالمهمة المطلوبة منه، فلا بد من تشجيع الطالب على ذلك، وإعطاء الفرص والمرونة في مراعاة الاحتياجات الشخصية.
مهام
وشددت على أن مهام المعلم تتمثل في إعداد المحتوى التعليمي والتجهيز لبثه وتقديمه للطلبة إلكترونياً، وتشجيع التفاعل بين الطلاب وتطوير التعليم الذاتي لديهم، فمهما كانت التحديات كبيرة أمام المعلم فدوره السامي ورسالته العظيمة ستجعله دائماً كالجسر الذي يربط التغييرات الأساسية في المجتمع والتوازن بين الاحتياجات والتوقعات المنشودة للاستحواذ على اهتمام واحترام الطلبة ومساعدتهم للمضي قدماً والتغلب على كل الصعوبات والتحديات في ظل استمرار تفشي فيروس «كورونا».
توصيات البيان
01 تضمين شهادة المعلم الرقمي كأحد المعايير لممارسة مهنة التدريس.
02 إعداد المعلم وتأهيله للتعامل مع البيئات التعليمية الرقمية.
03 زيادة التدريب على وسائل التقويم الإلكتروني والمقررات الإلكترونية.
04 عرض المحتوى الرقمي للمادة بطرق مناسبة للفئة المستهدفة.
05 تطوير قدرات المعلمين في مجال الأمن الإلكتروني.
06 تدريب المعلمين على ربط التعليم الأساسي بحاجات المجتمع.