ذكرت خطبة الجمعة أمس، أن التقوى هي وصية الله تعالى للأولين والآخرين قال سبحانه: (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوصي أصحابه بالتقوى فيقول: «عليكم بتقوى الله» فالتقوى درجة من أعلى درجات الإيمان، وكلمة عظيمة جمعت وجوه الخير والإحسان، وهي شعور في القلب يحمل المرء على اتقاء ما يخاف ويحذر، وتقوى الله هي أن تجعل بينك وبين غضبه وسخطه وعقابه وقاية، ولن ننال هذه الوقاية إلا بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، فقد سئل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن تقوى الله فقال: التقوى أن يطاع الله فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر، وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله.

وأضافت الخطبة بأن الطريق المؤدية إلى تحصيل التقوى هي مراقبة الانسان لربه في كل حركة وسكون، فيجده حيث أمره، ولا يراه حيث نهاه، لأن الإنسان قد يغفل عن الله، وينسى مولاه، فيصبح عرضة للوقوع في المعصية، فإذا تذكر مراقبة الله، واستشعر اطلاع الله عليه عادت إليه التقوى، فحجبته المراقبة عن الزلل، قال تعالى: (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون) فالتقوى حاجزة للعبد عن معصية الله تعالى.

 

تحصيل التقوى

وأشارت إلى أن من طرق تحصيل التقوى الورع وترك الشبهات فبسبب مغريات الحياة قد يستهين البعض بالشبهات، فلا يبقى بينه وبين الوقوع في الحرام حاجز فيقع فيه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: «لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا لما به البأس» ومنها أيضا صدق العبد مع الله تعالى، وذلك بإخلاص نيته، وحسن عبوديته، فلا يرجو بطاعته إلا الله، وصدقه مع نفسه باستواء سره وعلانيته، وصدقه مع الناس في أقواله وأفعاله، قال الله تعالى: ( والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون).

وذكرت أن التقوى إذا استقرت في القلوب ظهرت في الأقوال والأعمال، وأثمرت فضائل كثيرة، وفوائد جليلة، منها: أن الله تعالى ييسر للعبد بالتقوى كل أمر تعسر عليه، قال الله سبحانه وتعالى: (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا) ومنها أن الله سبحانه يفرج عنه الكروب ويوجد له مخرجا عند نزول الخطوب، ويفتح له سبل الرزق وأسبابه، قال الله عز وجل: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) فالتقوى سبب لحصول الخير، وحلول البركة، قال تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) كما أنها عنوان الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة، قال الله سبحانه وتعالى: (واتقوا الله لعلكم تفلحون).

ومن ثمرات التقوى أيضا: أن الله سبحانه ينجي العبد بها من السوء ويحفظه من الهلاك، قال تعالى: (وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون)، كما يكفر الله سبحانه بها السيئات ويزيد له بها الحسنات قال عز وجل: (ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا).