أقيمت مساء أمس الاول الأثنين جلسة حوارية مختلفة من حيث الشكل عن الأمسيات والليالي التي سبقتها والتى اشتملت على محاضرات متنوعه، وجاءت الأمسية على شكل جلسة حوارية ثرية، ودارت حول موضوع القرآن والحياة وقدم لها خالد الهاشمي وتحدث خلالها القارئ الشيخ ياسر الدوسري. وذلك ضمن فعاليات الملتقى الرمضاني الحادي عشر الذي تنظمه دائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي تحت شعار "نسائم الرحمة"،
واستهل الهاشمي الجلسة الحوارية باستعراض السيرة الذاتية للشيخ القارئ ياسر الدوسري موضحاً انه حفظ القرآن كاملا ولم يتجاوز عمره الخامسة عشرة عاماً وأم المصلين وهو في السادسة عشرة من عمره وتدرج في مدارس تحفيظ القرآن ونال درجة البكالوريوس في الشريعة وحصل على درجة الماجستير من المعهد العالي للقضاء، وهو عضو الجمعية العلمية الفقهية، وعضو الجمعية العلمية القضائية، وعضو الجمعية العلمية للقرآن وعلومه، وتلقى العلم الشرعي على يد المشايخ والعلماء أمثال الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ إبراهيم الأخضر وغيرهما من أبرز مشايخ القراء.
وأكد الدوسري أنه يشارك للمرة الأولى في الملتقى الذى سمع عنه كثيراً، واطلعت على برامجه في مختلف وسائل الإعلام ولذا ما إن عُرض علي المشاركة فيه وافقت فورا.
ريادة وتميز
وعدد الدوسري المميزات التى يتميز بها الملتقى فإن التنظيم الجيد هى واحدة من علاماته ورغم أنه ليس بمستغرب أن تجد مثل هذا الحدث بتنظيم متميز في دبي التي تأبى إلا أن تكون في الصدارة، مثمنا جهود دائرة السياحة على هذا المجهود وعلى حسن الاستقبال والضيافة.
وأبدى الدوسري سعادته ببرامج ونشاطات الملتقى قائلاً عندما اطلعت عليها زاد إعجابي بالملتقى.
وقال إن المحاضرة مزيج بين محورين أحدهما رسالة القرآن وكيف نجعل من هذا الكتاب العظيم حلاً لجميع مشاكل وأزمات الدنيا والآخرة في هذا العصر.
أما المحور الثاني استعراض أثر القرآن على سيرة المحاضر وحياته الشخصية، لافتا إلى أننا علينا أن نتأمل الرسول وصحابته لأنهم الجيل الذى استطاع أن يترجم القرآن واقعا عمليا، فى الحياة، حيث طوعوا الواقع للقرآن وليسوا مثلنا الذين طوعنا القرآن للواقع.
وفي سؤال حول رحلة القارئ الشيخ ياسر الدوسري مع القرآن الكريم قال الدوسري: انها رحلة بدأت منذ سن السادسة عندما طلب من والده شراء جهاز حاسب آلي واشترط عليه الوالد حفظ جزء عم، وما كان منه إلا أن انطلق الى القرآن، وكان حافزه في ذلك رغبته فى الحصول على الجهاز، كما قام والده بإلحاقه بمدرسة لتحفيظ القرآن الكريم حيث استفاد كثيراً من اساتذته وشيوخه وكان لكلماتهم الأثر الكبير في حياته مثل الشيخ أحمد خليل شاهين الذي نصحه عندما يكبر للدخول في الصلاة أن ينزع الدنيا من قلبه تماماً ويستشعر جلال وعظمة الكلمة، وعن التجويد فقد نصحه أيضا بأن لا يقلق به نفسه في الصلاة ولكن عليه أن يشغل نفسه بكيفية التأثير في نفسه وفي غيره.
عقيدة سليمة
وفيما يتعلق بنظرة الشيخ ياسر الدوسري للمقرئ في عصرنا الحالي أجاب الدوسري موضحا ان المقرئ اصطفاه الله ليكون صاحب عقيدة سليمه وليكون من أهل العلم والاستقامة، كما أن الله اصطفاه ليقرأ كلامه على خلقه، فالمقرئ وفقا لهذه المرحلة يجد أن المسؤلية كبيرة أمام نفسه وأمام الله، وعليه ألا يكون مجرد قارئ أو مجرد ظاهرة صوتية بل لابد ان يمتلك من العلم والفكر والثقافة والوعي الكثير ومن القيم القرآنية ما يسمو به، وهذا ما يسعى إليه القراء جاهدين من أجل إزالة الصورة النمطيه عن القراء، واستشهد بكلمة لأحد رواة الحديث فقد كان إذا ختم طالب القرآن وضع يده على جبهته ويقول :"لا أعلم فوق الأرض من هو خير منك".
وفيما يتعلق بمدى استفادته من المشايخ والقراء الذين تتملذ على أيديهم قال الدوسري إن القارئ يستفيد كثيرا من اساتذته وشيوخه في امور الدين والدنيا ايضا، فالسلف كان لديهم منهج واضح والجلوس إليهم كان يحمل فوائد أخلاقيه وسلوكيه تفوق الفوائد العلمية، واستشهد بمجلس ابن حنبل الذي كان يحضره 5000 شخص والذين يدونون الفوائد من الشيخ 500 فقط بينما كان الآخرون ينصتون ليكتسبوا هديه وسمته.
تدبر القرآن
واستطرد الدوسري مشيراً إلى أن استاذه الشيخ خليل الزعبي كان يقول له: في القرآن عليه ان يجمع فيه بين لسان صحيح وعقل يتدبر وقلب يتعظ، أما شيخه صالح بن حميد فقد شجعه على ضرورة استكماله لدراسته العليا. وفي طرح حول الاولوية لحفظ القرآن أم في تدبر آياته، أشار الدوسري الى أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يتدب رون القرآن فمنهم من حفظ سورة البقرة في ثماني سنوات ومنهم من حفظها في اثنتي عشر عاما مما يعكس أنهم كانوا يحفظونها ويقرأونها بتدبر.
وأضاف الدوسري: أنه بعد بحث طويل وجد ان السلف كانوا يسيرون مع القرآن وفقا لثلاثة مسارات، مسار لحفظ القرآن، ومسار لقراءة القرآن والحروف، ومسار للتدبر، ومن هنا فإن التدبر هو الأولى وأفضل مصداقا لقوله تعالى "أفلا يتدبرون القرآن".
وفي السياق ذاته نصح القارئ الشيخ الدوسري بأن يتم اختيار أحد التفاسير وأن يتم قراءتها وإعادة قراءتها ثانية، إضافة إلى تجربة أخرى مفيدة في تدبر آيات القرآن وهي معرفة مقاصد السور كونها تساعد في قراءة السور وفهمها بشكل أعمق، فسورة البقرة مقصدها الاستخلاف في الأرض وتوضيح مواصفات الأمة المستخلفة وهذا يساعد في فهم السور، كما أن سورة هود نزلت للتسرية على النبي حيث كان في مرحلة نفسية صعبة بعد وفاة عمه والسيدة خديجة وبعد ان تكالب عليه الاعداء، "فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك "
وفي سؤال حول دور مراكز تحفيظ القرآن قال الدوسري: ان الله تعالى قال "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" فالقرآن والحياة متلازمان ولابد أن يرتبطان بالانسان المسلم، كما ان العلاقة مع القرآن لابد أن تكون علاقة العبد بربه وليس علاقة حافظ بمحفوظ، وهكذا كان حال الصحابة الذين كانوا بمثابة قرآن يمشي على الارض، حيث إنهم عاشوا مع القرآن وفقا لثلاثة أمور وهي الإيمان، والعلم، والعمل، بينما نحن مازال فهمنا للقرآن فهما قاصرا وعلى الرغم من وجود حفاظ للقرآن الا أن سلوكهم بعيد عن القرآن .
واضاف الدوسري : ان القرآن هو الكتالوج "مع الفارق في الوصف واللفظ " وخطة النجاة التي من خلالها نصل الى بر الامان واستدل بكلمة رائعة لسهل التستري موضحا فيها عظمة القرآن ومعانيه قائلا: لو فتح الله على عبد من عباده في كلمة من كتابه ألف فهم, لم يبلغ نهاية ما أودعه الله في هذه الكلمة, لأن كلام الله صفته, فكما أن الله ليس له نهاية، فصفته ليس لها نهاية, والقرآن منزل والعقل مخلوق, فلا يبلغ فهم كلام الله عقول محدثة مخلوقة كما قال تعالى " قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي).
مراحل عمرية
وفي سؤال حول مناهج تعلم القرآن الكريم للأطفال، والوقت الذهبي لحفظ القرآن قال القارئ الشيخ الدوسري: برنامج حفظ، ويرافقه برنامج سلوكي اخلاقي متكامل، فكل مرحلة لها ما يلائمها، فالطفل الصغير يحفظ أكثر ويركز على الحفظ بدرجة أكبر من الفهم، والبداية تكون بإدخال الأطفال الى محاضن قرآنية وتشجيعه بالحوافز المختلفة.
وفي طرح آخر حول القرآن الكريم وتأثيره في الحياة، وموقف يتجلى فيه أثر القرآن على الناس أجاب الدوسري أنه تعرض لموقف في إحدى المرات بينما كان يصلي بالناس تحشرج صوته كونه كان متعباً فبدا وكأنه بكاء، وكان يقرأ بأواخر سورة الحشر فإذ به يسمع صوت بكاء عال ومميز، وبعد ان انتهى من صلاته وجد رجلا يشق الصفوف ويسأله عن الآيات التي قرأها ومن أي سورة، كونه يسمعها لأول مرة واتضح ان الرجل له اكثر من عشرين عاما لم يدخل المسجد، والعبرة في هذه القصة أن هذا الشخص لم تؤثر فيه شئ سوى الآيات القرآنية، وليس صوته الذي بدا كالبكاء وكانت العبرة من هذا الدرس ان المؤثر الحقيقي هو القرآن.
كما وُصف النبي صلى الله عليه وسلم بأوصاف عديده منها قول عائشة "كان خلقه القرآن" فقد كان يتخلق بخلق كريم وكان أول من طبق القرآن الكريم حيث قال صلى الله عليه وسلم :"تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا ابدا كتاب الله وسنتي" واكد الشيخ الدوسري على أن من سيعيد الأمة للقرآن هم أهل القرآن.
مدح الرسول
ضمن فعاليات الملتقى الرمضاني الحادي عشر الذى تنظمه دائرة السياحة والتسويق التجاري تحت شعار "نسائم الرحمة" ألقى الطالب عبدالحميد زين طالب قصيدة شعرية نبطية فى حب الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك قبل المحاضرة الرئيسية بخيمة الطوار وضمن برنامج "خطيب الأمة".
ويشارك عبدالحميد الذي يدرس بالصف السادس للمرة الثانية في البرنامج حيث العام الماضى شارك كخطيب وهذا العام في إلقاء الشعر، ويتدرب على الخطابة وإلقاء الشعر في البيت برعاية ابويه اللذين يقومان على امر تعليمه وتدريبه بالجهود الذاتية.
وقد بدا زين موهوبا فى إلقاء القصائد الشعرية مبدية تفاعله مع مايلقى من شعر ، حيثما فيه دعاء يتجه بها إلى السماء ومافيه من انكسار يبدو ذلك على صوته وادائه وهكذا. وحظي الطالب عبدالحميد بتشجيع فضيلة القارئ ياسر الدوسري الذي صافحه بحرارة وأشاد بفصاحته وشجاعته وحسن إلقائه.