أكد عيسى العربي، الخبير الحقوقي الدولي رئيس الاتحاد العربي لحقوق الإنسان، أن التجربة والوصفة الإماراتية حول السعادة يمكن أن تشكِّل الجيل الرابع من التشريعات الحقوقية المنظمة لحقوق الإنسان، مشيراً إلى أن تجربة الإمارات جاهزة، ويمكن أن تكون هدية للمجتمع الدولي، فقط يتم توثيقها وتقديمها للعالم عام 2020 كجيل رابع في تشريعات حقوق الإنسان.

وأوضح أن عملية تطور التشريعات الدولية لحقوق الإنسان مرَّت بمراحل كثيرة، فهناك الجيل الأول والثاني من القوانين، أما القوانين والمواثيق الدولية المعتمدة والتي يسير عليها العالم ويتعامل مع نصوصها اليوم تسمى قوانين الجيل الثالث من التشريعات وتشمل أحدث ما انتهى إليه العالم من تشريعات حقوقية، ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الأول والثاني وبروتوكولاتها كل هذه المنظومة هي الجيل الثالث من تشريعات حقوق الإنسان.

وأضاف أنه رغم تطبيق تشريعات الجيل الثالث وعملية التطوير المستمرة للقوانين أدرك خبراء الأمم المتحدة والقانون الدولي أنهم بحاجة إلى مخرج يحقق العدالة والاحترام لحقوق الإنسان.

وأكد العربي أن هناك إشكالية في تشريعات الجيل الثالث، حيث تقوم على التنازع بين السلطة والمواطنين أو الشعب، فحقوق المواطن يجب أن تكتسب من الحكومات التي ترى أن منح الحقوق انتقاص من سلطاتها ونفوذها وبالتالي تكون غير مرنة في التعامل مع فكرة إعطاء الشعب حقوقه، وتحول المفهوم إلى صراع على السيادة، وإلى اليوم خبراء القانون الدولي وجموع الحقوقيين حائرون في إيجاد المخرج وحلّ الإشكالية وإنهاء الصراع.

السعادة والتسامح

وأضاف العربي أن أهم ما في التجربة الإماراتية أنها تقوم على الابتعاد عن مفهوم الصراع على السلطة، فهي تجربةٌ السعادة والتسامح جزء واضح منها للحقوقيين في مختلف دول العالم.

وقال: «الحقيقة أن تجربة السعادة يمكن أن تكون أكبر خدمة تقدمها دولة الإمارات إلى العالم؛ لأن الإمارات قضت على مفهوم الصراع على السلطة بهذه التجربة».

وأكد العربي أن شراكة الإمارات للمجتمع المدني والكوادر الوطنية أثبتت للعالم جدية دولة الإمارات في طرح المبادرات الإنسانية والحقوقية، مشيراً إلى توافر بيئة آمنة ومستقرة في مجتمع إماراتي يضم أكثر من 200 جنسية يعيشون سوياً في سلام وتسامح وانسجام اجتماعي وثقافي وديني.

وأضاف أن الحقوق قد تأتي هبة من الحكومات إلى الشعوب وتكون عملية مرنة، أو أن تخوض الشعوب عملية نضال ونزاع ومآسٍ للحصول على الحقوق، والأمم المتحدة -في ظل الجيل الثالث- وبعد مسار طويل في المجال الحقوقي أسست لجنة حقوق الإنسان، ثم أدركت أن اللجنة غير قادرة على تطوير المفاهيم، ثم بحثت سنوات لاستدراك الموضوع وأنشأت المفوضية السامية، ثم بعدها مجلس حقوق الإنسان، ثم أوجدت آلية شراكة بين المنظمات غير الحكومية وبين الحكومات من خلال المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان، كما أن المنظمات الحقوقية في دعمها للحقوق واجهت مشاكل كثيرة مع الحكومات لأن الحكومات يهمها عدم التدخل في سيادتها، وإلى الآن خبراء الأمم المتحدة يبحثون عن تطوير التشريعات الدولية.

وأشار العربي إلى أن الإنسان في ظل الجيل الثالث من التشريعات غاية أمله أن يحصل من الحكومات على منظومة حقوقه كاملة ولكن لا توفر له السعادة، والجيل الرابع يقوم على مفهوم السعادة، فلا يمكن أن يكون الإنسان سعيداً دون أن يحصل على حقوقه، وهذا جوهر التجربة الإماراتية كاملة.

وقال العربي: «في اعتقادي -وكذلك يرى الحقوقيون- أنه ليس هناك سلطة قمعية بذاتها وليس هناك إنسان متمرّد بطبعه، ولكن نظراً لوجود تشريع دولي حول العلاقة بينهما، المواطن يتمرد من أجل الحصول على حقوقه والسلطة تبطش من أجل التمسك بصلاحيها وهنا يتولد الصراع، ولكن الحقيقة أن فطرة كل إنسان طبيعي أن يبحث عن السعادة، والحكومات إذا رأت أن في منح المواطن السعادة لن ينقص من سلطاتها ستكون حريصة على اسعاده، والمواطن أذا رأى من حكومته حرص على أن تحقق له السعادة فلن ينازعها في سلطتها، ويتحول الصراع إلى مفهوم تكامل».

وتابع: «هذا ما رأيناه يتحقق فعلياً في دولة الإمارات، فالمواطن حريص على أن يدعم حكومته بكل ما يملك، والقيادة الإماراتية تعرف ذلك جيداً وتعمل بكل ما تملك لتحقق لمواطنيها السعادة التي تشمل كل حقوقه التي نصَّت عليها القوانين والتشريعات الحقوقية الدولية وزيادة».

فريق محترف

إلى ذلك قال العربي إنه يمكن أن يتم تشكيل فريق مهمته نقل التجربة الإماراتية إلى العالم بعد توثيقها، ويبدأ الفريق العمل ويمكنه خلال عام 2019 مثلاً بتوصيف التجربة الإماراتية في السعادة وتوثيقها ونقلها من المبادرة والتجربة إلى التشريع، وهذا عمل احترافي يقوم به متخصصون وخبراء في القانون الدولي والإنساني.

وأضاف أنه على ضوء ذلك يمكن أن تعقد الإمارات مؤتمراً عالمياً تشارك فيه كل الهيئات والمنظمات الحقوقية العالمية والجهات المعنية بحقوق الإنسان في العالم بالشراكة مع الأمم المتحدة كي تقدم للعالم رؤيتها.

 

إشادة عالمية بالتجربة الحقوقية الإماراتية

أكد عيسى العربي، الخبير الحقوقي الدولي رئيس الاتحاد العربي لحقوق الإنسان، أن الإمارات اعتمدت على العديد من الأسس والركائز التي توضح الجهود الوطنية المعنية بتعزيز احترام الدولة لحقوق الإنسان والحريات العامة، فحظيت بتقدير وإشادة دول العالم.

وأوضح أنه تم تطوير المنظومة التشريعية الإماراتية، ودعمها بحزمة من القوانين الاتحادية الهادفة لدعم وتعزيز حقوق الإنسان، لاسيما الحقوق المرتبطة بالمرأة والطفل، وتحسين حقوق العمالة الوافدة، ومكافحة الاتجار بالبشر، والإجراءات التي اتخذتها في إطار إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وفقاً لمبادئ باريس، بالإضافة إلى الالتزام بدعم وتعزيز الاستقرار في المنطقة القائم على الأسس والمبادئ المعنية بتعزيز قيم التسامح وتعزيز السلام العالمي.

وأشار إلى التزام الدولة بتعزيز تمكين المرأة الإماراتية وتحقيق المساواة ومنع جميع أشكال التمييز، بما في ذلك تعزيز وجودها في المراكز القيادية ومشاركتها في صنع القرار ووضع الاستراتيجيات، وتعزيز ذلك بمنظومة وطنية تشريعية ومؤسساتية معنية بتعزيز وتمكين المرأة وتوفير الحماية والرعاية لها ولأطفالها، فضلاً عن تحقيق نوع من الشراكة مع المجتمع المدني للعمل معاً للمساهمة في مواصلة مسيرة تطوير رعاية حقوق الإنسان.

وقال العربي إن السعادة هي المصطلح الرئيسي الذي ينسجم مع القيم السامية لحقوق الإنسان، فهناك مصطلحات كثيرة مثل «الحقوق»، و«العدالة» و«سيادة القانون» وغيرها، لكنها نسبية وكثيراً ما يتولد عنها الصراع بين الحكومات والمواطنين، أما «السعادة» فلها ضوابط، ولا يمكن أن أكون سعيداً ما لم أحصل على حقوقي، وفي نفس الوقت يكون هناك رشد في العالم.